عنب بلدي – العدد 92 – الأحد 24/11/2013
ما يزال ظلام الحرب الدائر في سوريا يلقي بعتمته على شعبها وخاصة فئة الأطفال، أولئك الذين حرموا جميعًا من طفولة سعيدة وآمنة، في أحضان بلداتهم وبيوتهم.
لم تتوقف معاناة بعض هؤلاء الأطفال على عيش ظروف الحرب والقصف والرعب، بل تعدتها إلى تهجير قسري داخل سوريا أو خارجها، لتبدأ معاناة أخرى من نوع جديد، حيث يعاني الأطفال المهجرون في مناطق إقامتهم الحالية أشكالاً متنوعة من التمييز والإهانة وسوء المعاملة، وخاصة في المدارس كما يحدث في مدارس مدينة الكسوة بريف دمشق، لا لذنب سوى أنهم تركوا بيوتهم قسرًا وأجبروا على العيش في بيوت وبلدات لم يألفوها.
دخلوا عداد «النازحين» وخُلقت في حياتهم مشكلات لا تنتهي، من أهمها التأخر في توزيع الكتب، حيث بدأت المذاكرات في المدارس ونسبة كبيرة منهم لم يستكملوا كتبهم، التي إن وجدت فهي في الغالبية العظمى ممزقة وقديمة، أو من منهاج العام الماضي.
الطفلة أماني، ز من الصف الرابع في مدرسة الكسوة الثالثة، تشتكي قائلة: الكتب الجديدة تكون من نصيب أهالي المنطقة، بينما تكون الكتب القديمة الممزقة من نصيبنا، والتي نجبر في كثير من الأحيان على أخذها من الأرض، ولم استكمل كتبي حتى اللحظة وإذا ما كلفتني المعلمة بواجب لمادة، تقول لي: لا علاقة لي قومي بالاستعارة.
أما عن تفضيل السكان الأصليين في التبرعات والأغراض المدرسية المقدمة من جهات الإغاثة المحلية أو الدولية، فتكون الحصة الأكبر والأفضل لطلاب المنطقة. تقول الطفلة فاتن، ق من الصف السابع: أُعطي أهالي المنطقة خمس دفاتر من النوع الجيد ذات الرسومات إضافة إلى الحقائب المدرسية الملونة في حين خصص لنا دفترين من اللون الأزرق والحقائب الزرقاء المقدمة من اليونيسيف فسألت المعلمة عن هذا لتخبرني بأن كل التبرعات جاءت لأطفال المنطقة وهم أشفقوا علينا وقدموا لنا ما تبقى لديهم.
وفي الحديث عن الإهانة والتقليل من شأن الأطفال المهجرين وإيذائهم نفسيًا، تأتي مسألة فصل الطلاب اللاجئين عن الطلاب الأخرين داخل الصفوف في معظم المدارس أو وضعهم في المقاعد الأخيرة، عدا عن المعاملة القاسية التي يخصونهم بها فعقوبة الطالب المتأخر خمس دقائق حرمانه من الدوام والدخول للمدرسة، وتكون العقوبة الكلامية والجسدية أقسى إذا ما جاء الطفل المهجر بأي تقصير دراسي، كما وتستخدم الكلمات الجارحة بحقهم من الكادر التعليمي وكذلك من الطلاب الأخرين.
الطفل سامر، ن من الصف السابع يقول: كثيرًا ما ينعتني زملائي في المدرسة بنازح ويقولون بأنهم قاموا بإيوائنا وهم أصحاب فضل علينا ونحن غير مستحقين وناكرين لجميلهم.
بلغت نسبة الطلاب المهجرين من عدة مناطق (داريا-القدم –حمص-مخيم اليرموك-سبينة) في مدارس مدينة الكسوة ما يقارب 20% لذلك لابد من العمل على تخفيف المشاكل التي يعانيها هؤلاء الطلاب ومحاولة القضاء عليها، لأن أثارها النفسية والاجتماعية لن تحمد عقباها على المدى البعيد.