عنب بلدي – العدد 93 – الأحد 1/12/2013
قاطع أيهم جلسة العائلة بصوته الحاد المرتفع «مين اللي طالع هالصوت من المطبخ!»، فذلك الصوت بالنسبة لأيهم، وهو لاجئ سوري، كاف لطرده من المنزل الذي يؤويه وعائلته بعد نزوحهم إلى لبنان. إذ إن مالك البيت الذي يقيم في الطابق السفلي لا يحتمل الضجيج، وقد لا يتردد في طرده أو إنذاره بإخلاء البيت لمجرد سماعه للأصوات المرتفعة الصادرة منه.
في الوقت الذي تجاوزت فيه أعداد اللاجئين السوريين في لبنان 716 ألف لاجئ، حسب إحصاءات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يشتكي كثير منهم سوء المعاملة وارتفاع الإيجارات، ومن الشروط التي يفرضها مالكو البيوت في لبنان على المستأجرين. فغالبًا ما يحدد المالك عدد ساكني المنزل، ويشترط عليهم عدم إصدار أي ضجيج، وإعلامه بأي شيء يريدون إدخاله إلى المنزل.
يقول عبد الرحمن (26 عامًا) وهو طالب اقتصاد «هذا البيت الرابع الذي أغيره منذ نزوحي إلى لبنان. معاملة أصحاب البيوت معي كانت مادية بحتة، وعند وصول عائلتي إلى لبنان رفع مالك البيت الإيجار وكأني استأجرت منزله بالكيلو»، وتضيف سلام أن هناك صعوبة في إيجاد منزل تكون شروط مالكه أقل من غيره، فتقول “بعض أصحاب البيوت يشترطون على المستأجر عددًا محددًا من الأشخاص وأعمارًا معينة، فبعضهم لا يرغب بوجود أطفال كي لا يعبثوا بأثاث المنزل، وبعضهم الآخر يطلب تنظيف الأدراج». أما راما، صديقة سلام، ترى أن عائلتها واحدة من عائلات قليلة حظيت بمعاملة أقل شدة عن باقي العائلات؛ وكذلك محمد الذي يرى أن من حسن حظه أنه حظي بعائلة لبنانية أحبته وأطفاله وأحسنت معاملتهم على الرغم من سوء الظروف المعيشية في المكان الذي يسكنه.
من ناحية أخرى، يرى أبو علي، وهو مواطن لبناني يملك منزلًا يؤجره للسوريين، أن من حق مالك البيت وضع الشروط التي تناسبه، فالمنزل ملكه ومصدر رزقه. يوضح أبو علي أن زيادة عدد ساكني المنزل يحدث المزيد من الضجيج، ويزيد احتمال تخريب أثاث المنزل، كما يتسبب ذلك بالإزعاج للجيران الآخرين، إذ تتراكم النفايات ويتضرر المنظر العام للحي، وهذا يؤثر على علاقة مالك البيت مع جيرانه حتى بعد مغادرة المستأجرين.
تتفاوت الضغوط وتختلف القيود التي تفرض على اللاجئين السوريين من بلد إلى آخر، ورغم تباين ظروفهم الاجتماعية والمادية يبقى الحنين إلى الوطن، وألم الغربة شعورًا مشتركًا يجمعهم.