مثقفون ومحللون عرب: منبج نقطة تقاطع المصالح الدولية و”صراع الحلفاء”
فتح دخول المصفحات الروسية والآليات العسكرية إلى مدينة منبج بريف حلب الشرقي في اليومين الماضيين مرحلة جديدة من “صراع النفوذ” بين القوى الدولية الكبرى، التي تحاول أن تغير خط سيرها العسكري على الأراضي السورية، والبدء برسم خريطتها الجديدة.
تساؤلات وتكهنات عدة أطلقت عقب هذا التحرك العسكري شرق حلب، إذ لم تتبيّن مآلات الساحة العسكرية وخطط القوى اللاعبة حتى الآن، خاصة مع تشديدات تركية على دخول المدينة، يؤكدها قادة “الجيش الحر”، لكن يقابلها إعلانات روسية معاكسة تصرّ على سيطرة قوات الأسد على المدينة بشكل كامل.
وخصصت الصحف العربية اليوم، الأحد 5 آذار، مساحات للحديث عن مدينة منبج والمرحلة المقبلة التي ستشهدها، والتنبؤات المتعلقة بمصير المتحكمين بها.
منبج “دانزيغ سوريا” والمشرق
البداية من مقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إياد أبو شقرا، في صحيفة الشرق الأوسط، بعنوان “منبج دانزيغ سوريا والمشرق”، والتي شبه فيها مدينة منبج بدانزيغ البولونية ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة التي تتصارع عليها العديد من الدول الكبرى نظرًا لموقعها العام.
وقال المحلل السياسي “مدينة منبج هي اليوم نقطة تقاطع كل هذه التداعيات، ومن خلفها التناقضات الكبرى، التي من شأنها رسم الخريطة المستقبلية..ربما ليس في سوريا فحسب، بل في الإطار الأوسع من سوريا، وغدت المدينة أشبه بمدينة دانزيغ أو غدانسك البولندية التي جعلها موقعها الاستراتيجي في شمال بولندا منطقة فاصلة بين الجزأين الشرقي والغربي من بروسيا، ذلك الكيان العظيم الذي بُنيت عليه وحدة ألمانيا”.
وعرض الكاتب اللبناني أهمية المدينة، إذ “تجد نفسها نقطة تلاقٍ وبؤرة صراع بين العرب والأتراك والأكراد”، مشيرًا أنها “تدفع الآن ثمن مواقف واشنطن المُلتبسة وروسيا التدميرية من الأزمة السورية برمتها، وهي تدفع أيضًا ثمن الجشع الانتهازي عند بعض الأكراد المستغلين حالة انحطاط عربية، وعملية إعادة نظر في الهوية السياسية عند حكام تركيا وإيران”.
واعتبر أنه “عندما تبرّر أنقرة تمدّد درع الفرات إلى الرقّة، كون الرقّة مدينة ومحافظة منطقة عربية لا أكراد فيها، تتغاضى واشنطن عن تمدّد غضب الفرات الكردية لخلق واقع ديموغرافي جديد، ولو بدعم روسي”.
وهذا الواقع يرفد مشروع “الانفصاليين الأكراد” في شمال سوريا، الذي انتكس مؤقتًا بعد تحرير الباب، وحال دون وصل الأكراد “جيب عفرين الكردي” غربًا، بباقي مناطقهم شرقًا على طول الحدود السورية التركية”، بحسب أبو شقرا.
منبج.. معضلة المفاصلة بين حليفين عدوين
وفي ذات السياق بدأ الكاتب اللبناني كميل الطويل، مقالته اليوم بمقولة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب “سيجد حلفاؤنا أن أميركا من جديد جاهزة لتقود”، متسائلًا عن جاهزية أمريكا لهذا الدور.
وذكر الكاتب في صحيفة الحياة اللندنية أن “الاختبار الذي مرت به إدارة ترامب في شمال سوري قبل أيام، يظهر أنها ما زالت غير جاهزة كليًا لامتحان طمأنة الحلفاء”.
وسرد الكاتب التهديدات التركية السابقة والتي شابهت الحالية على لسان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان عن التشديد الدخول إلى مدينة منبج، وإرسال قوات “درع الفرات” لطرد القوات الكردية منها.
كما عرض تصريحات متشابهة لمسؤولين أمريكيين عن موقف التحالف من الإصرار التركي لدخول المدينة، والتي أكدت على أن “تركيا حليفتنا ضد داعش، لكن هذا التنظيم ليس موجودًا في منبج، وعلى الجميع، بالتالي، توحيد جهودهم ضد داعش فقط”.
وعقب دخول المصفحات الروسية إلى المدينة في الريف الحلبي اعتبر محللون أن هذه التطورات تعتبر بمثابة “صفعة” للحكومة التركية، يمكن أن تثنيها عن تنفيذ تهديداتها السابقة، فقيام حرب مفتوحة بين “قسد” والجيش التركي وكلاهما حليف لواشنطن، يعني تسديد ضربة قوية للسياسة الأمريكية في المنطقة.
وبرر الكاتب اللبناني لجوء القوات الكردية المتمثلة بـ”مجلس منبج العسكري” للاتفاق مع القوات الروسية في اليومين الماضيين إلى تغاضي الحليف الأمريكي عن الهجمات العسكرية التي بدأها الأتراك و”درع الفرات” بهدف السيطرة على المدينة.
وفي نهاية المقال تساءل الكاتب عن الحليف الأساسي الحالي للأتراك سواء الروسي أو الأمريكي، مشيرًا أن “الإدارة الأمريكية حائرة هل تختار الحليف التركي، وهو قوة عسكرية ضخمة ودولة مؤسسات مركزية، وصاحبة ثقل سنيّ، أم تواصل رهانها على الأكراد الذين أثبتوا، حتى الآن، أنهم قوة لا يُستهان بها في الحرب على داعش”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :