إدلب – طارق أبو زياد
“أنتهي من صلاة الجمعة وأتجه إلى السوق لافتتح دكاني كأي يوم آخر، فلم يعد هناك وقت للراحة أو متسع لإيقاف العمل… ولو نزل الناس إلى الأسواق قبل الصلاة لفتحت دكاني أيضًا”.
هكذا بدأ براء بيطار (40 عامًا)، صاحب محل للأدوات الإلكترونية في سوق مدينة إدلب، جوابه عن سؤالٍ حول ما يفعله يوم الجمعة، كحال الموطنين القاطنين في إدلب، وهو العمل في كافة أيام الأسبوع.
افتتاح الأسواق والمحلات التجارية في الجمعة ظاهرة ازداد انتشارها في الشمال السوري عمومًا، بعدما اعتاد الناس على قضاء يوم العطلة مع العائلة، أو التنزّه وزيارة الأقارب.
يوم للعمل لا للتنزّه
اعتاد براء بيطار فتح محله يوم الجمعة منذ سنة، ويقول لعنب بلدي إن السبب الرئيسي لعمله في العطلة، هو جني بعض الأرباح الإضافية، لا سيما أن أغلب قطاعات العمل تعاني من تراجع الدخل وصعوبة تحصيل الموارد المالية.
ويعاني السوريون في عموم المناطق من صعوبة الحصول على المال في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع الحركة التجارية على جميع المستويات، في ظل الحرب الدائرة منذ سنوات.
منار هنداوي، خريجة كلية الصيدلة وتملك صيدلية في ريف إدلب الجنوبي، تقول إن التنزه يوم الجمعة “أصبح من الماضي… نحن في حرب والقصف يومي… الجمعة أصبح كغيره من أيام الأسبوع. لا تغيير إلا صلاة الجمعة، والتي تلغى أحيانًا أيضًا”.
وتردف الصيدلانية “عملي يوجب علي مساعدة الناس، فهناك الكثير من المرضى والحالات الاستثنائية التي يحتاج فيها الناس للدواء في أوقات مفاجئة… لذلك أقوم بعملي يوم الجمعة لخدمة أي أحد قد يحتاج لدواء أو أي شيء مما نقدمه”.
تعويض عن أيام القصف
علي الحموي، نازح من مدينة حماة، يعتبر حركة الأسواق في يوم الجمعة “أمرًا طبيعيًا”، فلا يكاد يمر الأسبوع دون أن تتوقف الحركة ليوم أو أكثر بسبب القصف، “وهو ما يعود بالضرر على أصحاب المحلات من جهة، وعلى المواطنين الذين لهم حاجات ومتطلبات من السوق من جهة أخرى”.
ويرى الشاب أن الأسواق تشكل “خدمة” للباعة والزبائن على حد سواء، “ولا يمكن الجزم أن الأسواق تفتح فقط لأن التجار يريدون المزيد من المال، فلو لم تكن هناك حركة الناس لما فتحت المحلات”.
كهلٌ إدلبي يرفض تغيير التقاليد
في حين عارض الحاج مرهف العبيسي، وهو أحد كبار السن في إدلب، فكرة أن يكون يوم الجمعة كغيره من الأيام، وعزا ذلك إلى اعتباره “عيد خصّصه الله للمسلمين، وعلى الناس أن يرتاحوا فيه، بغض النظر عن الحرب وغيرها، فهو يوم مقدس ويجب احترامه وإعطاؤه نوعًا من الخصوصية عن باقي الأيام”.
وعلى الرغم من حركة يوم الجمعة في مختلف المجالات، إلا أنه يبقى العطلة الرسمية لدى المنظّمات والمؤسسات الإدارية، كالمدارس وعيادات الأطباء وغيرها، ويبقى المواطنون يقصدون فيه قضاء حاجاتهم، فالحرب لم تترك في حياة السوريين فسحة كافية للراحة والترويح عن النفس.