عنب بلدي – أسماء رشدي
أم لديها طفلان، أحدهما عمره ثلاث سنوات، يبدو وحيدًا، لا يندمج مع أصدقائه، وغير مبالٍ بالآخرين. والثاني يبلغ من العمر خمس سنوات، لديه رهاب من المدرسة. تسأل ما الذي يمكنها القيام به لمساعدتهما على تطوير المهارات الاجتماعية التي يحتاجانها لحياتهما المستقبلية؟
بعض الأطفال هم أكثر براعة اجتماعيًا من غيرهم، وهذا النوع من الناس يجذبون الآخرين إليهم، ولديهم القدرة على تكوين صداقات بسهولة. ولكن لا تقلق إذا لم تنطبق هذه الصفات على أطفالك، في النهاية المهارات الاجتماعية مثلها مثل باقي المهارات الأخرى، يمكن تعلمها.
المهم هو قدرة الأطفال على تشيكل روابط ذات مغزى مع الآخرين، والقدرة على التعاطف والتفاعل مع الآخرين بشكل مناسب، وامتلاك المهارات للتكيف في المواقف غير المريحة.
طبعًا، حسب عمر الطفل (أي في مرحلة ما قبل المدرسة) يحتاج مهارات اجتماعية محددة مثل مهارة الاستماع، واتباع التعليمات والقواعد، وانتظار الطفل دوره حتى يأتي ليتكلم، وغيرها.
يجب ألا ننسى أن هناك أطفالًا خجولون بطبيعتهم ويميلون إلى العزلة، وهناك أيضًا أطفال أصبحوا منعزلين نتيجة مواقف اجتماعية معينة، مثل توبيخ الطفل أمام الآخرين.
الكثير من الأشخاص يعتقدون أن الأطفال بحاجة إلى قضاء الكثير من الوقت مع أصدقاء لهم، لتطوير وتقوية مهاراتهم الاجتماعية، الحقيقة هي لا. على الرغم من أن لعب الأطفال مع بعضهم في مرحلة ما قبل المدرسة قد يثري حياة الطفل اليومية، إلا أنه قد يكون بابًا لجعلهم يتصرفون بطريقة سيئة أيضًا، كما أن التنشئة الاجتماعية التي يرغب أي والدين لطفلهما أن ينشأها لا يجب أن تقتصر على الأطفال الآخرين وما يتعلمه منهم، فالوالدان هما أفضل نموذج اجتماعي لأطفالهما لتعلم التعاون، والمشاركة، والتعاطف، وضبط النفس وغيرها.
كيف أساعد طفلي على تنمية المهارات الاجتماعية المطلوبة في مرحلة ما قبل المدرسة؟
إن المكان الأول الذي يتعلم فيه الأطفال المهارات الاجتماعية هو المنزل، وما نقوم به كآباء هو أكثر أهمية مما نقوله. وكما يقول روبرت فولغهام، مؤلف في رياض الأطفال، “لا تقلق إذا لم يكن أطفالك يستمعون إليك، ولكن انتبه، لأنهم يراقبونك دائمًا”، لذلك كن مثالًا إيجابيًا أمام الطفل من خلال طريقة تواصلك مع الآخرين، وعرض المساعدة، ومن خلال معاملتك لهم، أي الأطفال، باحترام.
يمكنك أيضًا أن تسهم في تعزيز المهارات الاجتماعية مع طفلك من خلال اللعب معه، إذ تشير البحوث إلى أن الأطفال الذين كان آباؤهم يلعبون معهم (لعب يتناسب مع مستوى عمرهم، وبإتاحة الفرصة للأطفال بوضع قواعد وقوانين) لديهم مهارات اجتماعية أكثر تقدمًا ويمكنهم الانسجام مع أقرانهم بطريقة أفضل.
أيضًا، من خلال اللعب يمكنك معرفة مخاوف طفلك ومشاعره، فعندما يجسّد شخصية معينة في لعبة ما، فإنه بذلك يخرج كل ما يعايشه من تجارب وخبرات ومشاعر في المدرسة، ومع العائلة، والأصدقاء.
درّبه على السلام، والابتسامة، والتواصل، والاستماع إلى الآخرين، واحترام الدور، وتحمل مسؤولية أفعاله، والبقاء هادئًا مع الآخرين، وعرض وطلب المساعدة، كل ذلك قد يتعلمه منك عندما تدربه أثناء اللعب، من خلال كتابة مسرحية وتمثيلها مع طفلك تتناول بعضًا من هذه النصائح الاجتماعية.
كما يمكن لقراءة القصص المختارة بعناية والمليئة بالمفاهيم الاجتماعية أن تساهم بدور جيد في ترسيخ هذه المفاهيم.
لا تجبر طفلك على الحديث مع أطفال أو أشخاص لا يرتاح معهم.
لا تضغط عليه ولا تجبره قسرًا على الخروج والسلام عند وجود ضيوف، فقط أخبره أن الجميع يسألون عنه ويودون رؤيته.
لا تطلق لقب خجول على طفلك، الأفضل هو أن تعترف بمشاعره وتتعاطف معه وأن تخبره بأنه قادر على التغلب على مخاوفه، ولا تنتقده أمام الآخرين.