يعقد في جنيف غدًا الخميس 22 شباط، المؤتمر الرابع من نوعه بين وفدي المعارضة السورية والنظام السوري، من أجل مفاوضات “الحل السياسي” في سوريا، التي ستفضي بحسب القوى الراعية إلى عملية “التسوية السياسية” بين الأطراف “المتنازعة”.
تصريحات وإعلانات عدة أُطلقت خلال الأيام القليلة الماضية، حول البنود التي ستركز عليها المفاوضات، إذ أكد مكتب الأمم المتحدة أنها ستناقش فكرة الانتقال السياسي، وإجراء انتخابات في سوريا برعاية أممية.
وعلى الرغم من “تفاؤل” بعض المتابعين للساحة السياسية السورية بالاجتماع المقبل وما سيقدمه على الأرض، يراه آخرون كغيره من الاجتماعات السابقة منذ مطلع الثورة السورية وحتى الآن.
وتعرض عنب بلدي محطات “جنيف” في عامها الأول في 2012، وحتى “جنيف4” في 2017 الجاري.
خطة عنان في “جنيف 1”
عقد المؤتمر في 30 حزيران 2012، بعد دعوة من المبعوث الأممي إلى سوريا حينها، كوفي عنان، والجامعة العربية، لما سمي “مجموعة العمل من أجل سوريا”.
وضمّ الاجتماع كل من الأمين العام للأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزراء خارجية روسيا، تركيا، الصين، فرنسا، قطر، العراق، الكويت، المملكة المتحدة، أيرلندا الشمالية، الولايات المتحدة، وممثلة الاتحاد الأوروبي السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. بالإضافة إلى وفد المعارضة برئاسة الشيخ أحمد معاذ الخطيب، وبشار الجعفري على رأس وفد النظام السوري.
بعد الانتهاء من المفاوضات أطلق المبعوث الأممي الراعي لهذا الاجتماع ما يسمي بـ “خطة أنان”، وضمت نقاطًا ستة أكدت على وقف العنف والأعمال المسلحة، والالتزام بالحل السياسي، والإفراج عن المعتقلين، كما فُرض هدنة لإمكانية إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.
كما أكّدت على تأسيس هيئة حكم انتقالي بسلطات تنفيذية كاملة تتضمن أعضاء من النظام والمعارضة، ويتم تشكيلها على أساس القبول المتبادل من الطرفين، عدا عن مراجعة النظام الدستوري وإجراء انتخابات “نزيهة”.
وكما هو المتعارف به في كافة الاجتماعات المتعلقة بـ “القضية السورية”، رحبت جميع الأطراف بالقرارات المخرجة، إلا أنها لم تطبق، على خلفية تباين بين الحكومة الروسية والأمريكية على مصير رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
الإبراهيمي يعتذر بعد “جنيف 2”
عقد في كانون الثاني 2014، بدور كبير للمبعوث الأممي إلى سوريا في تلك الفترة، الأخضر الإبراهيمي، لتنفيذ بنود الاجتماع السابق، وتشكيل حكومة انتقالية بين الطرفين.
وضم الاجتماع حوالي أربعين دولة ومنظمة دولية، بالإضافة لوفدي النظام برئاسة بشار الجعفري، والمعارضة وعلى رأسها رئيس الائتلاف سابقًا أحمد الجربا.
في حين سُحبت دعوة إيران بعد رفضها لمقررات “جنيف1”.
لم يخرج الاجتماع بأية من المقررات لإصرار النظام على رفض فكرة هيئة الحكم الانتقالي في سوريا.
واعتذر الإبراهيمي للشعب السوري عن عدم تحقيق شيء في المفاوضات.
كما جاء فشل الاجتماع الثاني في جنيف لرفض وفد المعارضة السورية لأي دور لبشار الأسد ونظامه، في هيئة الحكم المطروحة في “جنيف 1”.
دي ميستورا يبدأ مهامه في “جنيف 3”
أعلن عن عقده المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، في شباط 2016 لكن تم تأجيله، بعد “تعرض (المبعوث الدولي) لضغوطات إقليمية ودولية”، ليستأنف بعدها في آذار من العام نفسه.
الاجتماع ضم عدد من الدول الإقليمية الكبرى من بينها روسيا وأمريكا، وتركزت المفاوضات بين أساسي بين وفدي المعارضة برئاسة أسعد الزعبي، ووليد المعلم كرئيس لوفد النظام.
خلال هذا الاجتماع هدّد وفد المعارضة السورية بالانسحاب في أكثر من جولة تفاوضية، نظرًا لمواصلة قوات الأسد قصف المدن والمناطق المختلفة في سوريا.
لم يخرج الاجتماع بأي جديد على الساحة السياسية السورية والميدانية، إذ بقيت مسألة مصير الأسد العقبة الأساسية في وجه المفاوضات.
وفد المعارضة أكد على ضرورة وقف الهجمات ضد المدنيين، وتشكيل هيئة حكم انتقالي، على ألا تشمل الأسد، بينما رفض النظام السوري فكرة الهيئة، معتقدًا أن المفاوضات يجب أن تتمخض عن حكومة سورية جديدة.
“جنيف 4″؟
سيعقد غدًا الخميس 23 شباط الجاري، بعدما وصلت الوفود المشاركة إلى جنيف، عقب تلقيها دعوات رسمية من المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا.
ويترأس وفد المعارضة نصر الحريري، وأليس مفرج كنائب عنه، والمعارض محمد صبرا كبير المفاوضين، بينما يترأس وفد النظام سفير النظام إلى الأمم المتحدة، بشار الجعفري.
وبحسب المبعوث الأممي إلى سوريا سيناقش جنيف، المقبل النقاط التي ترتكز عليها المفاوضات، وهي بحث المسائل المتعلقة بصياغة الدستور السوري الجديد، وإجراء الانتخابات تحت رعاية أممية، وبحث آلية الانتقال السياسي.
إلا أن محللين أشاروا أن “جنيف 4” لن يكون أفضل من سابقيه، خاصة مع وجود قوى دولية تؤكد على بقائه في منصبه وعن “الحكومة الشرعية” التي يترأسها.