عنب بلدي – العدد 91 – 17/11/2013
الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي تتشكل فيها شخصية الطفل، لذلك فمن الضروري أن تبتعد عن الأساليب الخاطئة التي قد تنشئ شخصية غير سوية.
ومن أكثر هذه الأساليب شيوعًا العقاب بكل أنواعه، حيث ثبت أنه طريقة غير مجدية في التربية والتهذيب (التي تتطلب الاحترام المتبادل والثقة) لعدة أسباب. فالعقاب غالبًا ما يعلّم الطفل أن يتصرف تمامًا بشكل مخالف ومناقض للسلوك الذي أردت منه أن يتعلمه، وقد يزيد مقاومته ورفضه لما تتطلبه منه. والعقاب الجسدي الذي يمارسه الآباء لا يمنع العنف بل يعمل على تشجيعه، لأنه يحبط الولد وفي الوقت نفسه يقدم له نموذج تصرف يقلده ويتعلم منه، ويمكننا أن نرى ذلك من بعض الآباء المحيطين بنا كيف أنهم قد يتلقون إهانات مادية ومعنوية من أبنائهم غالبًا ما يكونون قد تعلموها على أيدي آبائهم.
حتى لوكان الطفل ما يزال صغيرًا وغير قادر على الكلام بعد، فذلك لا يعني أنه غير قادر على الاستماع والفهم، فالوالدان هنا أمام خيارين: إما أن يضربا الطفل عدة مرات على تصرفه وبذلك يعلمانه أن هذه هي الطريقة الوحيدة لكي يتعلم ما لا يجب فعله، أو بوسعهما أن يعاملاه على أنه كائن إنساني له كرامة وقيمة بتعليمه طرقًا صحيحة بالتعامل كي يستعملها مدى الحياة.
بعض من هذه البدائل
إظهار عدم الرضى: كأن تقول للطفل لا يعجبني ما فعلت وأتوقع منك أن تصلح ما أفسدت. حيث لا يكفي أبدًا عدم رضانا، يجب أن نوجه الطفل بطريقة ما ونساعده على تقديم تعويضات عما فعله، فبعد ندمه على ما فعل يحتاج فرصة ثانية لإصلاح شعوره بنفسه وأن يرى نفسه على أنه شخص محترم وعضو مسؤول عن تصرفاته. بذلك نكون قد زرعنا في نفسه حين يكبر أنه شخص قادر على أن يعوض عن أخطائه بدلًا من أن يعتقد أن ما فعله يثبت أنه شخص لا قيمة له ويستحق العقاب. صحيح أن الطفل يحتاج أن يشعر بعدم رضانا في بعض الأوقات عن تصرفاته ولكن يجب أن ننتبه إلى رد فعلنا فلا يكون قويًا جدًا إلى درجة يشعر الطفل أنه تافه ومحتقر وبالتالي يشعر بالذنب ويكره نفسه، وهذا كله يلعب دروًا في تطور شخصيته.
التصحيح الزائد: يعني أن تلزم الطفل بإصلاح ما أفسده، مثلًا حين يرسم على الحائط نلزمه بأن يقوم بتنظيف الحائط وبذلك نحقق ما يسمى بالتصحيح البسيط. أما إذا كلفته وألزمته بعمل إضافي مثلاً أن ينظف الأرض مع الحائط فهذا تصحيح زائد، فهو زائد عما قام به الطفل من سلوك خاطئ وبهذا ننمي حس المسؤولية لديه.
تكلفة الاستجابة: يعني أن الطفل عندما يرتكب تصرفًا غير مقبول فإنه يفقد شيئًا من المعززات التي يحصل عليها، مثلاً إذا ضرب أخته فإنه يحرم من مشاهدة التلفاز.
التعزيز الإيجابي: يقصد به التعزيز الذي يحصل عليه الطفل من جراء قيامه بالسلوك المقبول وهذا الأسلوب يفضل عند تعليم الطفل مهارة جديدة. التعزيز قد يكون لفظيًا يتمثل باستخدام الألفاظ والكلمات لمدحه، كأن تقول أنا معجب بتصرفك، ويمكن أن يكون غير لفظي، يتمثل بالحركات والإشارات التي تحمل معاني مختلفة باختلاف الموقف مثل الابتسامة، وقد يكون تعزيزًا ماديًا كالهدايا، أو تعزيزًا غذائيًا كالشوكولاته، أو تعزيزًا نشاطيًا كالرحلات أو مشاهدة البرامج التلفزيونية. يجب أن ننتبه أن يكون المعزز مناسبًا للطفل ومرغوبًا به من قبله ويناسب الفئة العمرية التي يتم التعامل معها وأن يكون بكمية مناسبة إذا كان معززًا ماديًا، فأحيانا قد نضطر إلى استبدال المعزز بمعزز آخر أكثر فعالية حتى يعود بالنفع.
لوحة النجوم: هذه اللوحة سهلة الإعداد، تسجل الأيام على طول جانب اللوحة وفراغات للصق النجوم أو أي ملصق آخر عندما يؤدي الطفل السلوك المناسب، ويمكن ببساطة إضافة نجمة كل مرة يقوم فيها الطفل بأداء سلوك إيجابي معين، أو عند توقفه عن أداء سلوك غير مقبول.
هذه بعض الطرق التي قد تناسب بعض الأطفال وربما تنطبق في موقف ولا تنطبق في موقف آخر، فكل ذلك يعتمد على الطفل وطريقة تعامل الأهل معه.