حمص – جودي عرش
لم تعد المنازل آمنة بالنسبة لثناء المحمد، التي لم تعتد مع أبناء حيها الحمصي على القنابل المظلية، بينما يعجز الإغاثي “أبو عمر” عن تقديم ما يخفّف عن سكان الوعر، بعد عجز الأمم المتحدة عن إدخال المساعدات الإنسانية.
أيام دامية ولا فرصة للنجاة
بدأت الحملة العسكرية على الحي في 7 شباط الماضي بشكل مفاجئ، باستهدافه من قبل قوات الأسد بالمدفعية الثقيلة، وصواريخ الفيل، ما أوقع عددًا من الجرحى في اليوم الأول.
ثناء المحمد، من أهالي حي الوعر المحاصر، تقول “في فترة الظهيرة من اليوم الأول بدأ النظام استهدافه للحي في مشهد غير مسبوق، إذ كان الآلاف من السكان في الشوارع… الاستهداف كان شرسًا ولم يكن هناك مكانٌ آمن لا تصله القذائف”.
وارتفعت وتيرة القصف بدخول الغارات الجوية، عقب سلسلة التفجيرات التي طالت فرعي أمن الدولة والأمن العسكري في مدينة حمص، والتي تسببت بمقتل ضباط وعناصر، في 25 شباط الماضي.
تتابع ثناء “بعد تفجيرات المراكز الأمنية شعرنا أننا سنكون المتهم الأول، رغم معرفة النظام باستحالة هذه الفرضية، وبحكم العادة نعلم أن الوعر هو الوجهة التي يوقع النظام عليها جام غضبه.. لذلك كنا نخشى تصعيدًا عنيفًا وتحقق ما كنا نخشاه”.
المنازل والملاجئ لم تكن آمنة، خاصة بعد استخدام النظام للقنابل المظلية الفراغية التي تزن نحو 500 كيلو غرام، والتي تحدث دمارًا كبيرًا في المنطقة التي تستهدفها.
وأوضحت ثناء “لم نستهدف بهذه القنابل (الفراغية) من قبل، وظننا في بادئ الأمر أنها بالونات حرارية، لتتبين فيما بعد قدرتها الكبيرة على الحفر والتدمير”.
كارثة إنسانية متوقعة
ارتباط دخول القوافل بالمفاوضات كانت عائقًا أمام أهالي الحي البالغ عددهم أكثر من 13 ألف عائلة، بحسب المسؤول الإغاثي، محمد أبو عمر.
وقال المسؤول لعنب بلدي “لم تستطع القوافل الأممية الدخول إلى الحي كونها ترتبط بالمفاوضات بشكل مباشر”، مضيفًا “حتى وإن كان للأمم المتحدة نية الدخول قبيل جنيف، إلا أن النظام عرقل الدخول إليها، وسرقها”.
و”في الأيام الماضية تسبب تأخير دخول القوافل إلى الحي بخلق أزمة إنسانية كبيرة، إذ فقد حليب الأطفال والحصص الغذائية من طحين وغيرها”.
وأفرغت محتويات قافلة للأمم المتحدة من قبل ميليشيا الإمام الرضا، في 21 شباط، في قرى موالية للنظام السوري، واعتدت الميليشيا على المرافقين للقافلة، بحسب معلومات عنب بلدي، الأمر الذي أكدته الأمم المتحدة في بيان لاحق.
وبحسب المسؤول فإن أعداد الحصص الغذائية خُفضت من 15 ألف حصة إلى عشرة آلاف حصة، كان من المفترض دخولها بعد اجتماع أستانة.
“عجز حقيقي يشعر به الإغاثيون إزاء أهالي الحي”، أضاف المسؤول الإغاثي فـ “لم نعد قادرين على تقديم المساعدة واستنفدنا كل المواد الإغاثية… هذا الأمر خطير إن لم تتدخل الأمم المتحدة بشكل عاجل لإنقاذ الأبرياء”.
290 جريحًا ولا إمكانيات طبية
خلال الأيام الماضية من الحملة العسكرية بلغت حصيلة الجرحى 290 جريحًا، إلى جانب 47 من الضحايا المدنيين بينهم عشر نساء و13 طفلًا، بحسب طبيب الإسعاف علي جمعة.
ومنذ اليوم الأول للحملة استهدف الطيران الحربي الحي بـ 128 غارة بينها 26 تحمل صواريخ مظلية، و78 صاروخًا من نوع “فيل”، إضافةً إلى أكثر من 500 قذيفة بين هاون ودبابة و “مدفع 57”.
وأوضح الطبيب، في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن المشفى الميداني أجرى 35 عملية جراحية من ضمنها 13 عمليةً بترت أعضاء أصحابها.
وأضاف مدير المشفى الميداني، أبو محمد السبسبي، أنه إلى جانب الحالات السابقة “ظهرت حالات أصيبت بأمراض نفسية، عدا عن حالات نقص التغذية التي أصابت الأطفال بشكل خاص.
وخلال الحديث مع مدير المشفى عن الوضع الطبي، أشار إلى “استنفار الكادر الطبي في الحي، والعمل بشكل متواصل على مدار 24 ساعة، استنفد من خلالها قواه الجسدية والنفسية في ظل نقص الأدوات الطبية”.
كما تعرض بعض من العناصر إلى الإصابات المباشرة، ما أسهم في زيادة النقص الحاد في الكوادر الطبية، وفق السبسبي.