قنديل ضاهر
لا يخلو طريق حياة الإنسان من عوائق وحواجز تمنعه من المضي قدمًا فيه بسلاسة وسرعة، ربما تحبط البعض وتجعل آخرين يفشلون ويستسلمون لليأس.
ولكن بالنسبة للناجحين في الحياة فهم يرون أن هذه العوائق ليست سوى امتحانات وتحديّات لهم تزيدهم صلابة وقوة في الحياة.. هذا التباين في طريقة فهم هذه العوائق ليس سوى اختلاف في النظر وطريقة التفكير.
وما أحوجنا في هذه الأيام لتغيير طريقة تفكيرنا هذه، وننظر لكل ما يحصل لنا على أنّه تحدّ واختبار يدفعنا لمزيد من العمل واستثمار الوقت لنكون كما يجب أن نكون أوقات الأزمات الكبرى، كالتي نعيشها كسوريين الآن.
كل عائق يقف في طريقك هو طريق بحدّ ذاته، هو امتحان يدفعك لإخراج ما في داخلك من طاقة وإعمالها في تحدي العائق والتغلب عليه لتمضي في طريق جديد أكثر نجاحًا وأكثر سعادة.
يسمي البعض هذا بالخبرة، فكلما واجهتك العوائق والمشاكل وتغلبت عليها بنفسك وعالجتها تزيد نفسك قوّة ومعرفة وتصبح أكثر خبرة وحكمة في الحياة.
ربما يبدو هذا غريبًا للبعض، هنا بعض الأمثلة ربما توضّح الأمر:
• المماطلة في العمل أو الدراسة:
المماطلة هي علامة، أو عَرَض، يسبب تأخير كبير في إنتاجك وربما يتراكم لاحقًا ويصبح سبب فشلك، لكنه من جهة أخرى يضيء لك المشكلة التي تواجهها، فربما تكون خائفًا من بطء فهمك لبعض المحاضرات والدروس بينما زملائك يفهمون بشكل أسرع وأحسن، ربما تكون خجولًا وغير مرتاح في بيئة عملك ولا تستطيع أن تثق بنفسك مع ملازمة هذا الشعور لك، فتماطل وتؤجل كل محاولات حل هذه المشاكل. لكن ما إن تبذل جهدًا حقيقيًا في الدراسة رغم خوفك، أو تعمل وتمضي قدمًا في وظيفتك متجاهلًا خجلك رغم عدم ارتياحك، حتى ترى نتيجةً مذهلة في دراستك أو عملك، وستتغلب تلقائيًا على هذه المشاعر السلبية لتصبح أقوى ويصبح ذلك العائق من الماضي.
• الخجل من مقابلة الناس:
وهذا شائع في مجتمعنا، وكثيرون يعانون منه، فلا يستطيع الخجول أن يتكلم بجملتين بشكل صحيح أمام مجموعة من الناس، لا يمكنه أن يقدّم فكرته بشكل جيّد لمحيطه رغم ايمانه بها وإتقانه في تنفيذها، وكل ذلك بسبب خجله، وأحيانًا تتفاقم المشكلة ويتراكم الخجل ليصبح عقدة تسبب الفشل على الصعيد الاجتماعي. إذا كنت تعاني من هذا العائق في حياتك، فبدل أن تجلس في منزلك وتتجنّب اجتماعك مع الناس وتخشى التعرّف على أصدقاء جدد، واجه خجلك هذا واخرج من منزلك واختلط بالناس وحاول أن تتعرف على طرق بناء العلاقات من الكتب ومن خبرة الأهل والأصدقاء، وجرّب ذلك مع أناس جدد ولاحظ الفرق. تعلّم التحدّث بلغة جديدة سيساعد في التغلب على هذه المشكلة أيضًا.
• انتقاد الناس لك لأنك مختلف ولأنهم لا يفهمون ماذا تفعل!
متى ما أراد الإنسان أن يعيش حياة مختلفة عما عاشه آباؤه وأبناء مجتمعه، أو أراد تغيير ما ورثه من عادات وتقالي،د سيجد سيلًا من الانتقادات الهدّامة غالبًا. سيصبح هذا الأمر عائقًا في وجه التغيير الذي يطمح له، ربما يوتّره ويجعله يغضب ويحنق عليهم، وربما يسوء الأمر فعلًا ويعود كما كان مدجّنًا كما يريده النظام الاجتماعي أو العقل الجمعي.
وربما ينظر للأمر بطريقة مختلفة ويشكرهم على حرصهم عليه وحبهم له، يبتسم في وجههم ويجلس معهم يحاورهم ويناظرهم حول الأفكار التي يجب تغييرها أو تطويرها وما يحاول فعله من أجل نفسه ومن أجلهم، ربما يتفهمونه بهذه الطريقة أو يتفهمهم ويتبادل الطرفان الفائدة.
بتغيير نظرتك للعائق يمكن أن تجعله عاملًا مساعدًا في حياتك.
• الضعف، الغضب، الخسارة، التسرّع، الحسد…
كل المشاكل والعوائق التي يمكن أن تضعفك وتوقفك في طريق حياتك وتمنعك من النجاح والسعادة يمكن مواجهتها والتغلب عليها فقط بتغيير نظرتك لها، فقط تعامل بمرونة معها.
الأمثلة كثيرة جدًا ولا تنتهي.. ولكن القاعدة بسيطة جدًا:
عندما يصادفك عائق أو مشكلة، لا تلتف حولها وتتجنبها لأنها ستعود لك في يوم آخر، لا تهرب منها. اذهب إليها.. واجهها.. تعامل معها.. اكتشفها.. راقبها مع نفسك.. اكتشف الحل واعمل عليه.. ستجد متعة في التغلب عليها.. ستشعر بالقوّة، وستزيد نفسك خبرة في طريق حياتك الطويل.
البعض يقول أنّه بدون المشاكل والعوائق في الحياة.. ستبدو الحياة مملّة جدًا.
استمتع برحلتك.