أنغام دمشق الآن: “المد العلوي تفجر، والحلم الأموي تكسر”
جودي سلام – عنب بلدي
عندما نسمع اسم «دمشق» يخيل إلينا الياسمين الدمشقي والأغاني الدمشقية القديمة الشهيرة، إلا أن ما بات يسمع في الآونة الأخيرة في دمشق «المحتلة» شيء مختلف تمامًا. فالأغاني الطائفية واللطميّات الشيعية صبغت المدينة بلون لم تعهده، وأصبحت فيها كظاهرة جديدة، تغزو شوارعها وكراجاتها.
لطالما سمعنا عن المد الشيعي وعن مخططات التوسع الإيرانية عبر العراق إلى مختلف الدول العربية والإسلامية، إلا أننا لم نسمع سابقًا عن المد العلوي؛ فما يعرف عن الطائفة العلوية في سوريا أنها ذات فكر وعقيدة مختلفين لما عليه عند الشيعة، فالعلويون لا يشاركون الشيعة مناسباتهم الدينية، مثل عاشوراء. ولكن يبدو أن دخول حزب الله إلى سوريا إضافة إلى بعض الجماعات الإيرانية المقاتلة واندماجهم بين صفوف شبيحة النظام، والذين ينتمون للطائفة العلوية، أثّر على هذا الفكر.
تقول علا وهي ناشطة متواجدة في دمشق حاليًا بأن شبيحة النظام متأثرون جدًا بعناصر حزب الله الذين يقاتلون معهم، بفكرهم وبشخصياتهم، ومعروف عن جنود حزب الله أنهم أقوياء ولا تنقصهم الخبرة العسكرية، وأنهم ذوو فكر وعقيدة راسخين. وتضيف علا أنه ومنذ بداية الثورة كان طبيعيًا ومعتادًا أن تسمع أغاني المديح لبشار الأسد تعلو من بعض الأماكن، وأغاني المديح للجيش العربي السوري تصدح من سيارات الشبيحة التي تجوب المدينة طوال اليوم، لكن لم نسمع في دمشق يومًا لطميات خاصة بالعلويين، أما الآن فدمشق تضج بهذه اللطميات والأغاني الطائفية طوال النهار. وتتساءل علا مستغربة «كيف بات من المعقول أن ترفع الأعلام السوداء في دمشق يوم عاشوراء؟».
وتحدثنا زينة وهي من سكان حي المهاجرين بأنّ أغنية علي بركات «المد العلوي تفجر والحلم الأموي تكسر» تصدح طوال النهار من الحاجز القريب منهم المتواجد عند شورى، وكذلك عند حاجز الرئيس. وتقول زينة إن هذه الأغنية طائفية بحتة، وسماعها والتفكير بكلماتها التي تحمل معان طائفية مثل «لن يسلم وهابي سلفي»، يشعرها «برغبة بالإقياء». وتضيف أن شبيحة النظام قد يكونون طائفيين بداخلهم، إلا أنهم لم يكونوا ليظهروا هذه الطائفية على الملأ وبهذا الشكل؛ بل على العكس، كانوا يتهمون الشعب بالطائفية ويتغنون ببشار قائدهم وقائد الشعب بكافة أطيافه، لكن أغنية المد العلوي تخصص أن بشار قائد لطائفتهم فقط، وأنهم سيحاربون كل «سنّي سلفي».
أما لين وهي من سكان حي المزة فتشعر أنّ النظام بدأ يستعيد قوته، ويمسك زمام الأمور. تقول لين أنه ومنذ عام كان النظام قد نشر على جدران دمشق عبارات الوحدة الوطنية، ونبذ الطائفية ليعكس للغرب أنه نظام غير طائفي، أما الآن وبعد مساندة العالم والغرب له فلم يعد يعر أي اهتمام لأي شيء، فقد أظهر طائفيته بشكل علني ودون خوف.
وتوضح عبير المقيمة في حي البرامكة أن «بعض سكان دمشق بمختلف انتماءاتهم، معارضين ومؤيدين ومحايدين، أصبحوا يضعون أغاني اللطميات في محالهم التجارية كـ «تبييض وجه»، كما أن بعض المواطنين يشغلون هذه الأغاني في سياراتهم لتسهيل مرورهم على الحواجز».
هذه الظاهرة الطائفية أزعجت الكثيرين من سكان دمشق بمختلف انتماءاتهم. ريما المقيمة في دمشق والتي تقف على الحياد حيال ما يحصل في سوريا تقول «أنا من الطائفة العلوية وأنزعج كثيرًا من هذه الأغاني التي توضع في دمشق طوال اليوم». أما علا التي تتحسر على ما آل إليه حال المدينة العريقة فتقول «هذه هي دمشق، هذه هي الشام… هذا ما يحصل كل يوم في مدينتنا، والوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. حياة الناشط أو المعارض في دمشق اليوم هي أشبه بالموت البطيء»، توقفت علا عند هذه الكلمات، إذ بكت وغلبتها الدموع.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :