ماذا تملك المعارضة السورية من فرص؟

  • 2017/02/19
  • 1:18 ص
محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

أول ما يتبادر للذهن هو أن المعارضة السورية لا تملك شيئًا، وهذا ما تبدو عليه الحال. حلب سقطت، ومحيط دمشق تم تفريغه من الثوار وحواضنهم الاجتماعية دفعة واحدة، وما تبقى للثورة هناك ليس أكثر من جيوب معزولة يصعب تخيل -إن لم يحصل سيناريو التفريغ المتوقع للأسف- أنها قد تشكل في المستقبل القريب أي تهديد للنظام.

الثورة تزداد عزلة وتشرذمًا ويأسًا في إدلب، المحافظة المتبقية خارج سيطرة الأسد، وأخوة المنهج مستمرون بإرسال المفخخات لبعضهم ولأهل الشام الذين جاؤوا لنصرتهم.

وعلى صعيد آخر يزداد تخبط “أصدقاء الشعب السوري” أكثر من أي وقت مضى. تركيا تخلت عن مطلب إسقاط النظام مقابل تخلي روسيا عن دعم الأكراد، والسعودية الغارقة في اليمن ليست بأفضل حالًا، أما الدول الأوروبية فقد سلمت بسيطرة روسيا على سوريا، والأهم من كل ذلك، لم يعد مطلب إسقاط النظام على أجندة أي دولة.

وقد أوضحت مفاوضات أستانة الأخيرة ميزان القوى المختل هذا، فبين أستانة1 وأستانة2 خسرت المعارضة وادي بردى، وكثف النظام هجومه على الغوطة، بعد أن خرق الهدنة في درعا، عدا عن اعتداءات متكررة من جبهة النصرة على المشاركين في أستانة، وبالرغم من تهديد المعارضة أكثر من مرة بأن سقوط بردى لا يعني أكثر من سقوط التزامها بالهدنة، إلا أنها لم تستطع إلا الانصياع مرة أخرى والذهاب مرغمة على أمل تحصيل “شيء ما”.

كل هذه الحقائق لا جدال فيها، الصورة بهذه السوداوية فعلًا، ولا مجال بحال من الأحوال لتجميلها. ولكن هذه النظرة بالرغم من ذلك تغفل بعض نقاط القوة التي ماتزال تملكها المعارضة وبعض القضايا التي يمكن أن تستغلها.

بداية ليس حال النظام بأفضل من حال المعارضة، فالجميع يعلم أن الدعم الإيراني والروسي هو العامل الأساسي -إن لم يكن الوحيد- في صموده، وليست الأهداف الإيرانية والروسية متطابقة في سوريا برغم التنسيق الكبير، والأهم من ذلك كله هو الموقف الأمريكي الطارئ.

حتى الآن أعطت إدارة ترامب إشارات متناقضة تجاه كل شيء، تجاه روسيا، أو الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وغيرها، عدا تجاه إيران، التي التزم ترامب وأقطاب إدارته الصقور على طول الخط بموقف عدائي تجاهها كدولة وثقافة، وكدور تخريبي في المشرق العربي.

تشكل الحرب على تنظيم الدولة فرصة أخرى لا بد على المعارضة استغلالها، فما يبدو حتى اليوم أن الإدارة الأمريكية متطابقة في رؤاها مع القيادة التركية، ومن الممكن للمعارضة إذا أحسنت التصرف أن تكون رأس الحربة في معركة الرقة المرتقبة وبعدها معركة دير الزور وكامل الشرق السوري.

عدا عن ذلك فماتزال المعارضة تحظى بنفوذ كبير في شمال سوريا وجنوبها، وبإمكانها إذا نظمت صفوفها أن تكون القوة التي ستعتمد عليها الولايات المتحدة في حال نفذ ترامب وعده بخصوص المناطق الآمنة، وعندها سيكون على المعارضة أن تجابه جبهة النصرة في إدلب ودرعا، وهو خيار بالرغم من مأساويته إلا أنه لا مفر منه.

عداء أمريكا لإيران، وحرب تنظيم الدولة، وجبهة النصرة، ومناطق ترامب الآمنة، هي فرص المعارضة الحالية لكي تستطيع “البقاء” على سطح الأرض، وندرك أن هذه الفرص ليست فرصًا حقيقية، بقدر ما هي الأقل سوءًا بين خيارات تتضمن استئصالًا كاملًا للمعارضة وتمكين الأسد من السيطرة على كل سوريا.

إنها باختصار خياراتنا التي فرضناها على أنفسنا بعد أن أضعنا ثورتنا.

مقالات متعلقة

  1. الحرب تضع أوزارها دون حل
  2. فلننتظر الأسوأ
  3. ضعفاء إدلب ينتظرون من يقصفهم
  4. اتفاق إدلب على حساب الحلقة الأضعف

رأي

المزيد من رأي