جامعات درعا خاوية على عروشها أو مستعمرات أفغانية

  • 2017/04/02
  • 11:34 ص
مقاتلون أفغان داخل جامعة اليرموك بدرعا - 2015 (وكالة نبأ)

مقاتلون أفغان داخل جامعة اليرموك بدرعا - 2015 (وكالة نبأ)

عنب بلدي – درعا

بدايات عام 2013، بدأت الجامعات الخاصة على أوتوستراد دمشق– درعا، تُغلق الواحدة تلو الأخرى، وتنقل مراكزها ومقارها باتجاه العاصمة دمشق، لتستقر هذه الجامعات في المدارس والفنادق، تاركة خلفها عشرات الأبنية والمختبرات العلمية المجهزة، بذريعة أن المنطقة لم تعد آمنة، على الرغم من أن المعارك لم تقترب من تلك المنطقة في حينها، ولم تصل إليها حتى الآن.

وترك هذا القرار انقسامًا بين الطلاب، بين أبناء العاصمة دمشق وطلاب محافظة درعا أنفسهم.

قرارٌ اضطراري أم لإيقاف الحراك؟

تحتضن محافظة درعا عدة جامعات خاصة أنشئت في السنوات القليلة التي سبقت انطلاق الثورة السورية، فاستفادت إداراتها من المساحات الواسعة الواقعة على أوتوستراد دمشق – درعا الدولي، لافتتاح جامعات قدمت الشهادات الجامعية لعشرات الآلاف من الطلاب في محافظتي دمشق ودرعا بشكل خاص.

ومن أبرز هذه الجامعات، الجامعة العربية الدولية، وجامعة اليرموك، وجامعة قاسيون، وجامعة الرشيد، والجامعة السورية الدولية.

وامتازت هذه الجامعات على الرغم من حداثة عهدها، بتقديمها لخدمات جامعية عالية باختصاصات مختلفة، ورفدت أطقمها التعليمية بمحاضرين من جنسيات مختلفة، بينهم أردنيون ولبنانيون وعراقيون، ما جعلها تنافس الجامعات الحكومية رغم ما تمتلكه من خبرات امتدت لعشرات السنين.

ولم يكن يعيب هذه الجامعات إلا ابتعادها عن التجمعات السكنية، وافتقارها إلى أبنية السكن الجامعي، ما جعل الطلاب يعتمدون على المواصلات في تنقلاتهم، فالطلاب القادمون من مدينة درعا، على سبيل المثال، كانوا يقطعون مسافات تتجاوز 120 كيلومترًا، ذهابًا وإيابًا، بشكل يومي، للوصول إلى جامعاتهم.

عنب بلدي تحدثت إلى وسيم العمري، أحد طلاب الجامعة السورية الدولية، الذي اضطره قرار إغلاق الجامعة ونقلها إلى دمشق، لعدم استكمال مسيرته التعليمية، معتبرًا أن القرار لم يكن لدواعٍ أمنية، بل كان محاولة لإيقاف “الحراك الثوري” في الجامعات، موضحًا “شهدت الفترة قبل قرار إغلاق الجامعات حراكًا ثوريًا كبيرًا في معظم الجامعات الخاصة، وكان النظام عاجزًا عن إيقاف هذه التحركات بسبب غياب أي مراكز أمنية قريبة، فشهدت الجامعات مظاهرات حاشدة، ورُفعت اللافتات، وكُتبت شعارات ثورية على جدرانها، وشهدت أيضًا صدامات بين الطلاب الثوار ومؤيدي النظام”.

وأضاف وسيم أن دخول الثورة إلى الجامعات وعجز النظام عن إيقافها، دفعه لإعطاء أوامر بإغلاق هذه الجامعات ونقل مراكزها إلى دمشق، “ليس سهلًا أبدًا أن تطلب من جامعة أن تغلق أبوابها ومخابرها ومدرجاتها، التي كلف بناؤها مئات الملايين، لتبدأ تبحث عن مكان آخر، ولكن كان هدف النظام إيقاف أي حراك مهما كان الثمن”.

هذا القرار “المجحف” بحق الجامعات وطلابها، بحسب تعبير وسيم، اضطره، وغيره من طلاب محافظة درعا، لترك الحياة الجامعية، “كان يجب أن ننتقل ونسكن في دمشق، ونتحمل أعباء مادية إضافية”.

ولفت إلى صراعٍ داخلي عاشه “الأهم من ذلك، وضعت حينها أمام خيارين: إما البقاء بجانب أهلي مع توسع دائرة المعارك بين الثوار وقوات الأسد في درعا، أو تركهم والانتقال لدمشق لإكمال دراستي، واخترت البقاء بجانبهم”.

خاوية على عروشها أو محتلة

هذه الجامعات لم تعد مهجورة من طلابها وأساتذتها فقط، بل أصبحت خالية من أجهزتها ومختبراتها أيضًا، وباتت مجرد أبنية خاوية، بعدما تكلّف القائمون عليها، مئات الملايين لإنشائها.

ولكن هذه الحال لا تنطبق على جامعة اليرموك، التي تحولت لمقر رئيسي للميليشيات الأفغانية، وباتت ترفع أعلامها الطائفية فوق أبنيتها، وهو ما أثبتته صورٌ مسربة لوكالة نبأ المحلية، نشرتها عام 2015.

عنب بلدي تواصلت مع إياد، وهو أحد العاملين في جامعة اليرموك، وأكّد أن الجامعة نقلت محاضراتها ونشاطاتها، كغيرها من الجامعات، إلى دمشق، ولكنها فقدت إدارة بنائها بالكامل، موضحًا “جامعة اليرموك هي ملك لرجل الأعمال المهندس وليد الزعبي، الوزير السابق في الحكومة المؤقتة، وأحد أبرز رموز المعارضة والحراك الثوري في محافظة درعا، والذي أصدر النظام قرارًا بمصادرة جميع ممتلكاته، بما فيها الجامعة، التي حوّلت لمقر للميليشيات الأجنبية”.

إدارة الجامعة عزلها النظام نهائيًا، وأصبحت تخضع لإدارة تم تعيينها من قبل وزارة التعليم العالي في حكومة النظام، أما عن أبنيتها فيضيف إياد، الذي تحفّظ على نشر اسمه الكامل، “قمنا بإخلاء كامل المعدات والتجهيزات وأصبحت الأبنية خارجة عن إدارتنا، بعد أن تحولت لمقر عسكري ولا يسمح لنا بالاقتراب منها أبدًا”، لتتحول هذه الجامعة من صرح تعليمي، إلى ثكنة عسكري تحتلها الميليشيات الأجنبية.

تتردد أنباء إعلامية بين الحين والآخر، عن نية الجامعات الخاصة على أوتوستراد دمشق – درعا، بالعودة إلى مقارها مرة أخرى، لتصطدم هذه الأنباء، بمعوقات غياب طلاب محافظة درعا نهائيًا، وبالحواجز العسكرية التي تنشرها قوات الأسد في محيطها، لتبقى هذه الصروح التعليمية خاوية، تنتظر مستقبلًا غامضًا.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع