« بدكن حريق أنتو ونسوانكن وولادكن، بس موقادرين نعمللكن شي بسبب الضغوطات»

  • 2013/11/24
  • 1:31 م

بهاء زيادة  – عنب بلدي

«ضربنا بالكيماوي ليش عم يطالعنا؟» يتساءل بين الفينة والأخرى أبو خالد، الشاب العشريني الذي خرج من مدينة المعضمية ضمن مباردة الصليب الأحمر الدولي في أيلول الماضي.

لم يفكر أبو خالد بالخروج من المدينة مع بداية الحملة العسكرية الأخيرة عليها في تشرين الثاني من العام الماضي، رغم ازدياد التضييق وانعدام ظروف الحياة فيها يومًا بعد يوم، لعلمه بأوضاع النازحين وعدم ثقته بوعود النظام الكاذبة كما يقول.

رفض أبو خالد موضوع المبادرة في بادئ الأمر كحال معظم من في المعضمية واعتبرها خطة جديدة من النظام للضغط على المقاتلين فيها وتسليم أنفسهم، أو ربما لاستخدام المدنيين دروعًا بشرية لمحاولة اقتحام المدينة.

«الجوع كافر» يقول أبو خالد، الذي يتناول وجبة واحدة كل يومين منذ عدة أشهر، المكون الرئيسي فيها الماء والعدس، والتي «تشبه الشوربة»، فلجأ إلى زراعة بعض الحشائش على سطح منزله ليضيفها إلى الوجبة الرئيسية في ظل انعدام المواد الأساسية الأخرى، ما دفعه للتفكير بإخراج زوجته من المدينة رغم كل الاحتمالات السيئة التي يفكر فيها.

رفضت زوجة أبو خالد بشدة فكرة الخروج من المدينة، وأعادت سرد الاحتمالات السيئة في محاولة لإقناعه بقرارها؛ قالت أنها تلاءمت مع هذه الحال، ورغم ذلك أصر على إخراجها ليبقى في المدينة غير مسؤول إلا عن نفسه في حال تمكن النظام من الدخول إليها، وقال أن «الخروج ضمن هذه المبادرة هو الخيار الوحيد للنجاة من الموت جوعًا».

لاقت مبادرة الصليب الأحمر قبولًا كبيرًا من الأهالي المحاصرين، بعد أن فقدوا أمل الخروج من المدينة نهائيًا، إذ قدم لهم ضمانات على سلامتهم، والتكفل بهم في مراكز الإيواء التي أعدها بالتنسيق مع النظام.

وصول زوجة أبو خالد بسلام إلى مراكز الإيواء في ضاحية قدسيا مع بعض النساء وكبار السن ممن خرجوا من المدينة، وتردي الأوضاع إلى الأسوأ بعد خروج الدفعة الأولى من المدنيين، شجع أبو خالد للتفكير بالخروج، فقد قدم الصليب الأحمر مبادرة لإخراج الشباب من المدينة وضمانات لسلامتهم إلى حين وصولهم إلى ضاحية قدسيا.

«اتهموني بالجنون، عندما فكرت بالقبول بمبادرة الصليب الأحمر والخروج من المدينة»، يقول أبو خالد.

حصار النظام واحتكار التجار «اللصوص» للمواد الغذائية، بالإضافة إلى الحاجز الذي وضعه المجلس العسكري لمدينة داريا بين المدينتين، يزيد من معاناة المتبقين داخل المعضمية، فهو يمنع تهريب المواد الغذائية من داريا إلىالمعضمية. لكن الجيش الحر رفض خروج الشباب من المدينة، لأن ذلك «يؤثر على نفسية المقاتلين»، وحاول توعيتهم إلى المخاطر التي قد يعرضون أنفسهم لها.

قرر أبو خالد الخروج برفقة قرابة ال 600 شخص، حوالي 10% منهم دون سن الأربعين. ويصف حالة الرعب الكبيرة التي عاشها وسط الاحتمالات التي السيئة التي جعلته في «حالة نفسية زفت».

كيلو متر واحد يفصل بين آخر نقطة للجيش الحر ومكان تواجد باصات الصليب الأحمر لنقل القادمين من داخل المدينة، الأبنية مدمرة بالكامل والجثث مرمية على جانبي الطريق لأشخاص قام القناص باستهدافهم، فالطريق مستهدفة من قبل قناصي الجيش الحر وقوات النظام.

هدوء تام، تغيب أصوات الرصاص والمدافع، «تحدثني نفسي بالعودة إلى المدينة لكني شعرت بأن الأوان قد فات، فقناص النظام يراقب الطريق» واستمر أبو خالد في حالة الرعب إلى أن وجد بعض عناصر الصليب الأحمر، عندها أصبح الخيار الوحيد هو المتابعة نحوهم.

استقبل عناصر الصليب أبو خالد بالتطمينات بعبارات السلامة، وأكدوا له أنه أصبح في أيد أمينة وأنهم باتوا مسؤولين عنه.

« بدكن حريق أنتو ونسوانكن وولادكن، بس مو قادرين نعمللكن شي بسبب الضغوطات ، المعضمية ما شافت شي بدنا ندمرها ونرجع نعمرها»، يقول عناصر قوات النظام لأبي خالد أثناء ركوبه بالباص بالإضافة للتهديد بالقتل والاعتقال.

لم يتوقع أبو خالد أي احتمالات جيدة بعد ركوبه بالباص وإحاطته بعناصر قوات النظام، فقد نقل إلى مطار المزة العسكري وبعده إلى مدرسة في ضاحية قدسيا، ليتم حجزهم بها، كل 50 شخص في صف، ثم وزعت عليهم أرقام ينقلون بناء عليها إلى فرع الجوية للتحقيق معهم.

بعد يومين من الاعتقال نقل أبو خالد إلى الفرع، وعند إجراء التحقيق تم سؤاله عن  أسماء المسحلين في المعضمية وأماكن تواجدهم دون التعرض للتعذيب، ثم تم الإفراج عنه في بعد يومين.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع