رواية المستنقع لـ حنّا مينة

  • 2017/03/26
  • 12:01 ص

في ثاني أجزاء ثلاثية حنا مينة “بقايا صور”، يتابع قصة المآسي والوجع، الفقر والعوز والتشرّد في ريف فقير، وأجواء اقتصادية وسياسية سيئة في روايته “المستنقع”، والتي يمهد فيها لختام ثلاثيته “القطاف”.

تقع الرواية في قرابة 450 صفحة من القطع الصغير، وتدور أحداثها داخل حيّ في لواء اسكندرون يدعى “الصاز” بالتركية، ويعني المستنقع، والذي كان اسمًا على مسمى بسوء حال ساكنيه وبؤسهم، وذلك في الفترة التالية للحرب العالمية الثانية.

وقرر الانتداب الفرنسي، “بالتواطؤ مع دول أخرى”، حسب تعبير مينة، أن يعطي اللواء لتركيا، “وهكذا غدا اللواء مسرحًا لصراع سياسي، وكُتب علينا نحن سكانه أن نشهد تلك الأيام العاصفة التي كنا نخرج فيها من الصباح للمساء، بمظاهرات تنادي بعروبة اللواء وتندد بالمؤامرات الجارية”.

تزامنت هذه الأحداث مع أزمة اقتصادية قاسية عُرفت باسم “الكريزة”، وألجأت الناس لحلول قاسية لتأمين أقواتهم، من بينها جمع الحشرات، “في الظهور والأماسي كانوا يعودون بسلالهم التي جمعوا فيها البزاق…”.

وهكذا، ونتيجة لتناول الحلزون “حاف” وعدم توافر مواد غذائية أخرى، أصيب الحيّ بمرض غريب، ففرضت البلدية حجرًا صحيًا على المصابين به، خوفًا من أن يكون المرض هو الكوليرا، وكان لعزل الناس مع الجوع والمرض والموت أثره، فبدأت حوادث الانتحار بين أبناء الحيّ تتوالى.

“بعد الظهر خرج الحي ليشيع ضحيته الثانية، كان وجوم عام على الوجوه، وحزن عام ونقمة عامة، وكان المشيّعون يتساءلون: ماذا يخبئ لنا المستقبل أيضًا؟ وكانت أسئلتهم تظل بغير أجوبة”.

كحاله في جميع رواياته، يبدع مينة في السرد السلس الصادق، وينقل القارئ ليعيش معه الألم والجوع والمسرّات الصغيرة من حين لآخر، ويشاركه عادات وأفراح القرويين البسيطة، في وصف مفصّل لكل صغيرة وكبيرة، حتى لكأن القارئ يشاهد فيلمًا وثائقيًا يعيد تمثيل حياة الناس في تلك الحقبة.

اقتباس من الكتاب:

“وهم لا يعتدون ﻷنهم يحبون العدوان بل لأنهم جياع، وأن من حقهم أن يأكلوا”.

مقالات متعلقة

كتب

المزيد من كتب