عنب بلدي- خاص
فشلت فصائل المعارضة السورية في طرق أبواب مدينة حماة مجددًا، في هجوم واسع هو الثالث من نوعه خلال أربعة أعوام، لتعود أدراجها وتحتفظ بمكتسبات خجولة لم تضفِ أي تغيير جوهري على خارطة السيطرة في المحافظة الوسطى.
أسباب تقف وراء فشل الهجوم الأخير
وقادت فصائل فاعلة شمال ووسط سوريا، هجومًا واسعًا في 21 آذار الماضي، انتهى فعليًا في 31 آذار، أي بعد عشرة أيام فقط، شهدت تقدمًا وانسحابًا سريعًا من المحورين الشمالي والشمالي الغربي، وعزت مصادر في “الجيش الحر”، وأخرى مطّلعة على سير المعارك، أسباب الانسحابات لأربع نقاط رئيسية، توردها عنب بلدي كالتالي:
عشر ميليشيات أجنبية ومحلية
استدعى النظام السوري معظم الميليشيات العاملة في الشمال والجنوب السوري إلى محافظة حماة، لوقف تمدد المعارضة الحاصل.
ورصدت عنب بلدي استقدام ميليشيات من الجنوب السوري، أبرزها “درع القلمون” و”فوج الجولان”، وأخرى من الشمال وهي “قوات النمر” و”حركة النجباء” العراقية، ومن ريف حمص “حراس الفجر” و”نسور الزوبعة”.
كذلك شارك في صد الهجوم قوات “الحرس الثوري” الإيراني من اللواء 47 في ريف حماة الجنوبي، ومقاتلو “حزب الله” اللبناني.
الاعتماد على الغازات السامة
اعتمدت قوات الأسد في هجومها المعاكس على تكثيف غاراتها الجوية واستخدام مواد سامة، وتحديدًا غاز الكلور والفوسفور العضوي.
وتركز القصف بالمواد السامة على ريف حماة في الفترة الممتدة من 25 وحتى 30 آذار الجاري، وخصوصًا على مدينتي اللطامنة وكفرزيتا والمناطق المحيطة بهما، بحسب مصادر طبية.
وتسبب استخدام المواد السامة في القصف بعشرات حالات الاختناق، وازدياد موجات النزوح التي تجاوزت 50 ألف مدني، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
تفرّد “هيئة تحرير الشام“
آثرت “هيئة تحرير الشام” دخول معركة قمحانة منفردة دون غيرها من الفصائل، رغم التعاون الذي أبدته في معركتي صوران ومعردس مع فصائل محلية أبرزها “جيش النصر”.
وتلقت “تحرير الشام” ضربات موجعة في ثلاثة اقتحامات فاشلة لقمحانة، أبرزها حين وقع نحو 50 عنصرًا من مقاتليها في كمين شمال البلدة، قتلوا جميعًا إثره، الجمعة 24 آذار.
وتسببت الخسائر البشرية والاستنزاف في الفصيل بانكفائه عن دخول قمحانة، لتأخذ المعركة طابع الهجوم المعاكس لقوات الأسد والميليشيات الرديفة.
تخطيط فاشل لـ “أحرار الشام“
دخلت “حركة أحرار الشام” وفصائل أخرى منها “فيلق الشام” و”أجناد الشام” معارك حماة بغرفة عمليات منفصلة، تحت اسم “صدى الشام”، في 24 آذار، كان محورها مدينة كرناز والبلدات المحيطة بها في ريف حماة الشمالي الغربي.
لكن المعركة مُنيت بفشل ذريع، ولم تحرز أي تقدم في هذا المحور، لتنتقل إلى محور آخر يستهدف بلدات وحواجز لقوات الأسد بين مدينتي محردة والسقيلبية، لتفشل أيضًا في إحراز أي تقدم.
وعزت المصادر الميدانية فشل “صدى الشام” إلى اتباعها أسلوب “تحرير الشام” في العمل بشكل منفصل عن باقي الفصائل، ولا سيما “جيش العزة” الذي سيطر على نحو عشر بلدات ضمن غرفة “في سبيل الله نمضي”.
كذلك رأت المصادر أن “أحرار الشام” وباقي الفصائل المشاركة، فشلوا في قراءة طبيعة الأرض والحواجز والتحصينات الدفاعية لقوات الأسد، ما أجبرهم على الانسحاب.
معارك سابقة لاقت ذات المصير
ولم تكن معركة حماة الأكبر من نوعها، بل شهدت المحافظة معارك مشابهة في العامين 2014 و2016 على التوالي، وصلت من خلالها المعارضة إلى مواقع متقدمة من المدينة، لكنها انسحبت بشكل خاطف وبذات الأسلوب.
“بدر الشام الكبرى“
أعلنتها فصائل المعارضة في تموز 2014، وشارك فيها عدة فصائل في المنطقة الوسطى والشمالية، أبزرها “جند الأقصى” المنحل، وسيطرت فيها الفصائل على مناطق واسعة في الريفين الشمالي والشمالي الغربي، ووصلت إلى بلدة شرعايا المطلة بشكل مباشر على أول أحياء مدينة حماة.
قوبلت المعركة بهجوم معاكس لقوات الأسد والميليشيات الرديفة، واستعادت في غضون أيام معظم المناطق التي خسرتها، وعزت مصادر ميدانية الانسحاب المفاجئ للمعارضة بسبب ضعف التنسيق بين الفصائل وضيق خط الجبهة، ما مكّن النظام من استعادتها معتمدًا على سياسة “الأرض المحروقة”.
“غزوة مروان حديد”
أيضًا قاد فصيل “جند الأقصى”، بمؤازرة فصائل معارضة أخرى، هجومًا واسعًا في ريف حماة الشمالي، في أيلول 2016، وتركز على المحورين الشمالي والشمالي الشرقي، ووصلت الفصائل إلى أبواب بلدة قمحانة وجبل زين العابدين.
انسحاب “جند الأقصى” جاء، وفقًا لقادة ميدانيين، بسبب دخوله متفردًا مع فصائل ضعيفة نسبيًا في المعركة، وبسبب استنزاف قواته على جبهة بلدة قمحانة، إلى جانب الاقتتال بينه وبين “أحرار الشام”، بالتزامن مع الهجوم.
مازالت المعارضة تسيطر على مدينة صوران وبلدة معردس في الريف الشمالي، إلى جانب مكتسبات هجوم العام الماضي، المتمثلة بمدينتي طيبة الإمام وحلفايا، بينما خسرت نحو عشر بلدات وقرى في غضون خمسة أيام.