“خطوط فاصلة” قبيل جنيف والمعارضة تلعب بورقة “طهران”
عنب بلدي – خاص
جولة جديدة من المفاوضات بين النظام والمعارضة السورية تنطلق تحت مسمى “جنيف 4” بعد ثلاث جولات سابقة، على مدى عامين لم تفلح في إنهاء معاناة السوريين، أو التقدّم نحو الوصول إلى ملامح حلّ سياسي.
أيام قليلة تسبق المفاوضات، المقرّر عقدها في 23 شباط، يرى البعض أنها قد تكون بداية لخطوات عملية نحو حل سياسي ينهي الصراع، وسط استعجال روسي للوصول إلى تقارب بين النظام والمعارضة، في حين يرى آخرون أنها ستكون كسابقاتها، وسط استمرار مسلسل قصف النظام السوري لمناطق المعارضة، وعدم تقديمه لبوادر حسن نية تشير إلى قبوله بالحل.
“جنيف 4” سبقها اجتماع ثان للأطراف المؤثرة بالشأن السوري، روسيا وتركيا وإيران، إلى جانب وفدي النظام وفصائل المعارضة السورية، في العاصمة الكازاخية أستانة. الخميس 16 شباط.
توتر بسبب طهران
اجتماع “أستانة2” بدأ بتأجيل ليوم واحد، نتيجة عدم وصول وفد فصائل المعارضة، لعدم تلقيه دعوة رسمية من قبل الحكومة الكازاخية، كما شهد توترًا بين وفدي المعارضة السورية والنظام، والوفود الدولية، وسط تصريحات متضاربة صدرت عن كل من روسيا والمعارضة.
وفد المعارضة لم يدخل إلى قاعة الاجتماعات، “إلا بعد حصوله على ضمانات روسية بوقف القصف على المناطق التي تخضع لسيطرتها”، وفق تصريحات محمد علوش، رئيس وفد المعارضة.
وعقب انتهاء الاجتماعات سارعت الخارجية الروسية، للإعلان عن الاتفاق حول تشكيل لجنة ثلاثية مكونة من روسيا وتركيا وإيران، وصفتها بـ”الحازمة”، لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، الأمر الذي نفاه علوش في حديثٍ إلى عنب بلدي.
وأصرّ وفد المعارضة على تحييد إيران عن أي دور في مراقبة وقف إطلاق النار، واعتبارها طرفًا في النزاع وليس ضامنًا.
وقال رئيس وفد المعارضة، ردًا على سؤاله حول التصريحات الروسية المناقضة لما تحدثت به المعارضة حول دور طهران، “هذا رأيهم، فنحن لم نتفق معهم كما أن الجلسة شهدت توترًا بسبب إيران”.
وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوفد الإيراني، حسين جابري أنصاري، الاتفاق على آلية عمل اللجنة الثلاثية، دعا علوش إلى إشراك دول عربية لرعاية ومراقبة الاتفاق، إلى جانب كل من روسيا وتركيا.
علوش: تعهدات روسية
علوش نفى أيضًا، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، وجود أي دور لإيران في مراقبة وقف إطلاق النار، إضافة إلى أي دور لإيران في الحل جملة وتفصيلًا.
وأكد أن المعارضة تلقت تعهدًا روسيًا فوريًا، بتوقف القصف في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، وأن “الروس أكدوا لنا أنهم سيرسلون لنا أجندة فك الحصار عن الغوطة الشرقية”، مشيرًا إلى أن المعارضة طالبت باستخدام مصطلح “الحل” بدلًا من “المصالحة”، لأنها “إهانة” للشعب السوري.
كما تحدث عن طلب روسيا بتقديم أسماء 100 معتقل لدى النظام للإفراج عنهم، ما اعتبره “إجراءً غير منطقي أمام الآلاف من المعتقلين، لكن سندرسه ونردّ عليه بشكل رسمي”.
وأبدى رئيس وفد المعارضة، في حديث إلى عنب بلدي، إمكانية التواصل مع روسيا، خلال الفترة المقبلة، لضمان خروج معتقلين لدى النظام السوري، قائلًا إن “التواصل سيجري عبر الجانب التركي، وأن الاجتماعات والنقاش حول الأمر ستستمر في أنقرة”.
ورأى علوش أنه “من المبكر الحكم على نتائج اجتماعات أستانة سلبًا أو إيجابًا”، معتبرًا أنه “من الخطأ اتباع طريقة النظام في الحكم على الأمور”.
وأكد القيادي أن “النظام السوري يريد إفشال الاجتماعات”، معتبرًا أن فشلها “طوق نجاة بالنسبة له من استحقاق وقف إطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين، وفك الحصار، والانتقال السياسي”.
