مالك أبو إسحق – إدلب
يبدأ في إدلب ومع بداية الشهر الحالي موسم قطاف الزيتون، وكغيره من المحاصيل الزراعية فإن جني الزيتون واستخراج الزيت أمر محفوف بالمخاطر والمعوقات.
فوجود قوات النظام وقربها من أماكن حقول الزيتون يجعل عملية قطفه أمرًا غاية في الخطورة، فحواجز النظام تقوم باستهداف أي شيء يتحرك داخل هذه الأراضي، وقد قام الناشطون بتوثيق 9 إصابات من إحدى ورش جني المحصول في الأيام الأولى لعملها، ومعظم الإصابات كانت من النساء، ليس هذا فحسب، بل تعدى الأمر لإلحاق الضرر بأشجار الزيتون وقيام بعض عناصر قوات النظام في بعض المناطق بجني المحصول وسرقته وبيعه في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، والجدير ذكره هنا أن قوات النظام المتواجدة في مدينة معرة النعمان وجنوبها أعلنت عبر مكبرات الصوت والهواتف اللاسلكية العسكرية بعد حادثة استهداف المدنيين التسعة عن سماحها للأهالي بجني محاصيلهم القريبة منهم، ولكن الأهالي رفضوا هذه الفكرة واعتبروها بمثابة «الفخ» إذ إن «الجيش الأسدي له تاريخ حافل بالغدر» على حد تعبيرهم.
ومن جانب آخر فإن من حالفه الحظ وكان محصوله في مناطق أقل عرضة للقصف يجد نفسه أمام مشكلة ارتفاع أجرة اليد العاملة –مقارنة بالأعوام السابقة- والتي تصل لمبلغ لا يقل عن 550 ليرة سورية مقابل 5 ساعات من العمل، ناهيك عن ارتفاع تكاليف متطلبات القطاف من وسيلة النقل وأكياس الجمع وغيرها.
وإذا ما كتب النجاح وجني المحصول فسيجد الفلاح نفسه أمام عائق كبير يتجسد في كيفية استخراج الزيت، كالبحث عن آلات عصر الزيتون. فقلة عدد هذه الآلات في المناطق المحررة بالقياس مع كميات الزيتون التي تجنى، يدفع بعدد من الفلاحين للتوجه للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام، كما يقول أبو سعيد صاحب أحد كروم الزيتون لجريدة عنب بلدي ويتابع قائلًا: «جازفنا هذا العام بقطف الزيتون وتكبدنا عناءً كبيرًا وتكاليف مرتفعة، ولما توجهت إلى إحدى معاصر الزيتون القريبة أخبروني بأنه يتوجب علي حجز دور قبل نصف شهر تقريبًا نظرًا للازدحام، الأمر الذي دفعني للتوجه لمدينة إدلب والمرور عبر حواجز النظام التي قامت بتفتيش أكياس الزيتون، ما تسبب في هدر قسم من محصولي وبعدها نجحت في استخراج الزيت».
ندرة المحروقات وانقطاع الكهرباء وارتفاع ثمن مولدات التيار الكهربائي ذات القدرة العالية لتشغيل الآلات الضخمة عوامل تسببت في قلة عدد آلات استخراج الزيت إضافة لارتفاع تكلفة الاستخراج.
وفي حديث للمهندس الزراعي عبد الله، الذي كان يدير إحدى الجمعيات الفلاحية بريف معرة النعمان لجريدة عنب بلدي قال فيه: «يتميز ريف معرة النعمان بقدرة كبيرة على إنتاج زيت الزيتون، ولكنها هذا العام تراجعت بسبب ظروف الحرب والحصار حيث إن ما لا يقل عن 35% من كروم الزيتون تركت دون رعاية واهتمام زراعي، إضافة لترك بعض الأشجار دون جني، وتدمير بعضها الآخر هذا العام سيؤثر على كمية الإنتاج وسيحول منتج الزيتون نفسه إلى مستهلك له، وارتفاع تكاليف الاستخراج وسوق تهريب المواد الغذائية باتجاه تركيا سيجعل ثمن الكيلو غرام الواحد مرتفعًا جدًا مع صعوبة في تأمين هذه المادة من السوق المحلية».
في ضوء هذه المعطيات فإن عنصرًا جديدًا يضاف إلى قائمة المعاناة التي يتكبدها المواطن السوري ويبقى منتظرًا لما تخبئه له الأيام القادمة وأنظاره متجهة للمنظمات والجهود الجماعية لإيجاد حل لهذه المشاكل.