عنب بلدي – الحسكة
عقب انتهاء الحكومة التركية من بناء النصف الأول من الجدار الإسمنتي الفاصل، على الحدود السورية– التركية، بطول 290 كيلومترًا، اشتكى عشرات المزارعين في ريف الحسكة، من تضرر أراضيهم وأعمالهم، بينما حمّل سياسيون كرد المسؤولية لحزب “الاتحاد الديمقراطي“، ممثلًا بـ“الإدارة الذاتية” التي تحكم المنطقة.
يرتفع الجدار العازل لثلاثة أمتار، ويعلوه مترٌ من الأسلاك الشائكة على طوله، وبينما شمل ولايات: غازي عنتاب، شانلي أورفة، كلّس، هاتاي، ماردين، وشرناق، بطول 290 كيلومترًا، حمّل مزارعو عامودا والقحطانية والمالكية والدرباسية، في الطرف المقابل داخل سوريا، شكاوى عدة، في حديثهم إلى عنب بلدي.
وباشرت تركيا ببناء الجدار في حزيران 2015، مبررة الخطوة آنذاك، لمنع استخدام الحدود بين البلدين لنقل الأسلحة والمقاتلين، في إطار التضييق على تنظيم “الدولة الإسلامية”، كما جاء تفاديًا لمواجهات مع “وحدات حماية الشعب” الكردية في سوريا.
الآليات التركية جرفت بعض الأراضي
غميكن ياسر، فني في بلدية الدرباسية، قال إن الحكومة التركية أحاطت مناطق “الإدارة الذاتية” بالجدار، وزودته بأضواء كاشفة “قوية”، لافتًا في حديثٍ إلى عنب بلدي، “اعتمدت تركيا على تقنيات عالية وفصلت أراضيها عن تلك المناطق، ما أثر على بعض المزارعين هناك”.
مساحات “واسعة” من الأراضي الزراعية توقف العمل فيها، إثر توغل الآليات داخلها، وفق مزارعي المنطقة، بينما يخشى آخرون من العمل في الأراضي الملاصقة للجدار، عازين السبب “لأن الجيش التركي يطلق النار بشكل عشوائي على أي شخص يقترب من حدوده”.
بدوره أوضح المزارع محمود حجي طاهر، من سكان ريف القحطانية، أن “الجرافات التركية دخلت أرضي ودمرت المزروعات”، مشيرًا، في حديثٍ إلى عنب بلدي، “أنشئ الجدار ضمن أرضي على مسافة 18 مترًا، وأخشى الاقتراب من محصول القمح المزروع هناك حاليًا”.
مستقبل أرض حجي طاهر “غير معلوم في المستقبل القريب”، على حد وصفه، معتبرًا أنه في حال استمر الوضع كما هو عليه اليوم “سأخسر أرضي بشكل نهائي”.
نهيت رشيد من ريف المالكية، تحدث إلى عنب بلدي عن واقع أرضه الحالي، وقال إن جميع الاراضي الزراعية القريبة من الحدود، “يصعب على ملاكها الاقتراب منها أو العمل فيها”، مؤكدًا “قتل أكثر من شخص في المنطقة، جراء إطلاق حرس الحدود التركي الرصاص عليهم”.
الجدار قلّص عمليات التهريب
رغم تأثر القطاع الزراعي ببناء الجدار، إلا أن أهالي المنطقة يؤكدون أنه حد من عمليات التهريب وتجاوز الحدود التي كانت تجري مسبقًا عبره، وهذا ما جاء على لسان رضوان رشيد، الذي يعمل مهربًا، مشيرًا إلى أن حوادث إطلاق الرصاص، دفعت من يرغب بدخول تركيا إلى التوجه نحو كردستان العراق، ما رفع تكاليف العملية.
سياسيون كرد حمّلوا في حديثهم لعنب بلدي “الاتحاد الديمقراطي” الجزء الأكبر من المسؤولية، “كونه نقل تداعيات صراعهم من تركيا، إلى قطاعات مدنية، واعتبر عضو “المجلس الوطني” الكردي، محمد رمضان، أن “صراعات الاتحاد الديمقراطي مع تركيا، لا تخدم تطلعات الشعب الكردي ومساعيه في الحرية”.
بينما لفت السياسي الكردي التركي، أورهان سمو، ويقطن في ألمانيا، إلى أن “الاتحاد الديمقراطي وارتباطه بحزب العمال، حطم كل شيء، ونقل الصراع إلى المدن الكردية، ما دعا تركيا إلى استهدافها وتدميرها، وهذا أثر بدوره على كافة القطاعات الحياتية فيها”
ينتهي بناء الجدار كاملًا بطول حوالي 500 كيلومترٍ في نيسان من عام 2017، وفق رئيس إدارة الإسكان والتنمية التابعة لرئاسة الحكومة التركي، إرجون توران، وتعتبره تركيا ضروريًا لأمنها.
وبينما يتخوف بعض المزارعين، في القحطانية والمالكية وغيرها من بلدات ريف الحسكة، على أراضيهم، يرى آخرون أن الأمر يتجاوز ضررهم، أمام تحديات أكبر قد تتعرض لها المنطقة، في حال لم يكون الجدار موجودًا.