وثائق أستانة
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه المعارضة السورية رفضها للدور الإيراني، أفرجت روسيا عن وثائق طرحتها في اجتماعات أستانة، و تضمنت خطة لتحديد الخطوط الفاصلة بين القوى المقاتلة في سوريا، من أجل ضمان سير وقف إطلاق النار، برقابة لجنة ثلاثية من روسيا، وإيران، وتركيا.
صحيفة “الحياة” نشرت، السبت 18 شباط، تفاصيل الوثيقة الروسية، وجاء فيها أنّ مجموعة المراقبة ستضم ممثلين من الدول الثلاث وخبراء من الأمم المتحدة، كما ستناقش المجموعة مع الخبراء، وبشكل دوريّ، التقدم في تنفيذ وقف النار في سوريا، والتحقق من خروق وقف النار لتحديد المسؤول عنها.
وتقوم آلية عمل اللجنة الثلاثية على تبادل المعلومات عن الخروقات بمساعدة من مراكز وقف النار الوطنية في كل من تركيا وروسيا وإيران، ومركز العمليات التابع للأمم المتحدة في جنيف.
كما أشارت الوثيقة إلى أّن عمل المجموعة سيشمل “جهود تبادل المعتقلين والمخطوفين والسجناء والجثامين على أساس القبول المتبادل، وتحديد المفقودين بين الأطراف الموقعة على وقف النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وحرية حركة المدنيين”.
أما عن آلية “تسجيل الخروقات” فجاء فيها أنّ الآلية ستتم بضمانة روسية- تركية، في حال موافقة المعارضة والنظام عليها، وتنص على تقديم “الأطراف المعنية وخلال أسبوعين خرائط لخطوط التماس بين الأطراف ومناطق نفوذ كل طرف، مع عدم جواز تغيير الخطوط إلا بقرار منفصل” مع الاستمرار في “قتال داعش، وجبهة النصرة، والمجموعات الإرهابية الأخرى”.
وأوضحت الوثيقة مفهومها لخروقات وقف إطلاق النار، بأنه يشمل جميع الأعمال العدائية، والتزام المبادئ الإنسانية والقانون الدولي الإنساني والتدابير اللازمة كافة، من أجل عودة آمنة وطوعية للاجئين والنازحين إلى مناطقهم.
كما أشارت الوثيقة إلى السعي من أجل إطلاق سراح المعتقلين تعسفيًا، وبالدرجة الأولى النساء والأطفال، وإنشاء آلية لتبادل المعتقلين.
دعمٌ من إدارة أمريكا الجديدة
وللمرة الأولى منذ تولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منصبه الشهر الماضي، عقد ممثلو الدول الداعمة للمعارضة السورية اجتماعاتهم في مدينة بون الألمانية، الجمعة 17 شباط، بحضور وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، أكد فيها دعم أمريكا لمفاوضات جنيف المقبلة.
ونقلت صحيفة “الحياة” عن مصدر غربي قوله إن “تيلرسون كان واضحاً للغاية حيال ضرورة توجيه رسائل إلى الروس، إذ شرح لنا أنه لن يكون هناك تعاون عسكري مع الروس، طالما أنهم لم ينأوا بأنفسهم عن موقف دمشق بشأن المعارضة”.
وأعرب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت عن ارتياحه من تطمينات وزير الخارجية الأمريكي، إذ قال من المهم والضروري أن يقوم حوار وثيق مع الولايات المتحدة حول المسألة السورية، “تثبتنا من أننا متفقون جميعًا”.
كما أعلن وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابريال، أن “جميع المشاركين يريدون حلًا سياسيًا لأن الحل العسكري وحده لن يؤدي إلى السلام في سوريا”.
ماذا ستتناول المفاوضات؟
تساؤلات كثيرة طرحت قبل بدء المفاوضات حول إمكانية اتفاق الأطراف الدولية وإنهاء مأساة السوريين الذين لا يعوّلون على “جنيف”، وسط امتناع مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا عن تأكيد مناقشة عملية الانتقال السياسي في المفاوضات.
ونقلت وكالة “رويترز”، الجمعة 17 شباط، عن يارا شريف المتحدثة باسم مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أن “الأمم المتحدة تسترشد المفاوضات تمامًا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يتحدث بشكل محدد عن أسلوب الحكم، ودستور جديد وانتخابات في سوريا”.
وتوقع محللون أن التركيز في الاجتماع المقبل سيكون بشكل أساسي على الدستور الروسي المقترح للحكم المقبل في سوريا، ووقف إطلاق النار في كافة المناطق، وإجراء انتخابات برعاية الأمم المتحدة.
وكانت موسكو عرضت نسخةً من مشروع دستور لسوريا مع اختتام محادثات “أستانة 1” في كازاخستان، في 24 كانون الثاني الجاري، ولاقت النسخة ردود فعل متباينة، في حين لم تعترف المعارضة السورية بها وتحفظت على بنودها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :