القـاعـــدة شماعة النظام الجديدة
جريدة عنب بلدي – العدد 16- الأحد – 20-5-2012
يبدو أن الأسد قد استنفذ كافة أوراقه خلال قمعه للثورة السورية ولم تعد الخيارات المطروحة أمامه كافية لسد ذرائعه في قصف واقتحام المدن وقتل المزيد من السوريين، وهو يحتاج بشدة لما يبرر موقفه أمام الرأي العالم العالمي. فمنذ انطلاقة الثورة وبعد ثلاثة أشهر من قتل واعتقال المتظاهرين السلميين، خرج في مجلس الدمى ليخبر العالم بأسره بوجود عصابات إرهابية مسلحة في حين كانت فيه الثورة السورية سلمية بامتياز وحينها صرح بأن سوريا تتعرض لمؤامرة «كونية» واختلق أعذارًا وحججًا واهية. كانت تلك التصريحات موجهة للشارع السوري حصرًا.. للمؤيدين والصامتين كي يقنعهم بوجود خطر يتجهمهم في حال استمرت الثورة السورية بالامتداد. من هنا استشعر الشبيحة الخطر المحدق بهم واستشرفوا مصيرهم المحتوم فاستشرسوا للدفاع عن الأسد ومملكته المتخلخلة.
وازدادت وحشية قصف المدن والقتل والدماء كما ازدادت وتيرة الاعتقالات التي طالت الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، ظنًّا من الأسد وأتباعه أن ذلك يردع الثوار ويثنيهم عن المضي في ثورتهم فكان ردهم على الأرض مخيفًا ومربكًا للأسد وحكومته، فقتل شخص يعني خروج مئات آخرين واعتقال شخص لإخراس صوته يعني تعالي آلاف الأصوات… وبدأ الأسد وحكومته بكيل التهم جزافًا هنا وهناك لتكتمل فصول رواية المؤامرة الكونية. وعندما استهلك الأسد جلّ أوراقه المتاحة أمامه، وبعد تعالي أصوات المجتمع الدولي المناوئة لتصرفاته في سوريا، كان لزامًا عليه اختلاق مبررات لأعماله الوحشية فارتكن إلى ورقة الإرهاب بعد أن وجدها ورقة رابحة لما لها من عمل سحري في العالم.
من هنا بدأ مسلسل التفجيرات المصطنعة، وكان أول تفجير يهز العاصمة قرب فرع أمن الدولة، وعلى الفور اشتمت «الجهات المختصة» رائحة المؤامرة تفوح من مسرح الانفجار، فوجهت أصابع الاتهام للعصابات المسلحة ثم بعد عدة دقائق وجهت أصابع الاتهام لجماعة الأخوان المسلمين، التي تبنت «بدورها» تلك التفجيرات على صفحتها الرسمية. لكن غباء الأسد وزبانيته جعل الثوار يكتشفون السر وراء تبني عملية التفجير، إذ اكتشفوا أن الموقع الذي أعلن من خلاله تبني التفجيرات الإرهابية لا يمت لجماعة الأخوان المسلمين بصلة، ونفت جماعة الأخوان علاقتها بالحدث، ليستمر بحث الثوار عن المصدر ويكتشفوا أن الصفحة أختلقها شخص يدعى إميل قس نصر الله وهو من أذناب النظام فكان من تبنى التفجير هو العدو الافتراضي «الأخوان» الذي ظهر في النهاية أنه ذنب النظام ليقوم بعد فترة بإغلاق الصفحة وكأن أمرًا لم يكن بعد أن افتضح أمره على الملأ..
ثم ليعود مسلسل التفجير في القزاز، وهذه المرة كان التفجير بنكهة خاصة فلقد كان في ساعات الصباح الأولى متزامنًا مع خروج الطلاب والموظفين إلى وجهاتهم، واكتشفت الجهات المختصة «قدس الله سرّها» على الفور تورط القاعدة بتلك التفجيرات.. وكان أن خلق عدوًا افتراضيًا جديدًا حيث انتشر فيديو على قناة اليوتيوب تبنى فيه أحد أفراد جماعة «جبهة النصرة لأهل الشام» تفجيرات دمشق وكذلك حلب والعديد من التفجيرات الأخرى. في الوقت الذي نفت فيه «جبهة النصرة لأهل الشام» علاقتها بالتفجيرات الحاصلة في سوريا.
ما يثير الريبة في تفجير القزاز قيام الحكومة السورية ببناء جدار إسمنتي حول سور فرع الأمن الذي استهدفه التفجير «الإرهابي» قبل حوالي 4 أشهر من حصوله، وبعيد انتهاء عملية البناء بقليل، حصل الانفجار!! وقامت عناصر الأمن بإغلاق كافة الطرقات الفرعية المحيطة بمكان التفجير لتزيد من الأزمة المرورية وحشد المزيد من الأشخاص في نقطة التفجير ناهيك عن تسرب خبر حدوث انفجار عند الساعة السابعة والنصف لمدرسة البيزنسون الخاصة، وهي تابعة للراهبات ومعظم روادها من أبناء كبار الضباط والمسؤولين، حيث تم إفراغ الروضة من الأطفال والمدرسين على الفور.. وكان توقيت الانفجار عند الثامنة إلا ثلث صباحًا.. فكيف تسرب خبر وجود تفجير!! وهل القاعدة باتت رحيمة «بالصليبيين الكفرة الفجرة» على حد وصف القاعدة لتوصل إليهم خبر التفجير وتنقذهم من عواقبه الوخيمة؟؟ وغياب عناصر الأمن الموجودين على الدوام على الحواجز القريبة يدعو للشك بيد أن حديث شهود عيان عن خروج السيارة التي قامت بعملية التفجير من داخل فرع الأمن يدعوك للصدمة، أتتخذ القاعدة من فروع الأمن السورية مقرًا لها؟؟ كيف لا وقد عمل نظام الأسد حثيثًا طوال السنوات الماضية على توريد عناصر القاعدة إلى العراق بعد تدريبهم وتجهيزهم كما يجب، وبعد مد يد العون لجماعة جند الشام في نهر البارد في لبنان، فنظام الأسد كان الداعم الأول للقاعدة هو وحليفته إيران، التي سهلت دخول عناصر القاعدة إلى العراق من أفغانستان عبر أراضيها في الوقت الذي لم يلحظ نشاط للقاعدة على الأراضي السورية قط.
من جهته، صرح بان كي مون أن تنظيم القاعدة قد يكون وراء التفجيرات الأخيرة بينما رفض روبرت مود تأكيد تلك التصريحات!! والشعب السوري الثائر بات مدركًا لفصول المؤامرة الحقيقية.. المؤامرة التي يحيكها النظام والمجتمع الدولي ضد «الشعب» وهو يعي تمامًا أن لا حلّ يلوح في الأفق إلا بتكثيف الجهود الثورية على الأرض وتوحيد العمل الثوري بكافة أشكاله وإشعال سوريا بلهيب الثورة، الأمر الوحيد الذي يكفل سقوط النظام وسقوط رواياته الكاذبة التي يؤيدها المجتمع الدولي بأسره.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :