دوري الأحياء المحاصرة.. يعيد الحياة إلى حمص
عمار زيادة – عنب بلدي
أهازيج «ULTRAS BLUE SUN» الحمصية الشهيرة عادت اليوم، ليس إلى ملعب خالد بن الوليد بل إلى أحياء حمص المحاصرة منذ سنة ونصف، حيث نظّم مجموعة من المقاتلين بطولة لكرة القدم، في إحدى المدارس على خطوط النار، أبعدت المشاركين عن جو الحصار الخانق.
وبدأت فكرة البطولة، بعد عدة مباريات بين مقاتلي الجبهة داخل ذات المدرسة «لم تحظَ بتغطية إعلامية»، ما دفع أحد المنظمين للبدء ببطولة على مستوى كل الأحياء، والإعلان عنها بين مقاتلي الجبهات والإعلاميين واللجنة الطبية. ولاقت الدعوة إقبالًا كبيرًا على عكس التوقعات وفق «خطاب» عضو المكتب الإعلامي الموحد في حمص، والذي بدأ بالفكرة وشاركه بها رفاقه من نفس الجبهة.
الفرق المشاركة بلغت 16 فريقًا، واختارت لنفسها أسماء تباينت دلالاتها، فأطلق فريق الطبية على نفسه اسم «الجناكر» نسبة إلى الشخصية الكرتونية «جونكر»، بينما اختار فريق الإعلاميين اسم «SCORPIONS» (العقارب)، فيما تيمّن آخرون بفرق عالمية «السيدة العجوز»، «المدفعجية»، إضافة إلى أسماء ذات مدلول ثوري كـ «شهداء البياضة» وهو فريق شكلّه عبد الباسط الساروت، حارس المنتخب السوري للشباب.
ولدى سؤالنا عن التحضيرات للبطولة، أجاب خطاب بأن «التحضيرات كانت بسيطة جدًا»، إذ قام المنظمون بتخطيط أرضية المدرسة، وركّبوا شبكًا للمرميين، أما اللاعبون فقد حصلوا على قمصان رياضية من أحد محلات المدينة، بينما يمتلك كلٌ منهم أحذية رياضية يستخدمونها عادة في الاقتحامات وعلى الجبهات. وبدوره أحضر الجمهور مقاعدًا دراسية من صفوف المدرسة، ووضعها على شكل مدرجات.
وأضاف الجمهور -من مقاتلين ومدنيين بينهم أطفال- نكهته الخاصة على البطولة، من خلال الهتاف المستمر وبحضور مميز لمنشدي الثورة بحمص «أبوعبدو» و “أبو سامر»، ليعيد إلى الأذهان أسلوب تشجيع «الالتراس» الذي كان يطغى على مدرجات مشجعي فريق الكرامة الحمصي، إضافة إلى بعض الأغاني المعهودة مثل «مريم مريمتي» و «الانتصار الانتصار» اللتين تحورتا إلى هتافات مناهضة للأسد خلال بداية الحراك الثوري في المدينة، حالها حال الكثير من الأغاني السورية.
وقد اعتمد المنظمون نظام المجموعات، ولوحظت زيادة نسبة الجمهور بتأهل الفرق إلى الأدوار النهائية، بينما كُرّم الفريق المتوج بالبطولة بـ «بوستين ع الخد، وكأس البطولة» الذي يعود لإدارة المدرسة، وفق ما نقله خطاب.
ويشير المشاركون إلى أن البطولة نجحت -على مدار ثلاثة أسابيع- في إخراجهم من حالة الضجر والشوق أو الحزن وسوء التفاهم نتيجة لطول مدة الحصار، وقربت «الإخوة من بعضهم»، فيما أكّد خطاب على التزام المقاتلين المناوبين أثناء المباراة، وأن تامين نقاط الاشتباك كان له الأولوية على حساب البطولة، وقد اضطر للغياب عن مباراتين بسبب نوبته في الحرس.
البطولة لم تكن الأولى من نوعها داخل أيام الحصار فقد نظم المقاتلون بطولة للـ «بينغ بونغ» في وقت سابق، وأبدى المشاركون استعدادهم للمشاركة في بطولات قادمة، ويحاول المنظمون تنسيق مسابقات ثقافية على نقاط الاشتباك خصوصًا مع بداية فصل الشتاء.
ويفخر أبو عنتر، وهو حكم في المباريات وأحد منظمي البطولة، بالتحدي الذي يُظهره أبناء حمص للحصار بالقول «مين بيقول إنو نحنا بحصار… شوفولي بكل سوريا في حدي عم يعمل بطولات».
مئة وخمسون عائلة تحت الحصار، يدخلون إلى واقعهم المرير أجواءً من الفرح والتسلية لطالما عاشتها حمص قبل الثورة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :