“لوموند” تشرح: كيف جنّد “الموساد” خبيرًا سوريًا لكشف كيماوي الأسد

  • 2017/03/28
  • 6:21 م
مفتشون أمميون في منطقة عين ترما في الغوطة الشرقية- آب 2013 (AP)

مفتشون أمميون في منطقة عين ترما في الغوطة الشرقية- آب 2013 (AP)

نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية عبر موقعها الإلكتروني، معلومات عن “حرب سرية” خاضها جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، بالتعاون مع المخابرات الفرنسية، للإيقاع بخبير سوري في مشروع إنتاج الأسلحة الكيماوية.

ويسرد مقال “لوموند”، الذي نشرته السبت الماضي وترجمته “فرانس 24” اليوم، الثلاثاء 28 آذار، تفاصيل الإيقاع بمهندس سوري، يعمل في مركز “البحوث والدراسات العلمية” التابع للحكومة السورية في دمشق، في عملية استمرت من عام 2008 وحتى 2011.

تطلبت عملية “راتافيا”، والتي حصلت “لوموند” على وثائق سرية تخصها من مصادر قضائية ودبلوماسية فرنسية، الكثير من الوقت والتحضير اللوجستي والنفسي، للدفع بالخبير إلى الإفصاح عن معلومات سرية لللغاية، إذ فاق عدد الخبراء في علم النفس، عدد أفراد القوات الخاصة والتقنيين، خلال عملية للتلاعب به واستقطابه دون أن يدري بالأمر، بحسب الصحيفة.

كيفية الاستدراج

بدأت العملية في العام 2008، وتمكنت من خلالها تل أبيب وباريس من الحصول على “مخزون هائل من المعلومات حول منظومة الأبحاث وإنتاج الأسلحة الكيماوية في سوريا التي لطالما أقلقت تل أبيب”، حسب الجريدة.

لم يكن الهدف من وراء العملية التصفية الجسدية لمسؤولين عن البرنامج، كما أوضحت “لوموند”، بل الحصول على معلومات عن حجمه وطبيعة التعاون القائم بين النظام السوري ودول حليفة له كإيران أو روسيا أو كوريا الشمالية في هذا الملف، إلى جانب آليات استيراد المواد المستعملة في إنتاج الأسلحة الكيماوية المحظورة في السوق الدولية.

المهندس الذي كان على علاقة بابنة مسؤول سوري كبير، استعمل الموساد الإغراءات المادية للحصول على المعلومات التي بجعبته، كما أوردت الصحيفة، خاصة وأنه كان يحلم بتطوير وضعه المادي من خلال تأسيس شركة للاستيراد والتصدير.

تقرب مخبرون إسرائيليون من المهندس الذي كان يقيم في دمشق، وعملوا على استقطابه تدريجيًا خلال عامين، عر إقناعه تأسيس شركة في فرنسا، لتسهل المخابرات الفرنسية عملية حصوله على تأشيرة سفر وإقامة مريحة في باريس.

خلال زيارة إلى باريس، التقى الخبير “الوفي لنظام الأسد” برجل أعمال إيطالي، وهو عميل في “الموساد”، ساعده في أن يخطو خطواته الأولى في “مشروع العمر”، ووفر له ظروف “العيش الرغد”، وفتح أمامه أبواب فنادق فخمة في باريس ومنحه سيارته الخاصة وسائقًا.

العميل الإسرائيلي، جعل الخبير السوري يلتقي بشركاء (جميعهم عملاء للمخابرات الإسرائيلية) على أساس أنه سينسج معهم علاقات تجارية.

“كنز” من المعلومات

لم تفصح “لوموند” عن المواد التي رغب الخبير السوري في اقتنائها أو عمله التجاري بالضبط “تحفظًا على سرية العملية”.

لكن خلال زياراته المتكررة إلى باريس، وعبر ما كان يرغب في شرائه من مواد، استطاعت المخابرات الإسرائيلية والفرنسية الحصول على معلومات “قيمة” عن الشركات الأوروبية، التي لا تلتزم بحظر بيع المواد القابلة للاستعمال في إنتاج الأسلحة الكيماوية، وكشفت شبكة واسعة من الوسطاء والشركات الوهمية التي تستعمل لهذه الأغراض.

تسلم المهندس السوري الكثير من الهدايا من المبالغ المالية نقدًا، ما أدى إلى “التغرير به” وانتزاع المعلومات منه، تابعت “لوموند”.

مرافقو الخبير (عملاء الاستخبارات) أوصوه بالتكتم في سوريا، ونصحوه بمساعدة ابنة المسؤول السوري على إنجاز “مشاريع شخصية”، وهو ما كان سببًا آخر دفعه للتقرب من شخصيات حصلت منه على معلومات قالت “لوموند” إنها “مهمة”.

من ضمن المعلومات التي منحها الخبير لـ “الموساد”: “معطيات دقيقة حول مخزون السلطات السورية من غاز الخردل وغاز  VX، الذين يستعملان في هجمات بالغازات الكيماوية، ويؤديان إلى إصابات خطيرة وحالات وفيات بين من تطالهم”.

حين انتاب المهندس شكوكًا عام 2011، في أنه تعرض لاستغلال “لأغراض استخباراتية” احتج، لكن محاوره “الإيطالي” أخبره بأن “التراجع مستحيل”، وطالبه بالمزيد من المعلومات، وهو ما ساهم في إعداد الاستخبارات الإسرائيلية لملف دقيق عن الأسلحة الكيماوية في سوريا، قدمته لألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وأشارت “لوموند”، إلى أن من نتائج العملية الاستخباراتية، أن الاتحاد الأوروبي قرر نهاية عام 2011 تجميد كل ممتلكات “المركز السوري للبحوث والدراسات”، وأرصدته في دول الاتحاد، وعدة شركات وهمية كانت تستعمل لاقتناء المواد الأولية.

اتهم النظام السوري من قبل أطراف دولية ومنظمات حقوقية باستخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية وريف حلب، في العام 2013، وهو ما ساهم بتدمير المخزون الكيماوي كاملًا بعد توافق روسي أمريكي بمظلة أممية، مع نهاية العام نفسه.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا