عنب بلدي – حلب
لم ينس الشاب محمد السعيد (أبو مروان) أساليب وطرق زراعة البطاطا والبندورة التي عمل بها في مدينة القصير بريف حمص، مع إخوته وأولاد عمومته، فنقلها إلى مكان نزوحه في الشمال الحلبي، مستأجرًا ما يقارب 30 دونمًا من الأراضي الصالحة للاستثمار، ويزرعها مناصفةً بين هذين النوعين من الخضراوات.
احتضنت مدن وبلدات الريف الشمالي من حلب في الأشهر الماضية من عام 2016، عددًا كبيرًا من اللاجئين والنازحين من المناطق السورية الأخرى، كحمص ودمشق وإدلب، نظرًا لـ”أمانها”، بعد سيطرة فصائل “الجيش الحر” عليها من تنظيم “الدولة الإسلامية”، والخطوات التنظيمية والأمنية التي قامت بها الحكومة التركية بالتعاون مع المؤسسات المدنية المحلية القائمة فيها.
خطوات جديدة بدأها النازحون حال وصولهم إلى المنطقة، كي يؤمّنوا “لقمة العيش”، من بينهم ممن تواصلت معهم عنب بلدي، استأجروا أراضي وزرعوها، فـ”الماء وفيرة من الآبار الجوفية، والإيجارات متوسطة الأسعار نسبيًا”.
أسعار محددة لاستئجار “الدونم“
في لقاء مع عنب بلدي تحدث الشاب أبو مروان عن عمله الزراعي في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، بعد أن استأجر أرضًا على أطراف المدينة، وبنى فيها مسكنًا صغيرًا مع عائلته، إلى جانب المساحة التي زرعها.
يقول أبو مروان، “استئجار الأراضي ليس جديدًا على منطقة دون الأخرى، فالأمر ينسحب على كافة المحافظات، ويعرف في الوسط المحلي بالضمان، وسبق وأن تعاملت بهذه الطريقة في مدينتي سابقًا، وأجرت واستأجرت”.
تراوح سعر الإيجار للدونم الواحد ما بين 5 و8 آلاف ليرة سورية، وذلك تبعًا للميزات والخدمات المتعلقة بالأرض المراد استئجارها.
وأوضح أبو مروان خلال الحديث أن “الأراضي في المنطقة الشمالية من حلب، تختلف أسعار استثمارها بحسب ميزاتها، كوجود بئر فيها، أو العدد الزراعية اللازمة في عملية الري والسقاية، ككابلات الكهرباء والتجهيزات الكاملة اللازمة لرفع المياه”.
وذكر حسين أبو أحمد، مزارع من بلدة دابق، معقبًا على ما قاله أبو مروان، أن جميع الأراضي في ريف حلب الشمالي حليًا زُرعت، ما عدا المحصولات الصيفية، التي من المفترض أن يزرعها الفلاحون في الأيام المقبلة.
وأضاف أبو أحمد لعنب بلدي أن “تأجير الأراضي يتم قبل عملية الزراعة بحوالي الشهرين”.
ويعتبر المورد المائي أول ما يفكر فيه المزارع قبل البدء بالزراعة، ويوضح أبو أحمد أن جميع المزروعات في المنطقة تعتمد حاليًا على الآبار الجوفية، “كون نهر قويق لم يمر هذه السنة في أراضي ريف حلب”.
وأشار إلى أن عددًا من الفلاحين زرعوا أراضي حول النهر اعتمادًا عليه (قويق)، لتُترك فيما بعد إلى مياه الأمطار.
أما فيما يخص الأسعار التي ذكرها النازح الحمصي أبو مروان، فتقارب ما تحدث عنه أبو أحمد، إذ يبلغ سعر إيجار الدونم الواحد في المنطقة عشرة آلاف ليرة سورية للموسم الواحد، كما تراوحت الأسعار بين سبعة آلاف وثمانية آلاف للأراضي التي لا تحتوي على آبار.
أين تصرّف المحاصيل؟
أنواع مختلفة من الخضراوات والمزروعات المروية تحدث عنها المزارعون السابقون، إلا أن الدارج زراعته في المنطقة، هي: البندوة، الباذنجان، اليانسون، الحبة سودة، إلى جانب القمح والشعير.
المزارع أبو أحمد أوضح أن المنتوجات الزراعية من خضراوات وغيرها، تصرّف وتباع حاليًا في السوق المحلية لمدن ريف حلب الشمالي، من خلال عدة أسواق منتشرة في المنطقة.
وتتركز عمليات البيع والتصريف بشكل أساسي، وفق “أبو أحمد”، في سوق هال مدينة مارع، بالإضافة إلى سوق مدينة اخترين، بعد أن كانت مدينة الباب سابقًا النقطة الأولى لاستهلاك هذه المنتوجات، على الرغم من سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” سابقًا عليها.
أبو مروان أكد ما ذكره أبوأحمد، وأشار إلى “سوق متبادلة في بعض الأحيان مع المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري في مدينة حلب عن طريق المناطق المسيطر عليها كرديًا، من خلال شراء المواد الأولية الزرعية، كبذار البطاطا الأجنبي المستورد، وبيع الخضراوات المنتجة في المنطقة عبر سائقين يتولون هذه العملية من وإلى الجانبين”.
تركيا تشارك في الزراعة
خلال إعداد التقرير، نشر مجلس بلدة صوران بريف حلب إعلانًا، مفاده “على الأهالي الراغبين بالحصول على شتل البندورة، مراجعة مبنى المجلس يوم السبت 8 نيسان”، مشيرًا إلى أن الشتل مقدم من وزارة الزراعة التركية.
رئيس مجلس بلدة صوران، علي الشيخ، قال “إننا نعمل ونتواصل مع الحكومة التركية، لتأمين أسمدة مبيدات للحشرات، ولقاحات للحيوانات، وتنشيط الزراعة والثروة الحيوانية”، لافتًا “هم (تركيا) جاهزون لتأمين كل ما يطلبه المزارعون في شمال حلب”.
وأضاف الشيخ في حديث إلى عنب بلدي أن “الشتل الذي سيوزع مقدم من الحكومة التركية عن طريق وزارة الزراعة، وسيقدم مجانًا للأهالي”.
إلا أن “الكمية المقدمة الآن هي دفعة أولى، على أن تقدم دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة، إلى جانب الأسمدة اللازمة والشتول بمختلف أنواعها”.
وأوضح رئيس المجلس “نعمل لرفع مستوى المزارعين، لأنهم الفئة الأكثر تضررًا في الحرب”، مشيرًا إلى أن “التوزيع سيشمل عدة قرى في المنطقة حاليًا، كقرية البل والضاهرية والطوقلي”.