من يجمع تكاليف المنطقة الآمنة لـ “جابي المال”؟

  • 2017/03/19
  • 10:39 ص
الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب (إنترنت)

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب (إنترنت)

براء الطه

يشغل موضوع المناطق الآمنة أغلب المتابعين للشأن السوري، وخاصة في ظل التصريحات النارية التي يطلقها “جابي المال” الأمريكي دونالاد ترامب، والرئيس التركي أردوغان، خاصة بعد العناء الشديد للقوات التركية في مدينة الباب.

ووجد أردوغان في تصريحات ترامب أشبه بطوق نجاة، أقل ما يقال إنه يخفف عنه الأعباء الاقتصادية التي تتحملها الدولة التركية.

لا يوجد تعريف واضح لمفهوم المنطقة الآمنة في القانون الدولي، إلا أن الغاية “الظاهرية” لها نابعة من بعد إنساني لتخفيف معاناة البشر في مناطق الصراع.

في المنطقة العربية جرت محاولات لإقامة مناطق تحمي المدنيين وتمنع تدفق اللاجئين إلى دول الجوار، كان آخرها الحظر الجوي على ليبيا، وقبله على العراق. لكن في سوريا تختلف الظروف عن سابقتيها العربيتين، فتداخل مناطق السيطرة وتعدد القوى المسيطرة على البقعة الواحدة من الجغرافيا يعقّد المسألة، لذلك يصعب تحديد المنطقة الجغرافية المراد تطبيق الخطة فيها.

من جهة ثانية، يتطلب تنفيذ الخطة وجود شرعنة سياسية، وهو الأمر غير الواضح حتى اللحظة، من ناحية أن هذه الشرعية ستنبثق عن اتفاقات متعددة، أو عن طريق الامم المتحدة، أو عن طريق اتفاقات ثنائية.

بالإضافة إلى ضبابية الجهة/الجهات التي ستتكفل بدفع الفاتورة المادية لإقامة هذه المناطق “لجامع الجباية”، وغيرها من الدول التي سوف تتزاحم للمشاركة فيها كما ليبيا من قبل، ففي العام 2013، قال الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة إن “فرض منطقة حظر جوي تتطلب مئات الطائرات المتمركزة على الأرض، وحاملات الطائرات في البحر، إضافة إلى الاستخبارات ودعم الحرب الإلكترونية، بتكلفة تصل إلى مليار دولار شهريًا”.

كما أن القوى التي سيلقى على عاتقها التنفيذ على الأرض مكلفةٌ أيضًا، فقبل وجود تنظيم “الدولة”، وفي عهد الرئيس أوباما، قدّر عدد القوات التي يتطلب وجودها على الارض بنحو 30 ألف جندي، وهي تكلفة باهظة لشخص مثل ترامب، أقل ما يُقال عن عقليته إنها اقتصادية أولًا وأخيرًا.

الروس وفي أول رد على المقترح الأمريكي، اشترطوا أمرين بعد ضمان أن هذه المناطق لن تستخدم لإسقاط النظام (وهو ما ضمنه الروس)، وهما: موافقة النظام السوري على المقترح، ومشاركة الأمم المتحدة.

لا يوجد حتى الآن تحديد دقيق لهذه المناطق إلا أن أكثرها ترشيحًا هي مناطق الشمال السوري، التي سيطرت عليها قوات “درع الفرات”، مضافةً لها منطقة منبج بعد أن يتم التفاهم على صيغة معينة مع القوات الكردية، أما بقية المناطق فكما أسلفنا فإن وجود عدة قوى ذات توجهات مختلفة يصعّب إمكانية إقامة هذه المناطق، بما فيها بقية الشمال السوري الذي تتشارك السيطرة عليه قوات كردية وعربية وقوات الجيش، والمناطق الجنوبية التي تتقاسم السيطرة عليها قوات الجيش وفصائل المعارضة.

بدورها، تسعى الأردن لفعلٍ مماثل، وهو ما بدا واضحًا من خلال المعركة التي أطلقتها الفصائل (الموت ولا المذلة) للسيطرة على مدينة درعا، قبيل مؤتمر جنيف. ليكون للجنوب وضع مشابه لمنطقة درع الفرات.

بالمجمل فإن السؤال الأساسي حول المناطق الآمنة هو مَن سيدفع التكلفة المادية في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها ممالك الخليج، والذي سبَّبها الغرق بالمستنقع اليمني، وقبله السوري، عدا عن المضاربات بأسعار النفط، والتي أدت بها إلى تقشف اقتصادي ماتزال آثاره تتراكم.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي