علمانيون، إسلاميون لا يهم، ثورتنا بالمقدمة
عنب بلدي – العدد 90 – الأحد 10/11/2013
إن ما يهز أركان ثورتنا بل وما يدمرها هو من وجهة نظري افتقادنا للرزانة السياسية والإصابة بمرض الازدواجية السياسية من إسلامية وعلمانية. واسمحوا لي بوصف معظم سياسيي ثورتنا والكثير من القائمين عليها بالكفرة بفقهنا الوطني الثوري.. إذ نلاحظ كيف تتخبط بعض النخب في الصراعات الأيديولوجية والتناقضات، متناسين هوية الشعب ودسترة القيم التي يؤمنون بها، حيث تم إلغاء كل رأي لا يعجبهم وإقصاء كل وجه لا يرتاحون إليه.
إننا نراوح مكاننا في نقطة الصفر، بل نزلنا دونها في العديد من المجالات وأهمها العسكرية. وهناك تقهقر ملحوظ لمكانة ثورتنا في المحافل الدولية. كذلك فقدنا ثقة الجار والصديق بما ارتكبناه من أخطاء، وبدا الأمر كوصفة جاهزة لإنهاء عرس إرادة الشعوب أو أي اختلاف جائز بأي ثورة بالدبابة والمدفع. كما بلغ الأمر في مصر بعد الانقلاب فالجميع «يصرح» و “يزيد ويقص» و “يطلع ويهبط» و “يبيع ويشتري» في حلقة مفرغة، وفي فضاء افتراضي، كأنما دخل كل فريق فقاعة لا يبرحها، فهو لا يسمع ما يقال خارجها ولا يسمعه الناس خارجها، فالحوار انتهى إلى مهرجان بهلواني لا يسمع فيه إلا للموسيقى الصاخبة فقط.
إن ما تحتاجه هذه المرحلة من حياتنا الثورية هو التحلي بثقافة الدولة، أي الحوار حول أقوم المسالك لتأسيس القوة الضاربة وتجنب خلافاتنا وأفكارنا السياسية للوصول إلى سوريا الجديدة العادلة القوية المنيعة، ليس على أنقاض وبقايا فساد نظام أسدي دكتاتوري مقوماته الاستبداد والظلم، زرع مبادئه وعشعشت عاداته في نفوسنا، وللأسف باتت تنعكس على ثورتنا سلبًا، وأصبحت ثورة سورية أسدية بامتياز معارضة بشعارات ورموز جديدة لا أكثر!
لو نقرأ نتائج فشل المسار الديمقراطي في مصر، وتعثره في تونس، وانهياره في ليبيا، بعيون الموضوعية والمعرفة لاستنتجنا بأن مسؤولية هذا الإحباط تقع على جميع النخب، لأن الرأي العام في هذه المجتمعات مجمع على أن النخب أخطأت تشخيص أمراض الناس، فأخطأت العلاج. وعوض تركيز الاهتمام على استعادة هيبة الدولة العادلة القوية وحصانة القانون ومناعة الحقوق ضمن تلك الدولة الجديدة الخارجة من رحم ثورات الحرية والكرامة، انصرفت إلى الجدل العقيم، ناسية أن ثقافة الدولة تقتضي الحفاظ على مكاسب دولة الاستقلال، وقراءة التاريخ بعيون اللحظة الماضية التي اتُخذت فيها قرارات خاطئة، والتحلي بفضيلة الاعتبار بتاريخ تلك الدولة المؤسسة للأوطان بعد نيل استقلالها السياسي والإداري، لذلك علينا التحلي بوحدتنا العسكرية للحفاظ على مناطقنا المحررة وعدم الإقصاء عن الجماعة، وبعد الإسقاط نفرض سيادتنا على بعضنا فمصيرنا السياسي والثقافي والاقتصادي واحد، من بعد برمجة الوحدة الإقليمية ثم القومية من أجل الوصول إلى وحدة إسلامية كاملة العقيدة كون منطقتنا تتمتع بالغالبية الاسلامية، والوصول التدريجي إلى مرحلة القطب الإسلامي الموحد، وهو أكبر من الدولة القومية، ضمن مراعاة أهداف الثورة السورية المتضمنة: الحفاظ على الهيكلية التنظيمية والسياسية الكفيلة بتمثيل الشعب السوري الثائر، والتواصل مع المجتمع الدولي والعربي، والهيئات الدولية والعربية والإقليمية، من أجل تمكين الشعب السوري من تحقيق تطلعاته المشروعة في بناء دولته المدنية الراعية لحقوق جميع مواطنيها..
آخر دعواتنا: اللهم ارزق ثوارنا صفاء السريرة وحسن البصيرة…
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :