"مشهدٌ مستقطع من فلم رعب"
أهالي الرقة ينزحون عنها.. “نُباد برعاية دولية”
أورفة – برهان عثمان
ملأت صرخات أهالي الرقة أرجاء المدينة، وتكررت على ألسنتهم جملة “اهربوا السد ينهار.. اهربوا من طائرات التحالف“، كلماتٌ انتقلت سريعًا بين أحياء المدينة المنكوبة، في مشهدٍ وصفه ناشطو المدينة بـ“الأكثر رعبًا منذ سنوات”.
تروي الستينية أم حسن، التي تقطن في حارات البدو داخل المدينة، لعنب بلدي، ما جرى معها وعائلتها قبل أن تنزح إلى خيمة صغيرة في ريف المدينة، وتصف الأحداث بأنها “مشهد مستقطع من فلم رعب، جمعنا ما تيسر من أمتعتنا، وسلكنا طرقاتٍ دون أن نعرف مقصدنا”.
لم تكن تطمينات عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي يسيطر على المدينة، كافية لإيقاف هلع الأهالي، رغم تجوّل سيارات الحسبة في شوارع الرقة حينها، معلنة عبر مكبرات الصوت أن “السد بخير”، إلا أنها لم تجد آذانًا صاغية، فالجميع تخوفوا من “الطوفان”، أو من مجزرة قد تنفذها طائرات التحالف الدولي، التي أمطرت المدينة وريفها بالغارات خلال الأيام الماضية، وفق أم حسن.
“حرب نفسية” تستهدف من يرفض الخروج
تضاربت الأنباء حول حالة السد الفنية، إلا أن الأهالي لا يختلفون على أنهم ربما يكونون هدفًا جديدًا لطائرات التحالف، التي تُعلن أنها تستهدف مقرات التنظيم، ويقول العشريني أبو مجاهد، أحد شباب المدينة، إن ما جرى “حرب نفسية تهدف إلى تهجير من بقي من السكان الذين يرفضون الخروج”.
ويرى الشاب أن الأحداث المتسارعة “تخطيط منظم من قوات التحالف، لبث الرعب في نفوس المدنيين”، معتبرًا أن استمرارها بالقصف المكثف، “ربما يجعل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تدخل المدينة للتمشيط فقط ودون عناء”.
استقبلت الرقة خلال الأشهر الأخيرة، آلاف النازحين من تدمر وريف حلب، ما جلب كثافة سكانية إلى جانب أكثر من 200 ألف مدني يقطنون المدينة، ويصف أبو مجاهد ما يجري بأنه “توزيع ديموغرافي جديد لإفراغ المنطقة من أهلها”.
نزوح أعداد “كبيرة” من أهالي المدينة، جاء بسبب ارتفاع عدد الضحايا إثر القصف، وفق معظم أهالي المدينة، الذين تحدثت إليهم عنب بلدي، ويرى حسن المخلف، نازح من أهالي الرقة، أن “هدف التحالف لم يكن استهداف مقرات التنظيم، بل ترهيب المدنيين ودفعهم للرحيل”.
نزوحٌ في الأرياف
قرىً كاملة نزحت إثر القصف، وأخرى بعد انقطاع المياه، عقب فتح إحدى القنوات النهرية بحجة تخفيف ضغط المياه عن السد، ومنهم أهالي قرية اليمامة، في الريف الشمالي، الذين فرّوا إثر طوفان “قناة البليخ”، ما تسبب بغرق الأراضي الزراعية ومنازل الأهالي.
أبو محمد، سبعينيٌ بقي داخل حيه (الدرعية)، يقول لعنب بلدي إن “الرقة تستغيث وتستعين بالله على قدرها”، واصفًا ما يحدث بـ”الإبادة”، ويؤكد أن مناطق واسعة “أصبحت شبه فارغة، ما أجبر الأهالي على التنقل بين ريفي الرقة ودير الزور ضمن مناطق سيطرة التنظيم”.
الأحداث المتسارعة في الرقة وريفها، دعت ناشطين لإطلاق وسم “الرقة تُباد برعاية دولية”، مطالبين بتأمين طرق آمنة للمدنيين، بينما قدّرت مصادر أهلية في حديثها إلى عنب بلدي، أن 400 مدني قتلوا خلال أقل من عشرة أيام، إثر قصف “التحالف”.
وأدان كثيرون ما يتعرض له المدنيون في الرقة، “بين وحشية عناصر تنظيم الدولة، وقصف الطيران”، معتبرين أنه “انتهاك صارخ وصريح للقانون الدولي الإنساني من جهة، وفرصة لاستخدامه من قِبل التنظيمات الإرهابية، وتصويره على أنه اعتداء واضح على حياة المدنيين، ما يُخفي إجرام داعش”.
بعيدًا عن تفاصيل تضرر السد، يعيش أهالي الرقة أيامهم بقلوب مرتجفة، وفق وصف البعض، فبينما يتخوف الأغلبية من مجازر جديدة، يُحذّر أبو محمد في ختام حديثه من “كارثة إنسانية” وسط زيادة موجة النزوح، وتضرر كثير من العوائل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :