أنهى المؤتمر الدولي لتعليم السوريين “ICSE” فعالياته امس، الأحد 19 شباط، واستمر على مدار يومين في فندق “Pullman” في مدينة اسطنبول التركية، بحضور عشرات المهتمين والداعمين لقضايا التعليم في سوريا.
ورعت المؤتمر منظمة الإغاثة الإنسانية التركية “IHH”، ومؤسسة “عيد الخيرية” القطرية، بينما حضره مستشار وزارة التربية التركية ومساعده، إضافة إلى مؤسسات دولية وسورية مهتمة بالتعليم، ومعلمين سوريين من ولايات تركية مختلفة.
كلماتٌ وتطلعات كثيرة جاءت على لسان الرعاة، وأكدوا أن المؤتمر جاء “حرصًا على الارتقاء بالعملية التعليمية السورية، لتأمين مستقبل أفضل للأطفال والشباب السوريين دون التعليم الجامعي”.
وتضمن اليوم الأول ورشات عمل ونقاشات في مواضيع مختلفة، أبرزها المناهج المعتمدة في العملية التعليمية، التعليم الإلكتروني عن بُعد، ومدى فاعليتهما للطلاب داخل سوريا، إضافة إلى نقاش مشاكل التعليم وطرح حلول لها، وظاهرة التسرب من المدارس.
بينما تحدث ممثلو المنظمات الراعية، في اليوم الثاني، عن رؤيتهم حول قضايا تعليم السوريين، والمشاكل التي تعاني منها، طارحين حلولًا يمكن تنفيذها لتفادي ضياع الجهود.
المؤتمر طرح برامج ستُطبّق في سوريا وخارجها
عنب بلدي التقت عددًا من منظمي المؤتمر والمشاركين فيه، وقال علي عبد الله السويدي، مدير عام مؤسسة “عيد الخيرية”، إحدى الجهات التي نظمت المؤتمر، إن الهدف الأساسي، كان جمع المختصين والمنظمات الدولية المتهمة بقضايا التعليم للسوريين للنهوض بعملها بعد وضع خطة شاملة لذلك.
وأضاف السويدي أن محصلة ورش العمل، التي طرحت برامج لتطبيقها في الداخل السوري ودول الجوار، “ستطبق بمساعدة المؤسسات التعليمية التي حضرت المؤتمر”، مشيرًا إلى مساعٍ لدعم العملية التعليمية قبل الجامعة، من خلال وضع مناهج موحدة تتوافق مع المنهج السوري.
الحكومة المؤقتة تُنسق
رغم اختلاف وجهات النظر التي حملها معلمون سوريون إلى المؤتمر، بخصوص تمثيلهم من قبل الحكومة المؤقتة، إلا أن وزير التربية والتعليم فيها، الدكتور عماد برق، أكد في حديثٍ إلى عنب بلدي، اجتماعه مع “عدد كبير” من المنظمات الداعمة للتعليم”، واصفًا المؤتمر بأنه “أول تظاهرة حقيقية لدعم التعليم، جمعت القائمين على العملية التعليمية والداعمين لها”.
وأردف برق أنه “سيكون هناك تنسيق معنا على أعلى المستويات للعمل من خلال الوزارة في الداخل السوري بعد المؤتمر، من خلال بروتوكولات أو مذكرات تفاهم”، لافتًا إلى العمل على “عملية تعليمية مستدامة تتجاوز الأزمات لتستمر”.
وشاركت الحكومة في اليوم الأول، بورقة عمل، شرحت فيها معاناة السوريين خلال العملية التعليمية في الداخل، ووفق برق فإن الحكومة المؤقتة ستشكل “هيئة منظمات المجتمع المدني” قريبًا، ومهتمها ضبط عمل المنظمات الداعمة في الداخل السوري، على أن تثبت برنامج عملها وتخطط على أساس مخرجات المؤتمر.
ما رأي المعلمين السوريين؟
مشاكل كثيرة توقع المعلمون السوريين إيجاد حلول لها خلال المؤتمر، سواء على مستوى التعليم في الداخل السوري، أو بخصوص تشتت الطلاب بين المدارس السورية ومراكز التعليم المؤقت في تركيا، بعد قرار الحكومة التركية بدمجهم في مدارس البلاد.
عنب بلدي استطلعت آراء بعض المعلمين والمعلمات، الذين حضروا المؤتمر، وقال الدكتور محمد أمين مصطفى، الذي عمل في جامعة حلب سابقًا، إن المؤتمر جيد بشكل عام من حيث التنسيق والإمكانات، مشيرًا “لم تكن ثغراته مؤثرة على قيمة محتواه”.
وتوقع مصطفى، الذي يُدرس اللغة الغربية في قسم اللغات الشرقية بكلية الآداب، في جامعة غازي عنتاب التركية، “أن يتحقق جزء كبير من التنسيق بين الهيئات والمؤسسات الراعية لتعليم السوريين”.
عبد السلام كنعان، مدير مدرسة “رجب طيب أردوغان” في أنطاكية، عقد الأمل على أن يتمخض المؤتمر عن “صبغة قانونية تربوية” تنقذ الأطفال والطلاب السوريين والمعلمين، وتقضي على ظاهرتي التسرب والتأخر، إذ يرى أن “مهنة التعليم أصبحت عملًا لمن ليس لديه عمل”.
أما المعلمة رندة الفوال، المختصة بقسم الرياضيات من جامعة دمشق، فقد أبدت تفاؤلها رغم أنها لم تلمس أي نتائج عملية، وأشارت إلى أنها تتطلع والكثير من زملائها، لأن يضيف المؤتمر شيئًا بالنسبة للدعم أو الوضع القانوني، وينقذ العملية التعليمية في ظل مشاكل يعاني منها الطلاب والمعلمون،”وهما محورا العملية”.
الفوال التي تعمل في مركز للتعليم المؤقت في منطقة الفاتح باسطنبول، استغربت طرح فكرة التعليم عن بعد في الداخل السوري، وتساءلت “كيف يمكن تطبيق هذه الفكرة في سوريا، ومعظم المناطق هناك تعاني من انقطاع مستمر للكهرباء؟”.
تكررت الدعوات خلال المؤتمر، لإيجاد صيغة تضمن عمل المنظمات الدولية المهتمة بتعليم السوريين بشكل مشترك، وتوحيد الجهود في هذا الخصوص، ما يضمن النجاح الأنجع لدعم العملية التعليمية داخل سوريا وخارجها.
ورغم ذلك لم ينتج عن المؤتمر أي صيغة جامعة مشتركة، فبقيت النقاشات مجرد مساعٍ ، في حين اعترف منظمو المؤتمر بصعوبة ضبط العملية التعليمية، مؤكدين أنه “لا حل لقضية تعليم السوريين، إلا بتظافر الجهود وتركيز الدعم المشترك من خلال جهات منفذة”.