غنى الدولة بالموارد المائية لم يقِ المواطنين شح المياه

  • 2013/11/18
  • 12:44 ص

عنب بلدي – العدد 91 – 17/11/2013

عبد الرحمن مالك – عنب بلدي

لم يحرم السوريّون من الأمن والأمان فحسب، وإنما من المياه أيضًا. فنظرًا للحرب الدائرة في البلاد وعمليات القصف العنيفة التي يشنها النظام منذ ما يزيد عن العامين ونصف، تضرر عدد كبير من أنابيب نقل المياه والصرف الصحي في مناطق مختلفة من مدن وقرى سوريا؛ وقد أفادت دراسة قامت بها «مجموعة عمل اقتصاد سوريا» أن قطاع المياه والصرف الصحي يحتاج إلى نصف مليار ليرة سورية لأعمال إعادة التأهيل والبناء.

وفي تقرير صدر عن منظمة اليونيسف في 8 شباط 2013 حول قطاعي المياه والصرف الصحي، والذي يعد الأول من نوعه منذ بداية الأزمة، فإن إمدادات المياه في مناطق النزاع بلغت ثلث ما كانت عليه قبل الأزمة، حيث يحصل السكان في تلك المناطق على 25 لترًا من الماء يوميًا، مقارنة بـ 75 لترًا كانوا يحصلون عليها قبل عامين.

وتعاني المناطق التي تشهد نزاعًا متواصلًا صعوبة كبيرة في تأمين المياه، فقد تسببت المعارك العنيفة في محافظة ريف دمشق بخراب كبير في شبكات المياه والصرف الصحي، الأمر الذي أدى إلى انقطاع المياه عن معظم المناطق هناك، لاسيما في الغوطة الشرقية، ما دفع الأهالي إلى استجرار المياه عن طريق الآبار التي كانت تستخدم سابقًا لريّ المزروعات، وهو ما ينبئ بحصول كارثة صحية، فهذه المياه غير معالجة وتحتوي على كمياتٍ كبيرة من البكتيريا، التي تسبب انتشار العديد من الأمراض كالتهاب الكبد والتيفوئيد وغيرهما من الأمراض الخطيرة، في ظل انحسار المستلزمات الطبية واللقاحات التي تعالج تلك الأمراض.

من جهة أخرى فإن استجرار المياه عن طريق الآبار يشكل عبئًا اقتصاديًا على المواطنين، فسعر برميل واحد من المياه الغير صالح للشرب لا يقل عن 100 ليرة، وهو لا يغطي حاجة الأسرة المتوسطة لأكثر من يومين. ويرجع باعة المياه هذا الغلاء إلى انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود المستخدم في سحب المياه من الآبار إضافة إلى غلائه.

وفي سياق متصل صرح وزير الموارد المائية بسام حنّا لجريدة الثورة التابعة للنظام، أن إدارة المياه في الموسم الحالي كانت ناجحة وتمت دون أزمات، نظرًا للاحتياطات التي اتخذتها إدارة المياه لدرجة أن المواطن لم يشعر تقريبًا بتقنين يذكر قياسًا بالمواسم السابقة التي كان التقنين فيها يلقي بثقله على المواطن نتيجة شح موارد المياه. وبيّن حنّا أن وزارة الموارد المائية لم تضطر إلى تطبيق تقنين يذكر في موسم الصيف الحالي على الرغم من زيادة استهلاك المياه من قبل المواطنين بشكل ملحوظ يفوق النسب المعتادة في الصيف حتى لو كان حارًا، كما هو حال صيف دمشق في السنوات الأخيرة، ومع ذلك تجاوزت الإدارة المائية أشهر الذروة دون تقنين يذكر، بل بقيت المياه مستمرة في الصنابير.‏

يذكر أن سوريا تعتبر من البلدان الواقعة تحت خط الفقر المائي، فحصة الفرد السوري من المياه تتراوح ما بين 700-900 متر مكعب في السنة، وهو ما دون حد العجز المائي العالمي المقدر بـ 1000 متر مكعب سنويًا، ويمثل هذا الحد خللًا واضحًا إذ تعتبر سوريا من البلدان الغنية بالموارد المائية الطبيعية. ويعزى هذا الخلل ما بين توافر الموارد المائية وانخفاض حصة الفرد إلى نسبة الهدر في مياه الشرب والتي تفوق 60%، ويعود ذلك لسوء أنابيب نقل المياه وعدم إجراء الصيانة الدورية اللازمة لها، إضافة إلى أن الزراعة السورية تستحوذ على حوالي 90% من استهلاك المياه في البلاد، وهذه النسبة الكبيرة مردّها إلى سوء طرق الريّ المعتمدة، وهدرها للمياه نظرًا لعدم انتشار شبكات الري بالتنقيط الحديثة في معظم المناطق الزراعية السورية، كما لم تقم الحكومة بأي جهد يذكر لترشيد استهلاك المياه في الزراعة أو لتقديم تسهيلات للمواطنين لمد الأراضي بأنابيب الري بالتنقيط.

مقالات متعلقة

اقتصاد

المزيد من اقتصاد