“جنيف 4” تحت منخفض

tag icon ع ع ع

بشير البكر – العربي الجديد

يام قليلة تفصلنا عن مؤتمر جنيف 4 حول سورية، سينعقد في 23 من شهر فبراير/ شباط الحالي، وسط رهاناتٍ على إحداث اختراق فعلي، بعد سلسلة من النقلات السريعة التي فرضتها روسيا من خلال التفاهم مع تركيا وإيران، بدأت بوقفٍ هشٍّ لإطلاق النار في نهاية العام الماضي، ثم اتبعته بعملية أستانا التي تأسّست على مبدأ فرض آلية لمراقبة وقف النار، لكنها لم تفلح في تحقيق هدفها، واستمرت الخروق الكبيرة التي تقوم بها المليشيات الإيرانية، وقوات النظام السوري على نحو خاص في محيط دمشق والغوطة الشرقية.

ما بين جنيف 3 وجنيف 4 مرّ حوالي عام، وحصلت تطوراتٌ كثيرةٌ تتمثل في أن التدخل العسكري الروسي أعاد وضع النظام السوري على الخريطة، بعد أن كان يتهاوى ويقترب من السقوط، وعلى الرغم من أن روسيا تضع ثقلها، كي يخرج جنيف 4 بحل، إلا أن الآمال لا تبدو واعدة، وذلك للأسباب نفسها التي أدت إلى الفشل في المرات السابقة، وحالت دون التقدم نحو الأمام. وكما كان موضوع تثبيت وقف النار السبب الرئيسي لتعليق وفد المعارضة مشاركته في جنيف 3، فإن هذه القضية تبدو اليوم أكثر إلحاحاً، ومن دونها سوف ترجّح كفة استمرار القتال على التهدئة.

والنقطة الثانية التي تحتاج إلى اتفاق نهائي وصريح بشأنها هي موقع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في المرحلة الانتقالية، ومرجعية المفاوضات، والعلاقة بين قرار مجلس الأمن 2254 ومرجعية جنيف1 التي تتمسّك بها المعارضة، بوصفها تنص بوضوح على إخراج الأسد في بداية المرحلة الانتقالية.

يراهن الروس والإيرانيون على ممارسة ضغوط على المعارضة، من أجل الموافقة على صيغةٍ فضفاضةٍ حول هاتين النقطتين، لكن هامش التنازلات أمام المعارضة معدوم كلياً، فليس في وسعها قبول وقف نار منقوص، واستمرار الأسد في السلطة، لأن ذلك يسقط منها أهم الأوراق التي تتسلح بها. ولا تعد هذه القضية سهلةً في ظل استمرار الدعم الإيراني المفتوح للنظام، وما لم ترفع روسيا مظلتها عن النظام، ورموزه الضالعين في الجرائم ضد الإنسانية، فإنها لن تجد أي تجاوبٍ فعلي، ولن تلقى إلى جانبها غير رواد المنصات التي كان جديدها “منصة بيروت” التي تشكلت على أرضية “تحييد موقع رئاسة الجمهورية”، ما يعني أن التفاهم مع نظام المجازر ممكن.

غير ذلك هناك ثلاث مسائل تعتبر بمثابة الرافعة لنجاح أي اتفاق في جنيف 4، التفاهم الروسي الأميركي، الدور العربي في الحل، والاتفاق حول محاربة “داعش” في سورية، وتحرير مدينة الرقة.

استفادت روسيا في الشهرين الأخيرين من انكفاء إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، وتمكّنت، بالتفاهم مع تركيا، من بناء عملية أستانة، لكنها لن تستطيع التقدّم أكثر من ذلك، بانتظار مشاركة فعلية للولايات المتحدة التي طرحت بعد وصول إدارة دونالد ترامب مسألة إقامة مناطق آمنة على الحدود مع تركيا، الأمر الذي تعارضه روسيا وإيران.

وفي هذا الوقت، يطرح التصعيد الأميركي الإيراني أسئلة مهمة عديدة، وخصوصا لجهة الآثار المترتبة على تحجيم دور إيران في سورية. وتعد هذه النقطة جوهرية، إلا أنه من غير الواضح حتى الآن على أي نحو سوف تتصرّف الولايات المتحدة تجاه حضور إيران في سورية. وبناءً على مواقف واشنطن، قد تتغير المعادلة الميدانية في صورة كلية، وتعود المواجهة المسلحة لتطرح موازين قوى جديدة في صالح المعارضة المسلحة على حساب إيران ومليشياتها، ولا سيما أن إيران ماضيةٌ في مشروع هيمنتها على سورية وانتهاك السيادة، فهي تتصرف كقوة احتلال، ومن مظاهر ذلك الاحتفال بذكرى الثورة الإيرانية في حلب.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة