دمشق وثلاثي الشر.. الأسد والخامنئي وبوتين

  • 2017/03/26
  • 12:49 ص

إبراهيم العلوش

بعد سبعين سنة من هزيمة النازية في أوروبا، ها هي تتجدد اليوم في دمشق على أيدي ثلاثي الشر الذي يدمر سوريا بلا رحمة، الأسد البعثي الطائفي، والخامنئي رجل الدين الفاشي، المعبّأ بالحقد، وبوتين رجل المخابرات السوفياتي السابق، وبطل مذابح غروزني، ورائد المفهوم (اللواطي) في تداول الحكم الذي طبّقه مع رئيس وزرائه باهت المعالم.

عادت النازية بكل وحشيتها إلى سوريا وبتوليفة جديدة، وأكثر وحشية من نازية هتلر التي استطاع العالم الانتصار عليها وإعادة إعمار ألمانيا بعدها، فالنازية الجديدة مسلحة بمفاهيم تمزج بين التاريخ الديني الطائفي، وبقايا التطور العسكري السوفياتي، وعقلية المافيات التي يصعب على الدول والجيوش العادية مواجهتها.

دمشق اليوم تحلّق فوقها كوابيس النازية الجديدة، فالطائرات الروسية تحمي فروع المخابرات التي تمارس التعذيب ليل نهار، وتطالب الشعب السوري بالحفاظ على هذا الإرث الوحشي الذي ساهم ببنائه الاتحاد السوفياتي، وتساندها الميليشيات الطائفية التي احتلت الحواجز في أرجاء العاصمة السورية، وهي توزع الذل على المواطنين السوريين، وتفتشهم بحثًا عن قتلة الحسين وعمن غزوا الدولة الفارسية الهرمة، قبل أكثر من اثني عشر قرنًا، في محاولة مضحكة لعكس حركة التاريخ!

دمشق التي تمتلك حكمة أقدم عاصمة في التاريخ، تبدو مندهشة اليوم من هول ما يجري فيها، فهي استطاعت أن تمتص الأمويين، وأن تسقيهم خبرتها في الحضارات السورية القديمة من آرامية وبيزنطية وآشورية وبابلية وكنعانية وفينيقية، وحوّلت مسار عقول رجال الدين الإسلامي أنفسهم ليصيروا عالميين، وليرتقوا فوق قسوة الصحراء، التي استقوا منها العزم والإصرار على بلوغ نهايات الدروب مهما بدت واهية الأثر.

الأسد يستعين اليوم بحزب البعث الذي تم تأسيسه في مرحلة انتعاش النازية في أربعينيات القرن الماضي، ونضجت أفكاره، مع صعود نجم الأسد الأب، وأخذت أوسع مدى لها مع الأسد الابن وتوحش أجهزته الطائفية التي ورثها من أبيه.

الخامنئي يقود الإيرانيين الذين جاؤوا اليوم إلى دمشق بعد كل هذه القرون، ليتصرفوا بوحشية تفوق وحشية العصور الحجرية، مستسلمين لحسّ الحقد والثأر، من أجل أوهام تاريخية لا قيمة لتغييرها اليوم، مهما أبدوا من فنون التحشيد واللطم والتجييش الطائفي.

وبوتين يستعيد في سوريا معسكرات الغولاغ، والتهجير الجماعي للشعوب السوفياتية، عندما يساند فروع التعذيب المخابراتية، ويدعم تهجير أكثر من نصف الشعب السوري إلى خارج بيوتهم ومدنهم وقراهم، وكثير منهم إلى خارج الوطن السوري نفسه، ناهيك عن دفاعه المستميت في مجلس الأمن عن القصف الكيماوي، وتسخير كل عبقرية الدولة الروسية لتجميل الجريمة.

يبّذر الإيرانيون الكثير من مقدرات شعبهم، ويضحّون بسمعتهم في المنطقة، من أجل أوهام الهلال الشيعي، ومن أجل دعم الدكتاتور البعثي، فعيونهم تتطلع إلى دوار الأمويين، ويعتقدون بأن تغيير اسمه إلى دوار الخامنئي قاب مذبحيتن أو أكثر.

عيون الروس في دمشق تتطلع إلى تحويلها إلى غروزني أخرى بحجة محاربة الإرهاب، بعد أن دعمت مذابح الأسد الأب المتنطع بحجة تحرير فلسطين، وتحولت تمارين الجيش الروسي فوق المدنيين السوريين إلى كوميديا سوداء تثير العار لأحد أكبر جيوش العالم، وتسوقه إلى خسارة، لن تقل أثرًا عن خسارته في أفغانستان قبل ثلاثة عقود.

أما الشعب السوري فعيونه على الحرية والمستقبل، فالثلاثي النازي الجديد لن يجلب له الحرية ولا السلام، لأن تاريخ هذا الثلاثي مثقل بالجرائم، وبانتهاكات حقوق الانسان، وبإثارة الاضطراب والفتن، وليس صدفة أن يلتقي هذا الثلاثي فوق دمشق، فما يجمع هؤلاء النازيين الجدد هو العقيدة الراسخة التي يتقاسمونها في احتقار البشر، والهروب من الواقع، ومن استحقاقات الشعوب التي ابتليت بهم، كما ابتلي الألمان بالنازيين قبل ثلاثة أرباع القرن!

يحاول الثوار اليوم في دمشق فك الحصار عن أحيائهم، وتفادي الترحيل الطائفي الذي برع في نسجه ثلاثي الشر، ورغم الفروق الكبيرة في توازن القوى، فإن إرادة الحياة أقوى من كل المعادلات المسلحة بالطيران وبالحواجز، وبمختلف أنواع الحصار والتعذيب.

ما يثير التفاؤل هو خسارة هذا الثلاثي لأي دعم شعبي يبقيه منتصرًا في المدى المتوسط والبعيد، وكذلك ضخامة الجرائم والتهم الموجهة إليه، والهزائم المتعددة التي ذاقها سواء هزيمة النظام أمام شعبه، أو هزيمة الروس في أفغانستان، وإفلاس روسيا كدولة عظمى تحولت إلى مجرد محطة بترول، ومأوى لمافيات القرصنة الإلكترونية. وكذلك الانهيار الاقتصادي والسياسي في الداخل الإيراني الذي لم يعد خافيًا على أحد، وقد استفحلت تجارة المخدرات فيه، لتُعتبر إيران إحدى أكبر دول العالم في هذا المجال منافسة كولومبيا على الصدارة، بالإضافة إلى الحملات العالمية على نظام حكمها الفاشي، الذي ينشر الاضطراب والكراهية في أرجاء المنطقة.

دمشق مفتاح الحل السياسي في سوريا اليوم، ونقطة البدء في محاربة الإرهاب الداعشي والتطرف الديني، وهي لن تقوى على ذلك مادامت محكومة من قِبل هذا الثلاثي، الذي يعلن ليل نهار نواياه في إركاع السوريين، والاستمرار في تدمير مدنهم وقراهم ما لم يخضعوا لأجهزة التعذيب التي تبتلع عشرات ألوف الشبان السوريين، وما محاولتهم لفرض نظام الأسد إلا طريقة مبتكرة في التعذيب الجماعي، في هولوكوست يخنق ملايين السوريين.

ولكن السوريين ومنذ بداية الثورة، يقاومون ثلاثي الشر هذا، وقد وصلوا إلى قناعة لا رجعة عنها، وهي أن الحرية، وليس النازية الجديدة، هي ما يريدونه لبلادهم ولأجيالهم القادمة!

مقالات متعلقة

  1. دبابة لكل بيت
  2. الدكاترة المجاهدون وحصاد الشر
  3. سماء الرقة وأرضها
  4. عيد الفصح.. والاستثمارات الإرهابية

رأي

المزيد من رأي