عنب بلدي – خاص
تستمر الجولات التفاوضية داخل “أروقة” جنيف، بين وفدي المعارضة السورية والنظام والمبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، لتتمخض في يومها الثالث عن ورقة قُدمت للوفدين لدراستها والرد عليها، في خطوة لكشف الطريق حول ماهية الجلسات المقبلة.
ذكرت وسائل إعلامية، الجمعة 24 شباط، أن دي ميستورا اقترح تخصيص يوم خلال المفاوضات لنقاط التفاوض الأساسية، متمثلة بملفات الانتقال السياسي والدستور والانتخابات، مؤكدًا أن وفدي المعارضة والنظام، “جاهزان لخوض مفاوضات مباشرة”.
وفي حديث لعنب بلدي أوضح يحيى العريضي عضو وفد “الهيئة العليا” المعارضة، أنه “ليس هناك برنامج بخصوص الاجتماعات، بل ننظر اليوم وغدًا في الورقة التي قدمها دي ميستورا لنا”.
بينما تسلم رئيس وفد النظام السوري إلى مفاوضات جنيف، بشار الجعفري، في اليوم الثاني من جنيف وثيقة من دي ميستورا، لدراستها والرد عليها، على أن يحمل الطرفان في الجلسة المقبلة موقفهما من الورقة، إلى طاولة المفاوضات.
ما مضمون الورقة؟
وتتضمن الورقة دعوات “لترك مسائل مكافحة الإرهاب والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وما نتج عن مفاوضات أستانة”.
العريضي أوضح أن الاختلاف بين مضمون الورقة وما حملته المعارضة إلى جنيف، “يكمن في مقاربة المسألة، فيراها دي ميستورا بأن تكون عبر التركيز على مختلف الملفات بشكل كامل، سواء الانتقال السياسي والدستور والانتخابات، إضافة إلى الأمور الأخرى المتعلقة بالبعد الإنساني بالتماشي مع البنود 12 و 13 و 14 من قرار مجلس الأمن 2254”.
وتركز المعارضة على ضروة بدء الانتقال السياسي، من خلال منظومة كاملة الصلاحيات، بينما يرفض النظام السوري التسمية، ويدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بوجود الأسد.
مساع للتنسيق بين وفدي “الهيئة العليا” ومنصة القاهرة
جمع لقاءٌ وفد “الهيئة العليا” في المعارضة السورية، وأعضاء منصة القاهرة في جنيف، مساء الجمعة 24 شباط، في فندق “كراون بلازا” في جنيف.
وقال الدكتور يحيى العريضي، عضو وفد “الهيئة العليا”، إن وفد منصة القاهرة لم ينضم لوفد الهيئة العليا، مردفًا “اعتبروا الأمر صفة شكلية”.
ويضم وفد منصة القاهرة خمسة أعضاء، بينما يشمل وفد “الهيئة العليا” 21 شخصًا، على رأسهم رئيس الوفد نصر الحريري، وينوب عنه إليس مفرج، بينما يشغل محمد صبرا، منصب كبير المفاوضين.
وأكد العريضي، أن “وجهات النظر متقاربة من حيث المضمون والجوهر، كما عبر أعضاء منصة القاهرة عن توحد الهدف والموقف المشترك وأن التنسيق بين الوفدين سيكون كاملًا”.
ويرى مراقبون ضرورةً في أن تعمل المعارضة ضمن وفد موحد، لضمان الضغط على النظام السوري، الذي تراه غير جادٍ في التفاوض، ولإلغاء التشتت في صفوفها.
بدوره قال فراس الخالدي، عضو منصة القاهرة، إن اللقاء حمل الطابع التشاوري، مضيفًا في حديثٍ إلى عنب بلدي أنه تضمن “نقاشات فيما يخص جولة جنيف الحالية وكيفية جعلها لصالح قضيتنا”.
ولدى سؤاله فيما إذا كان اللقاء أسفر عن طرح مشترك، أجاب الخالدي “لم يكن هناك طرح كي يُفرض”.
تسعى الأمم المتحدة إلى إشراك أعضاء منصتي القاهرة وموسكو في مجريات التفاوض، إلا أن “الهيئة العليا” تريد أن ينضوي الوفدان تحت مظلتها.
وكانت الجلسة الافتتاحية التي عقدها المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أول أيام الاجتماع، شهدت حضورًا لعضوي منصة القاهرة، جمال سليمان وجهاد مقدسي، ضمن وفد “الهيئة العليا”، الأمر الذي اعتبره البعض إمكانية للتقارب بين الطرفين، وتوحيد الجهود ليكونا ضمن وفد واحد.
العريضي أكد لعنب بلدي أن وفد الهيئة “استوعب واحتوى بعض الأشخاص من منصات أخرى في الافتتاح، ونرحب بمن يعمل وفق مرجعيتنا والرؤية السياسية التي وضعتها الهيئة، وأساسها الانتقال السياسي”.
بينما يرى أعضاء منصة القاهرة أن تشكيل وفد موحد تقنيًا “أمر مهم وإيجابي”، وسط تقارب قد يصل حد التكامل في رؤية الطرفين، وأساسه العمل وفق مخرجات قرار مجلس الأمن 2254.
