عنب بلدي – العدد 94 – الأحد 8/12/2013
محمد حسام حلمي – عنب بلدي
تحدثنا في العدد السابق (93) عن التقرير الصادر عن المركز السوري للبحوث السياسة بالتعاون مع منظمة الأنروا، وتم الحديث عن الآثار الاقتصادية للأزمة. في هذا العدد سنسلط الضوء على الآثار الاجتماعية لها، حيث بدأ التقرير بالحديث عن إعادة التوزيع القسرية للسكان وحركة النزوح داخليًا وخارجيًا والآثار الناتجة عنها، ثم ينتقل التقرير للحديث عن قطاع التعليم والتدمير الذي طال البنى التحتية التعليمية وأشار إلى واقع القطاع الصحي المدمر أيضًا، بالإضافة للإشارة إلى ارتفاع خط الفقر في سوريا.
يعتبر النزوح من أهم الآثار الاجتماعية التي طالت الشعب السوري، فقد وصل العدد الإجمالي للاجئين السوريين في الدول المجاورة إلى 1.74 مليون حتى نهاية حزيران من العام الحالي، بزيادة تقدر بنسبة 34% مقارنة مع الربع الأول مع عام 2013، ويشكل الأطفال والنساء نسبة 75% من النازحين ونصفهم تحت سن الثامنة عشرة. وأشار التقرير إلى أن نسبة النزوح من سوريا تعتبر أسرع مجموعة لاجئين نموًا في العالم، وإذا ما استمرت حركة النزوح بحلول نهاية عام 2013 فإن اللاجئين السورين سيصبحون أكبر مجموعة سكانية لاجئة معاصرة.
ومن الآثار الديموغرافية تراجع معدل نمو السكان بنسبة 5.5% في الربع الأول من العام الحالي بالمقارنة مع عام 2012. أما عدد السكان الإجمالي في سوريا فقد تراجع بنسبة 8.4% بالمقارنة بالعام 2010.
أما على صعيد قطاع التعليم والتي أطلق عليها التقرير مصطلح “الأزمة الصامتة” حيث يعتبر التعليم من أكبر المتضررين بعد تدمير 2994 مدرسة حسب إحصائيات وزارة التربية في تموز 2013، إلى جانب استخدام 683 مدرسة كمراكز إيواء للنازحين داخليًا. ويقدر معدل التسرب المدرسي الذي يعتبر من أهم المؤشرات لقياس أزمة التعليم بـ 31.7% خلال عامي 2011-2012 وارتفعت نسبة التسرب إلى 46.2% في الربع الأول للعام الحالي 2013 لتصل إلى نسبة 49% في الربع الثاني لعام 2013، ما يعني أن قرابة نصف أطفال سوريا أصبحوا خارج العملية التعليمية. ويختلف معدل التسرب بحسب المنطقة وحجم أعمال العنف فيها، فقد سجلت كل من حلب والرقة أعلى معدلات تسرب للأطفال من المدارس بنسبة تصل إلى 94%.
هذا وقد قدرت كلفة فقدان رأس المال البشري بـ 0.42 مليار دولار أمريكي خلال الربع الثاني من العام الحالي، لتصل بذلك إجمالي الخسائر في رأس المال البشري إلى 2.3 مليار دولار. وخسر مؤشر التنمية البشرية في سوريا 20.6% من قيمته بالمقارنة مع عام 2010، ويشار إلى أن فقدان رأس المال البشري وتراجع مؤشر التمنية البشرية سينعكس على مؤشرات النمو الاقتصادي والاجتماعي في المستقبل.
أما القطاع الصحي فقد انهارت المنظومة الصحية في سوريا مع تدمير الكثير من المشافي والمراكز الصحية ونزوح وهجرة العاملين في القطاع الصحي من الأطباء وغيرهم إلى جانب وفاة العديد منهم، وانهارت معها أيضًا الصناعة الدوائية المحلية. فحسب إحصائيات وزارة الصحة فإن 57 مشفى حكومي من أصل 90 قد تضررت، وأن 40% منها خارج الخدمة. أما على صعيد مراكز خدمات الرعاية الصحية فتقدر نسبة المراكز خارج الخدمة بـ 61% بينما تعتبر 34% من باقي المراكز العاملة غير آمنة، وتقدر المراكز التي تعرضت لأضرار بـ 5%. ومن أهم الآثار الصحية التي خلفها انعدام المنظومة الصحية انتشار شلل الأطفال بسبب فقدان لقاحات الأطفال. أما على صعيد الصناعات الدوائية فتقدر نسبة المعامل المتوقفة عن الإنتاج بنسبة 90% .
بالنسبة للفقر فقط أصبح أكثر من نصف الشعب السوري تحت خط الفقر، ويقدر التقرير أن 7.9 مليون شخص إضافي قد انضموا إلى قائمة الفقراء حتى نهاية الربع الثاني مع العام الحالي 2013، وازداد المستوى الكلي للفقر بنسبة 171% بالمقارنة مع ما كان عليه سنة 2010.
إن قراءة وتحليل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في سوريا تظهر حجم الكارثة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية التي حلت بالبلاد، وإذا ما استمرت حالة الصراع الحالية دون حسم فإن مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية في سوريا سيخلق المزيد من حالات اللاتوازن واللامساواة، ومزيدًا من التعقيد في بناء البلد بعد الأزمة.