معظمنا، السوريون في الداخل، تتاح أمامه ساعات طويلة من الفراغ يوميًا نتيجة تعطل الأعمال والدراسة في كثير من المناطق، وتراجع النشاطات الاجتماعية بشكل كبير، إضافة لطول فترات انقطاع التيار الكهربائي، الذي بات المحرك الأساسي لحياتنا خلال السنوات الأخيرة الماضية.
كثيرون منا يمضون وقت الفراغ هذا بالتذمر من الحال الذي وصلوا إليه، وبالندب كلّما استجد جديد؛ يجد هؤلاء أنفسهم مقيدين برتابة يومية مملة، في حين بإمكانهم استغلال هذا الوقت في جوانب أخرى خلاقّة، أكثر فائدة وأكثر متعة.
يمكن لأحدنا ببساطة أن يبدأ عادة هجرها مجتمعنا بشكل واضح في السنوات الأخيرة، ألا وهي القراءة. إذا كنت قد اعتدت القراءة ثم انشغلت عنها بضغوط الحياة فهذه فرصتك للعودةـ، وإن لم تكن قد اعتدت ذلك مسبقًا فابدأ الآن، ستجد أن الكتاب خير جليس فعلًا، وعلى الأقل لن يكون أسوأ من ساعات الفراغ القاتل! شكل ناد للقراءة مع من حولك، تتشاركون قراءة الكتب ومناقشتها، أو اتفقوا على تبادل الكتب التي يملكها كل منكم لتوفير ثمن شراء كتب جديدة؛ في حال توفر لك اتصال انترنت، فإن الشبكة العنكبوتية تقدم لك خيارات لا حدود لها من الكتب المتاحة للتحميل أو التصفح.
امض بعض الوقت مع نفسك، تفكّر وراجع ما فعلته في السابق، لا ندعوك للتحسر على ما فات ولكن لإعادة النظر في قرارات اتخذتها لتستفيد من تجاربك السابقة أكثر، وتتوقف عن لوم الآخرين عن قرارات اتخذتها أنت.
التأمل، كتابة مذكراتك، الاسترخاء… كلها أمور كان بودك أن تجد الوقت الكافي لممارستها، ها هو الوقت الآن بين يديك، شمر عن ساعديك وابدأ العمل!
تعرف على عائلتك… أجل لا تستغرب، فبعد أن طغت وسائل التواصل الالكترونية وغزت تفاصيل حياتنا تقلص تواصلنا مع من حولنا بشكل رهيب. والآن تأتي فرصة جديدة للعائلة لتندمج من جديد؛ تواصل مع عائلتك مباشرة، أشركهم فيما يدور بخاطرك، وشاركهم بعض تفاصيل حياتك، ستكتشف جوانب جديدة في والديك وإخوتك لم تكن لتكتشفها في السابق.
التلفاز والانترنت في حال توفر أحدهما –أو كلاهما- لديك سيكون أمرًا جيدًا إن أحسنت استخدامه؛ لا تجعله وسيلة للتسلية فقط، ولا تقتصر على متابعة الأخبار من خلاله لتثقل نفسك بالمزيد من الهموم، بإمكانك متابعة بعض الوثائقيات المفيدة والممتعة في نفس الوقت، أو استغلاله للانخراط في نشاطات تثقيفية وتوعوية.
استغل الوقت في ممارسة التمارين، بإمكانك ممارستها داخل المنزل إن لم تتح لك الظروف الخروج.
تواصل.. تواصل مع من حولك، وتعرف على أناس جدد، كون صداقات جديدة، واستفد من خبرات الأكبر سنًّا.
حاول تعلم مهارات جديدة ضمن الخيارات المتاحة أمامك، قد تتاح لك الفرصة للاستفادة من صديق جديد لتعلم بعض المهارات المتعلقة بالحاسوب، وقد يساعدك آخر على تطوير مقدرتك اللغوية. كما أن الفرص مفتوحة أمامك لتعلم مهارات ومهن يدوية بسيطة باتت هي الأساس تحريك الحياة في عديد من المناطق، وبذلك ستملأ وقتك، وتفيد نفسك ومجتمعك.
الفراغ قاتل، وإن لم تقتله قتلك، ويبقى المهم هو الالتزام بتنظيم حتى وقت فراغك، وتحديد هدفك مما اخترت أن تملأ به وقتك، لا تجعل خياراتك عشوائية وذلك لتلحظ الفرق الذي سيطرأ على حياتك خلال بضعة أسابيع، والتجديد الذي سيعطيك دفعة من الأمل.