إدلب – عفاف جقمور
باتت شرفة منزلها في الطابق الرابع المطلة على المدينة مقصدًا لجاراتها وأقربائها، يشربن قهوة الصباح ويتداولن أحاديث عابرة، فدفء الشمس مجاني لا يحمّل أي مصروف باهظ.
لم تعد أحاديث النساء في مدينة إدلب كما كانت عليه سابقًا، كحفلات الأعراس، والملابس التي اشترينها والذكريات الماضية، بل تحولت لما يدور من أحداث ميدانية في المنطقة وصعوبات العيش.
عنب بلدي حضرت إحدى الجلسات النسائية في مدينة إدلب، واطلعت على ما طرح من أحاديث.
تبدأ فريدة حديثها عن أكوام الغسيل الذي تركته بسبب تعطل مولدة الأمبيرات منذ أيام، وتشكو سناء مشاكلها مع زوجها بسبب قلة الدخل وعدم القدرة على توفير مستلزمات البيت، بينما تستمع مضيفتهن هيام دون أي تعليق.
تقول هيام “في الفترة الحالية غدا حديث الكثير من جاراتنا يدور حول المشاكل المنزلية نظرًا لقلة عمل الرجال”.
وتضيف في حديث إلى عنب بلدي “البعض منهن يطرحن إمكانية الانفصال..ربما كانت قلة العمل وقلة الكسب هي السبب”.
في حين تصف أم محمد لجاراتها سعادة حفيدتها بعد زواجها على الرغم من فترة خطوبتها التي استمرت لأقل من أسبوع، “إذ إن معظم الأعراس تقتصر على الضروريات فقط”.
إضافةً إلى الأحاديث السابقة شكلت ضحايا القصف من المدنيين موضوعًا مهمًا يشغل تلك الجلسات، مع سردٍ لقصة كل منهم وطريقة وفاته، وماذا ترك من أولاد ومن توفي من عائلته، ليختم الحديث بتمتمات أدعية بالصبر لعوائلهم.
إلى جانب هيام وأم محمد تطرح منال قصص خطف الأطفال المنتشرة دون معرفتها لمدى مصداقيتها.
وتتابع حديثها عن أختها التي توفي زوجها منذ أشهر وتخشى على أطفالها الأربعة أن يصيبهم أي مكروه من بعده.
يعتبر مركز المحافظة مدينة إدلب صغيرة نسبيًا، إذ بلغ عدد سكانها في 2011 ما يقارب 200 ألف نسمة، ويربط بين الكثير منهم صلة قرابة ونسب ومصاهرة.
وفي سياق الحديث تسرد أم أحمد قصة ابنها المقاتل وإخوته الشهداء، وذكرياتها معهم خاتمة حديثها بدعوات لهم “بالرحمة والقبول في عداد الشهداء”.
تفرغ فناجين القهوة دون أن تنتهي أحاديثهن، تعود كل منهن إلى بيتها آملة أن تشرق شمس يوم هادئ جديد ليس فيه أصوات القصف ولا برد الشتاء.