عنب بلدي – العدد 90 – الأحد 10/11/2013
تعكس تقلبات سعر الصرف في الأسواق حالة التغيرات الاقتصادية في الدولة، والتطورات في المشهد السياسي على الصعيد الإقليمي والمحلي. ففي الحالة السورية فإن ارتفاع قيمة الليرة أمام الدولار غير ناجم عن تحسن في الأوضاع الاقتصادية، وإنما بسبب التغيرات في المشهد السياسي والعسكري خلال الشهر الماضي. فقد وصل سعر صرف الليرة إلى 330 ليرة مقابل الدولار بالتزامن مع احتمال الضرب العسكرية للنظام السوري في أواخر آب المنصرم نتيجة استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية والغربية لدمشق، ثم ليعود سعره للاستقرار عند حاجز 230 ليرة مقابل الدولار مع موافقة النظام السوري على تسليم سلاحه الكيماوي والبدء بعمليات تفكيكه.
واستمر التحسن في قيمة الليرة السورية أمام الدولار إلى أن وصل سعر الصرف إلى 123 ليرة يوم الاثنين 5 تشرين الثاني، ويعتبر هذ التحسن هو الأعلى منذ شباط عام 2012 عندما تجاوز قيمة الدولار الواحد 100 ليرة، ولكن سعر الصرف عاد ليتراجع ويستقر عند حاجز 150 ليرة يوم أمس السبت 9 تشرين الثاني 2013.
ويرى محللون اقتصاديون أن هذه التحسن يعود إلى تطورات المشهد السياسي والتجهيزات لعقد مؤتمر جنيف – 2 التي أدت إلى استقرار سعر الصرف وانخفاضه تدريجيًا. بينما يرى آخرون أن صدور المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2013 الذي ينص على « تجريم كل من يتعامل بغير الليرة السورية وفرض غرامات مالية وعقوبة بالسجن تتراوح من 3 إلى 10 سنوات لكل من يخالف هذا المشروع» كان له تأثيره المباشر على حركة تداول الدولار في السوق. ففي حمص ذكر ناشطون لعنب بلدي أنه تم اعتقال بعض التجار ممن يتعاملون بالدولار، وبعض سماسرة الصرافة في السوق السوداء، وتمت مصادرة الدولارات التي في حوزتهم وسجن عدد منهم. أما في دمشق فقد تم في الشهر الماضي إغلاق كبرى شركات الصرافة العاملة في السوق مثل شركة «حنيفة للصرافة» وشركة «العالمية للصرافة» بحجة مخالفتها للمرسوم رقم 54 وعملها بالمضاربة في السوق السوداء.
وقد صرح مصدر مطلع داخل المصرف المركزي لعنب بلدي أنه لا يوجد مؤشرات اقتصادية حقيقية تعكس التحسن في قيمة الليرة، وربما يكون مجرد لعبة سوق، وتوقع المصدر عودة سعر الدولار للارتفاع من جديد في غضون الأسابيع المقبلة، وأضاف أنه رغم قيام المركزي بجلسات تدخل في السوق من خلال عروض لبيع القطع الأجنبي لشركات الصرافة، أحجمت شركات الصرافة عن شراء الدولار.
ويلعب الطلب وعرض الليرة السورية في أسواق الدول المجاورة دورًا هامًا في قياس وتحديد سعر صرف الليرة والتنبؤ بأسعارها المستقبلية، ففي زيارة لمراسل عنب بلدي في بيروت لمحل صرافة، ذكر ياسر وهو صاحب محل صرافة، أن الطلب على الدولار ارتفع من قبل السوريين بعد تأجيل مؤتمر جنيف-2، ويتوقع ياسر استمرار تقلبات قيمة الليرة السورية أمام الدولار وعدم استقرار سعر الصرف لليرة، فالمشهد السوري متقلب وغير مستقر، وفي قراءة له يرى الصراف ياسر أن سعر الصرف سيعود للارتفاع من جديد معللًا ذلك بما شهده السوق من ركود الطلب على الليرة تزامنًا مع اقتراب مؤتمر جنيف في السوق اللبنانية.