عنب بلدي – الغوطة الشرقية
حفظ الطفل سمير علي، الذي يسكن في مدينة دوما، عشرة أجزاء من القرآن، خلال العام الماضي، بمساعدة من والدته.
وكُرّم الطفل، الذي يبلغ 12 عامًا، مرتين، متفوقًا على الشاب سليم يوسف (24 عامًا) من المرج، وحفظ سبعة أجزاء في أقل من عام، ويقول “لولا ظروف الحياة الصعبة لكنت حفظت أكثر”.
وارتفع عدد حفظة القرآن من الشباب ذكورًا وإناثًا، خلال السنوات الثلاث الماضية، وسط تزايد أعداد المعاهد والمدارس الشرعية، التي تتركز في مدينة دوما، على وجه الخصوص.
تأسست إدارة المعاهد الشرعية بعد “تحرير” الغوطة الشرقية عام 2013، وانتشرت المعاهد التي تديرها لتصل اليوم إلى 96 معهدًا للذكور والإناث.
عام 2014 كان باكورة تخريج الحفظة، وتخرج حينها ثلاث ذكور و15 أنثى، ووصل العدد إلى 11 حافظًا ذكرًا و20 أنثى عام 2015، وتخرج خلال العام الأخير 22 حافظًا ذكرًا و47 حافظة، ليصل العدد الكلي حتى اليوم إلى 115 في الغوطة الشرقية. معظم الحفظة كانوا من مدينة دوما، والتي تخرج منها حتى اليوم 90 حافظًا وحافظة، بينما توزعت بقية الأعداد على مدن وبلدات مديرة وحرستا القنطرة والشيفونية. |
نحو 100 معهد في ثلاث سنوات
يتخرّج الحفظة من إدارة المعاهد الشرعية، وشعبة “الإقراء والقراءات”، كما تُسهم “الهيئة الشرعية لدمشق وريفها” في العملية، إضافة إلى مدارس شرعية مستقلة أخرى.
ويتحدث موفق حمزة، مدير المعاهد الشرعية، لعنب بلدي، عن نموذج العمل في المعاهد، موضحًا أنها تستقبل الذكور والإناث من سن السادسة إلى 15 من العمر، وتعمل على تحفيظهم القرآن والعلوم الشرعية من العقيدة والحديث والفقه والسيرة النبوية.
وتعمل المعاهد وفق طريقة تضمن أن ينهي الطالب حفظ القرآن في عمر 15 سنة، بحسب حمزة، مشيرًا إلى الطفل قصي الطنطاوي الذي ختم القرآن كاملًا العام الماضي، ولم يتجاوز حينها عشر سنوات.
تضم المعاهد قرابة ألف حلقة تدريسية، ويديرها كادر تدريسي يتوزّع إلى 750 معلّمة و250 أستاذًا، بينما تتفاوت أعداد الملتحقين بالمعاهد في الصيف والشتاء، ويوضح مدير المعاهد أن العدد يصل في الصيف إلى 20 ألف طالب (12 ألفًا من الإناث وثمانية آلاف من الذكور)، بينما ينخفض العدد الكلي في الشتاء إلى 12 ألفًا.
المعاهد تستهدف الأطفال بالدرجة الأولى
“أفضل الأعمال تعلم القرآن وتعليمه، كما ورد في حديث عن النبي محمد (ص)”، يقول المدرّس محمد إسماعيل، الذي يُدرس حاليًا 60 طفلًا، و15 شابًا.
ويضيف إسماعيل أن 40 طالبًا ممن يتلقون الدروس على يده، يحفظون 14 جزءًا من القرآن، لكنه يعتقد أن الظروف “الاستثنائية” في الغوطة تمنعهم من وضع الحفظ كأولوية.
يُركّز المدرّس على التلاوة ومخارج الحروف وأحكام التجويد، ويحاول دعم الطلاب نفسيًا من خلال زيارتهم في المنزل وتقييم احتياجاتهم، حسبما يقوله لعنب بلدي.
لم تخل الغوطة من حفظة القرآن قبل الثورة، لكنّ النشاط الديني حينها كان داخل المنزل أو في الخفاء، خوفًا من الملاحقة الأمنية، واقتصرت حلقات المساجد على المشايخ العاملين تحت مظلة النظام السوري ووفق مناهجه، إلا أن النشاط غدا أكثر راحة وبعيدًا عن القيود بعد سيطرة المعارضة عليها.
وتستهدف المعاهد والمدارس الشرعية الأعمار الصغيرة من الطلاب، ويقبل الأهالي على إرسال أبنائهم، خاصةً مع تعطّل المدارس وتقطع الدوام فيها.
الكدّ للحصول على “لقمة العيش” والدراسة الثانوية صعّبا مهمة الشاب يوسف في الحفظ، إلا أنه يقول “لدي همة وإصرار أن أكون من حفظة كتاب الله، وسأطمح إلى ذلك حتى تحقيقه”.