أطلق بعض الشباب السوري في الثاني من الشهر الجاري حملة على صفحات Facebook بعنوان «صار بدها بسكليت» تدعو الشبان والشابات إلى ركوب الدراجة الهوائية في شوارع دمشق، والاستعاضة بها عن وسائل النقل الأخرى، حيث بات ركوب الدراجة في شوارع العاصمة الوسيلة الأسرع للتنقل والأكثر أمنًا، بسبب الازدحام الشديد، وانتشار الحواجز التابعة لقوات النظام، وإغلاق بعض الطرق الرئيسة والفرعية المحيطة بالأبنية الأمنية، إضافة إلى عدم توفر وسائل النقل العامة، ناهيك عن ارتفاع أسعار الوقود.
ومن الملفت أن حملة «صار بدها بسكليت» استطاعت أن توحد آراء الشارع السوري بين مؤيد للنظام ومعارض له حول هذه انتشار هذه الظاهرة، وأن تطرح حوارًا بين الشباب بعيدًا عن الجدل السياسي.
وقد باتت رؤية الدراجات في شوارع دمشق أمرًا اعتياديًا، بالرغم من التباين في الآراء واختلاف وجهات النظر حول قيادة الفتيات –تحديدًا- للدراجة.
رؤى خريجة جامعية، تعمل في إحدى الشركات الخاصة، تقول أنها لن تفكر في قيادة الدراجة إطلاقًا، فهي ترى أن الفتاة تفقد الكثير من أنوثتها عند ركوبها للدراجة، وأنها قد تصبح أكثر عرضة للتحرش.
وتشاركها منار، التي تعمل مدرّسة، الرأي وتقول «ركوب الدراجة سيقلل من هيبتي أمام الطلاب».
بينما ترى غادة، وهي خريجة كلية الحقوق، أن ركوب الدراجة أفضل بكثير من انتظار وسائل النقل، أو الوقوف لساعات طويلة على الحواجز الأمنية، إذ أنها توفر سهولة في الحركة وتختصر الكثير من الوقت، إضافة إلى أنها تعتبر نوعًا من أنواع الرياضة.
وفضلت بعض الفتيات استخدام الدراجة لأسباب عديدة، أهمها ارتفاع تعرفة سيارات الأجرة التي باتت ترهق الطلاب والموظفين، وتجنبًا للتحرش الذي يتعرضن له في باصات النقل الداخلي، حيث يصعد الناس «فوق بعضهم البعض» على حد تعبير آلاء ابنة الميدان الدمشقي. والطالبة في كلية الهندسة، والتي كانت من أوائل الفتيات اللاتي راقت لهم الفكرة وبدأن يتنقلن بالدراجة في شوارع العاصمة. لكن آلاء عانت كثيرًا في إقناع والديها، في حين أن معظم صديقاتها فشلن في ذلك، فحجة الأهل أن الناس لن يتقبلوا ركوبهن للدراجات، وأن انتشار حواجز النظام سيعرضهن للمضايقة.
لكن نتيجة استخدام الفتيات للدراجات جاءت عكس التوقعات، إذ يقول بعض الشباب أنهم وجدوا تساهلًا من عناصر الحواجز الأمنية، ولم يتعرضوا لأي مضايقة منهم.
تقول رهف، طالبة في كلية الاقتصاد، أنها تركب الدراجة منذ أكثر من عام ولا تهتم لما يقوله الناس، وأنها لاقت تشجيعًا من والديها، وترحيبًا بالفكرة ممن يرونها تقود الدراجة، دون أن يخلو الأمر من مضايقات البعض، لكنها اعتبرت أن الناس سيتقبلون الظاهرة بشكل تدريجي في حال انتشارها.
يتمنى الكثيرون أن تخصص مواقف لركن الدراجات في الأماكن الخاصة والعامة بما فيها الجامعات والمدارس ومؤسسات الدولة.
وتبقى الدراجة الهوائية من أكثر وسائل النقل تحضرًا، نظرًا لفوائدها الصحية للإنسان وانعدام آثارها السلبية على البيئة في آن معًا، كما أنها أكثر سلامة وأمنًا من وسائل النقل السريعة، وأكثر سرعة وفعالية لا سيما في ظل التضييق الأمني الذي يفرضه النظام السوري على سكان العاصمة.