مرجعية الوفدين
يعتمد وفد المعارضة قرار مجلس الأمن رقم “2254”، الذي ينص على الانتقال السياسي، والذي صدر في كانون الأول 2015.
وتضمن بنود القرار 12 و 13 و14، إمكانية الوصول السريع والفوري للوكالات الإنسانية إلى جميع أنحاء سوريا، ووصول المساعدات، إضافة إلى الإفراج عن أي محتجزين بشكل تعسفي، وإيقاف الهجمات الموجهة ضد المدنيين واستخدام الأسلحة العشوائية، وتهيئة ظروف عودة النازحين واللاجئين إلى منازلهم.
بينما تنص وثيقة مؤتمر القاهرة التي صدرت في حزيران 2015، على ما تصفها بـ “خارطة الطريق للحل السياسي التفاوضي من أجل سوريا ديمقراطية”، وتؤكد على “استحالة الحسم العسكري للنزاع، واستمرار منظومة الحكم الحالية التي لا مكان لها ولا لرئيسها في مستقبل سوريا”.
وتتضمن “آليات تنفيذ عملية قابلة للتحقق، وقادرة على الانتقال إلى تسوية سياسية، غايتها تغيير النظام بشكل جذري وشامل”، كما تؤكد أن “الحل السياسي التفاوضي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا”.
ذوو المعتقلين يطالبون من جنيف برفع ملفّهم “فوق التفاوض”
في اليوم الثاني لمفاوضات جنيف قدّمت نساءٌ من ذوي المعتقلين السوريين والمختفين قسريًا، مطالبهن إلى المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، ودبلوماسيين مؤثرين في مفاوضات جنيف حول النزاع في سوريا.
وطالبت النساء، الخميس 23 شباط بـ “الإفراج الفوري عن أهالينا الذين تم اعتقالهم دون أن يرتكبوا أي جرم يستحقون السجن بسببه”.
التقى الوفد النسوي بدي ميستورا مرتين، وتلقى وعودًا بالنظر بالمطالب والعمل عليها، وتلا بيانًا أمام الصحفيين مقابل مقرّ الأمم المتحدة، ينصّ على “الضغط على النظام السوري وكافة أطراف النزاع، للكشف الفوري عن جميع الأسماء المحتجزة لديهم، وعن أماكن وجودهم ومصائرهم، ووقف التعذيب وسوء المعاملة، وفي حال الوفاة تسليم شهادات وفاة تتضمن أسباب الوفاة، والكشف عن أماكن الدفن”.
عنب بلدي تحدثت إلى آمنة خولاني، المشاركة في الحملة وهي أختٌ لمعتقلَين، وأكدت على ضرورة رفع ملف المعتقلين “فوق التفاوض”، فهو ملف إنساني”، يجب العمل عليه بمعزل عن التقدم أو تجميد المفاوضات.
وأشارت خولاني إلى وقفات في إدلب والغوطة الشرقية ولبنان، بنفس التوقيت، شاركت فيها أكثر من 300 امرأة، رغم أنهن علمن بالوقفة قبل أيام قليلة، وأرسلن صور أبنائهنّ لحملها في جنيف.
ويوجد في سوريا أكثر من 106 آلاف معتقل ومختفٍ قسريًا، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يعتبر النظام السوري مسؤولًا عن توقيف 87% منهم.
وأكد بيان النساء على ضرورة “السماح للمنظمات الإنسانية الدولية بإدخال المساعدات العاجلة من دواء وغذاء لهم (للمعتقلين)، وللمنظمات الحقوقية الدولية بالدخول إلى مراكز الاحتجاز للاطلاع على أوضاعهم عن كثب، في سبيل تأمين أماكن احتجاز مدنية تتوافر فيها الشروط المعيشية الصحية”.
وطالب بـ “إلغاء كافة المحاكم الاستثنائية، وفي مقدمتها المحاكم الميدانية ومحكمة الإرهاب والمحاكم الحربية، وإلغاء كافة مفاعيلها وضمان محاكمة عادلة، في محاكم وطنية بإشراف الأمم المتحدة”.
أطلق على الحملة اسم “عائلات من أجل الحرية”، التي تريد الاستمرار بالعمل ليصبح “جهدًا تراكميًا، يشمل أكبر عددٍ من العائلات بغض النظر عن انتماءاتهم”.
وتدعم النساء منظمات حقوقية ونسوية، محلية ودولية، وأكدّت آمنة خولاني أنهن يطالبن باسم كلّ من له معتقل في سوريا، وليست مطالب شخصية، مشدّدة على أن الموقف هو “ضد الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي الذي يرتكب من النظام السوري بشكل رئيسي، وكل أطراف الصراع”.
ومن المتوقع أن تجري السيدات، سلسلةً من اللقاءات المكثفة مع عددٍ من الشخصيات السياسية والدبلوماسيين، للتعريف بالحملة والتأثير على الرأي العام، ليساعد بالضغط لتحقيق المطالب.