كتّاب عرب: ماذا حققت الضربة الأمريكية في سوريا؟
شهدت الساحة السياسية عقب الضربة الأمريكية على مطار الشعيرات العسكري في سوريا، تساؤلات وتكهنات تعلقت بالخط الذي سيمضي فيه المسار السوري، والتطورات التي ستشهدها سواء لصالح الأسد أو ضده.
وأفردت الصحف العربية اليوم، الاثنين 10 نيسان، مساحة واسعة ناقشت فيها أبعاد وخلفية الضربة الأمريكية للنظام السوري، وما ستضيفه عما كانت عليه سابقًا في عهد إدارة باراك أوباما.
ثلاثة أهداف بضربة واحدة
البداية من مقال الكاتب اللبناني، غسان شربل، في صحيفة “الشرق الأوسط”، والذي تحدث فيها عن الأهداف الثلاثة التي أفرزتها الضربة الأمريكية في سوريا، وهي “نظام الأسد وصورة بوتين والداخل الأميركي”.
وقال الكاتب “أعادت الضربة إظهار نظام الأسد في صورة نظام يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، واستعادة أمريكا قدرتها على اتخاذ القرار على المسرح السوري. أعادت إحياء التحالف الرافض لنظام الأسد وممارساته. انتعشت فكرة المناطق الآمنة”.
كما أشار إلى أنها “أصابت الرواية الروسية عن الحرب السورية، وتحديدًا في الملف الكيماوي”.
واعتبر أن “حكايات ممثل روسيا في مجلس الأمن افتقرت إلى القدرة على الإقناع، وبدت روسيا في صورة من يغطي ممارسات تذكر بويلات الحرب العالمية الثانية.. يمكن القول أيضًا إن الرواية الإيرانية أصيبت، فخطورة داعش لا تكفي لتغطية مشاهد خان شيخون ومثيلاتها”.
في حين كان الهدف الثالث الذي أصابته الضربة الأمريكية “فريقًا أمريكيًا كان يعتقد أن ترمب مدين لبوتين، وأنه سيسلم بسوريا الروسية بذريعة قطع الطريق على قيام سوريا الإيرانية”.
علاوة عما سبق أوضح شربل أنه “من المبكر التسرع والقول إن الضربة الأمريكية لمطار الشعيرات تشكل منعطفًا في الأزمة السورية”.
لكنه رأى أنه “لا يمكن التقليل من أهمية ما حدث، التهمة التي استخدمت لتبرير الضربة تجعل من الصعب على إدارة ترامب التراجع إلى موقفها السابق. الأمر نفسه بالنسبة إلى من أيدوا الضربة”.
وفي نهاية المقال اعتبر شربل أنه “على بوتين إعادة ترتيب أوراقه، لأن الرجل الجالس في المكتب البيضاوي يحب هو الآخر دور صانع الألعاب ومهندس المفاجآت”.
وتأسف من كون “كل هذه المباريات المروعة تجري على الملاعب العربية”.
اختبار أمريكي
في ذات السياق، طرح الكاتب اللبناني جورج سمعان عدة أسباب وراء الضربة الأمريكية، والخلفيات التي مهدت لها في أيامنا الماضية، واعتبر أن “الرئيس بشار الأسد أراد اختبار إدارة ترامب، إذ شجعته تصريحات تيلرسون (وزير الخارجية الأمريكي) وهايلي (مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة)”، في الأيام القليلة الماضية.
وأوضح الكاتب في صحيفة “الحياة” اللندنية، أن الأسد “لم يجد وسيلة للتخلص من ضغوط موسكو في أستانة وجنيف لإلزامه احترام الهدنة، سوى المغامرة بإثارة مشكلة بين واشنطن وموسكو تعيق رغبتهما في أي تفاهم محتمل قد يضع مصيره ومستقبله على الطاولة بين أوراق أخرى”.
كما رأى أنه “استهدف أولًا وأخيرًا إسقاط مشروع التسوية التي تسوق لها روسيا”.
وبالانتقال للطرف الآخر والأساسي، أورد الكاتب اللبناني النتائج التي عادت بهذه الضربة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ “راكم رصيدًا كبيرًا بعد هذه الضربة، ووجه رسالة قاسية إلى نظام الأسد مفادها أنه لن يفلت من العقاب بعد اليوم إذا لجأ إلى أسلحة محرمة”.
كما “قدم نفسه إلى الأمريكيين وأوروبا والعالم في صورة مختلفة عن صورة سلفه، فهو لا يتردد في قرن كلمته بالفعل، ولن يساوم في حماية الاتفاقات والمواثيق الدولية وإن تحركت بلاده منفردة أو بلا غطاء أممي”.
وفي نهاية المقال اعتبر سمعان أن “الضربة الأمريكية لا تعلن حرب تحرير في سوريا، لكنها يجب أن تثمر حرب تحريك لمسار سياسي جاد، وإلا وجدت إدارة ترامب نفسها قريبًا أمام امتحان مماثل لمذبحة خان شيخون”.
اللعبة تغيرت
وجهة نظر الكاتب الأردني محمد أبو رمان اتخذت مسارًا آخر، إذ “حملت الضربة رسالةً أهم من حجم الضربة نفسها، تتمثل بتغيير قواعد الصراع في سوريا، ليس على صعيد مصير الأسد الذي ما يزال الأكثر غموضًا في السياسات الأمريكية، بل فيما يتعلق بالدور الأميركي في الصراع السوري”.
وعرض في مقالة له بصحيفة “العربي الجديد”، تحولين كبيرين رئيسيين حدثا في السياسات الأمريكية تجاه سوريا.
التحول الأول هو “عدم تسليم سوريا للروس والإيرانيين، وحتى للأتراك أو أي طرفٍ آخر، والخروج من المعمعة، بدعوى عدم التورّط في حالة فوضى طائفية وعرقية، والرغبة بعدم الغرق في مستنقع المنطقة التي تتفكّك، كما كانت عليه حال مقاربة الرئيس السابق باراك أوباما”.
أما الثاني فهو “المقاربة الأمريكية في إعادة تعريف الأهداف الاستراتيجية في سوريا، إذ كانت سابقًا مقتصرةً على هزيمة داعش، أمّا الآن فأصبحت مزدوجة، بإضافة تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، وقطع الطريق على بناء مجال استراتيجي جديد لطهران، يمتد إلى البحر المتوسط، عبورًا إلى العراق والأراضي السورية”.
وبحسب الكاتب أبو رمان “ستسعى السياسات الأمريكية إلى كسر ما يسمى الهلال الشيعي، عبر قطع الطريق عليه في سوريا، وتعزيز قوة الأكراد حليفًا موثوقًا، بخلاف الأتراك وحكومة بغداد”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :