بوابة الزمن.. إلى المناطق المحاصرة
عنب بلدي – العدد 91 – 17/11/2013
أحد الأحلام الأكثر دغدغة لعقول العلماء على مر التاريخ، وإحدى الأمنيات التي باءت محاولات تحقيقها دومًا بالفشل الذريع إلّا في روايات وأفلام الخيال العلميّ..
وإحقاقًا للحقّ، وشهادة للتاريخ، ورغم أنّه عدوّ وسفّاك مجرم؛ إلّا أن نظام الأسد هو أول من نجح «ببراعة» بصنع بوابة زمن -حقيقيّة لا أسطوريّة- تجاوزت مخططات أذكى المخترعين، وأحلام أوسع الهواة خيالًا، وحُقّ له -برأيي- المطالبة ببراءة اختراع ورقم قياسيّ جديد في سجلات غينيس العالميّة!
يظنّ ظانّ أن الكلام تهكّمي؛ لكنّه -يشهد الله- حقيقة معاشة، وإن أردت البرهان الصادق فإمكانك المرور عبر أحد حواجز النظام -بوابات الزمن- إلى إحدى المناطق المحاصرة، الأمر صعب والتشديدات الأمنية ستعاكس رغبتك، لكن المرور عبر الزمن ليس بالسهولة التي تتوقعها، ولن يتاح ﻷيٍّ كان!
إن كنت من سعداء الحظّ ودخلت، سترى هناك عربات تجرّها الخيول، دراجات هوائية تحسب معها أنك في اليابان، شوارع خالية، أبنية بطابقين أعلاها مدمّر تماما، أشخاص من دون «كروش» تمشي أمامهم -كما في أفلام الخمسينيات-، ربما ستصادف سيّارة ما تعبر الطريق خلال نهارك كلّه، لا تفزع.. على الأغلب هي سيّارة إسعاف مستعجلة، وما سواها سيكون وقع حياة بطيء، متمهّل، لا أثر ﻷي تطوّر فيه!
تفضّل -لو أتيح لك ذلك- بدخول أحد البيوت، ستجد صبيّة تعالج «بابور» نحاسي -كالذي شاهدته في باب الحارة- تقرعه وتدقّه لتصنع الشاي أو تحضّر الطعام.. وتنهض بخفّة قاصدة غرفة كانت فيما سبق للضيوف، فصارت اليوم غرفة «مؤونة» فيها الطحين واليقطين والعدس والحمّص والباذنجان المجفّف وسواه!
أو لعلّك ستدخل إلى بيت فتشاهد ربّة منزل تذكي نار «الكانون» بالحطب، وابنها أمام المنزل يقطّعه لها بـ «البلطة» بصوت متواتر تسمع صداه من حارة ﻷخرى، تضع السيدة بعض الطعام في نمليّة تجاور بشكل هزليّ فرن «مايكرويف» صار إحدى خزائن المطبخ، ولعلّها ستحفظ به الخبز الذي شاهدتها تقوم بخبزه للتو!
لون الخبز مختلف قليلًا عما اعتدته.. طعمه أيضًا كذلك، لا تستغرب، ففيه من أصناف الطحين ما فيه، طحين شعير وذرة وفول صويا وفاصولياء وأرزّ، وشيء من قمح قليل، وأنواع أخرى من الحبوب تختلف من منزل ﻵخر!
ربما أرسلتك على غفلة منك للبقّال لتشتري لها بعض الخضار، لا تتفاجأ عزيزي عابر الزمن إن رأيت الأطفال يشترون لفائف صغيرة من قمر الدين، أو كرات من عجوة التمر، بدل «الشوكولا، الشيبس، البسكويت» التي تعرف.. لا تنسى أنك من زمن آخر!
تختار حبّات الطماطم لتعود بها إلى المنزل، تمدّ يدك للبائع لتدفع الثمن مذهولا بكل ما حولك من أجواء سحريّة تجعلك تنتظر «أبو عصام» أن ينهض من القبر.. لكنّ السعر «المرقوم» الذي طلبه البائع سيعود بك إلى العام الحقيقي الذي تعيش فيه، أو لعلّه يتنقل بك بقفزة واحدة إلى سنوات مستقبلية لم تأتِ بعد..
تناوله ما يريد مشدوها بالشبه العجيب ما بين باب الحارة.. وباب الغارة..
أليست بوابة زمن بحقّ؟!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :