خط فصل روسي- تركي.. المعارضة في الباب والنظام في تادف

  • 2017/02/12
  • 3:37 ص
مدخل مدينة الباب بريف حلب الشرقي10 شباط(عنب بلدي)مدخل مدينة الباب بريف حلب الشرقي10 شباط(عنب بلدي)

مدخل مدينة الباب بريف حلب الشرقي10 شباط(عنب بلدي)

عنب بلدي – خاص

“سيارات مفخخة، وعبوات ناسفة، وألغام أرضية”، مصطلحات عسكرية ارتبطت بشكل رئيسي بتنظيم “الدولة الإسلامية” على مدار السنوات الخمس الماضية من الثورة، بعد فرض سيطرته على مساحات واسعة من شمال وشرق سوريا.

طرق جديدة تغلبت، بحسب محللين لسير العمليات العسكرية، على السياسة العسكرية للقوى اللاعبة على الأرض، ليضاف إليها الأنفاق الأرضية التي استخدمها التنظيم منذ سنة مضت في معاركه اليومية مع فصائل “الجيش الحر” في ريف حلب.

أنفاق تربط شرق الباب بشمالها

الأربعاء 8 شباط، دخلت فصائل “الجيش الحر” المنضوية في غرفة عمليات “درع الفرات” إلى الأحياء الغربية من مدينة الباب، وسيطرت على المشفى الوطني والسكن الشبابي وجبل عقيل المطل على المدينة بشكل كامل.

عنب بلدي تحدثت فور الدخول إلى أحياء الباب مع رئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم العامل في ريف حلب، مصطفى سيجري، وأشار إلى أنه “بعد تحرير المشفى والجبل تم اكتشاف أنفاق سرية يستخدمها داعش وتربط الجبل والمشفى بأحياء المدينة، إذ كان لها الدور الأكبر في السماح له بالتنقل بسهولة تحت الأرض دون كشف التحركات العسكرية”.

ولم تقتصر الأنفاق على جبل عقيل فقط، بل وجدت أخرى تربط نقاط مدينة الباب ببلدة قباسين وبزاعة وتادف، الأمر الذي يساعد التنظيم على الصمود في المعارك، ونقل الإمدادات من الباب إلى قباسين، بحسب سيجري.

وخلال الحديث مع عدد من القياديين والمقاتلين من “الجيش الحر” والمشاركين في المعارك، أوضحوا أن الأنفاق كانت قد أنشئت قبيل سيطرة التنظيم على المنطقة، إذ خصصت للمياه، إلا أن التنظيم قام بتوسيعها في خطوة لمرور الآليات والعربات المتوسطة بداخلها.

معاذ جيجو، أحد القياديين في “درع الفرات”، شرح لعنب بلدي طبيعة الأنفاق المكتشفة في العمليات العسكرية اليومية للتنظيم، وآلية استخدمها طيلة الفترة الماضية، إذ شكلت حصنًا لمقاتلي “داعش” وورقة رابحة يستخدمها بشكل رئيسي ضد الفصائل المقاتلة.

وقال جيجو “عانى عناصر الجيش الحر في المعارك ضد تنظيم الدولة منذ سنة وأربعة أشهر مضت، وخاصة في قرية تقلة والراعي وغزل ودوديان”.

طول الأنفاق المكتشفة، بحسب القيادي، تتجاوز كيلومترًا واحدًا، ما يضمن لمقاتلي التنظيم التنقل داخل المناطق القريبة الخاضعة لسيطرتهم”.

وهي أنابيب مياه قديمة حفرت قبيل أحداث الثورة السورية، واليوم يتم التنقل فيها عبر دراجات نارية، وعربات صغيرة، بحيث يوجد منافذ للخروج منها بين كل 300 متر تقريبًا.

سيجري أكد ما ذكره جيجو، فـ “الأنفاق عبارة عن منشآت لمؤسسة المياه بالتعاون مع الجانب التركي والإيراني، قبل الثورة السورية، ولم تكن من صنع التنظيم، إلا أنه قام بتوسعتها”.

هاون ومدفعية من النفق

معارك كرّ وفرّ شهدتها البلدات والقرى المحيطة بمدينة الباب، خلال الأشهر القليلة الماضية، وكان آخرها بلدة بزاعة التي استطاع “الجيش الحر” الدخول إليها لساعات قليلة، ليعود التنظيم ويسيطر عليها في اليوم التالي، فالأنفاق التي تربط بزاعة بالجبل وبقباسين كان لها الدور الأكبر في “صمود التنظيم” في المنطقة، وفق جيجو.

و”لم تقتصر الأنفاق على التنقل فقط، بل استخدمها التنظيم لعمليات قصف الهاون والمدفعية الثقيلة على مواقع الحر، من خلال فتح فتحات لفوهات المدفع لخروج القذيفة، بحيث تختفي بشكل كلي عن الطيران الحربي”، بحسب القيادي.

وتواصلت عنب بلدي أيضًا مع قائد فرقة “الحمزة” المقاتلة في عملية “درع الفرات”، سيف أبو بكر، لسؤاله عن الإجراءات التي تبعت اكتشاف الأنفاق التي تربط مواقع التنظيم العسكرية، وقال “بعد اكتشاف عدة أنفاق لتنظيم داعش التي استخدمها من الجهة الشمالية والغربية لمدينة الباب، تم تفجير الأنفاق التي تؤدي إلى خارج المدينة من داخلها، كما ستفجر لاحقًا الأنفاق الأخرى المتبقية”.

وأضاف أن العمليات العسكرية مستمرة باتجاه مدينة الباب، خاصة أن اكتشاف هذه الأنفاق يسهم بشكل كبير في تحجيم دور العمليات العسكرية للتنظيم، وتنقله من وإلى المدينة، بعد أشهر من المراوغات والتصدي العنيف لكافة العمليات العسكرية من جانب “الجيش الحر”.

في حين أوضح قائد “اللواء 52” المقاتل في غرفة عمليات “درع الفرات”، هيثم العفيسي، في حديث لعنب بلدي أنه “لم تكشف كل الأنفاق بل جزء منها”.

تادف الخط الفاصل.. والحريقطع الطريق

الأحداث العسكرية المتسارعة تطرح عدة تساؤلات عن الجهة التي ستسيطر على مدينة الباب الاستراتيجية، فبينما يرى مراقبون أن المعارك في مراحلها الأخيرة، مرجحين السيطرة عليها من قبل “الجيش الحر”، ويعتبر آخرون أن المعارك ربما تغير المعطيات وتزيد من الضغط على فصائل “درع الفرات”، خاصة مع وصول النظام إلى بوابة الباب الجنوبية.

إلا أن يوم السبت 11 شباط الجاري، شهد معارك كانت الأولى من نوعها عما كانت عليه سابقًا، من خلال السيطرة المتسارعة لقوات الأسد لتصل إلى تادف وتسيطر عليها دون مقاومة من التنظيم، قابلها تقدم “الجيش الحر” في الجهة الجنوبية الغربية من الباب مسافة خمسة كيلومترات، ليصل إلى دوار بلدة تادف.

وبعد المعارك المتوازية بين قوات الأسد والتنظيم من جهة، و”الجيش الحر” من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قوات الأسد سيطرت على بلدة تادف الواقعة إلى الجنوب من مدينة الباب، بعد اشتباكات مع عناصر التنظيم، مؤكدةً أن تقدم النظام جاء بدعم من “سلاح الجو الروسي”.

وأضافت أنّ قوات الأسد وصلت نتيجة هذا الهجوم إلى “الخط الفاصل” مع “الجيش الحر”، مؤكّدةً أنه تمّ التنسيق حول هذا الخط مع الجانب التركي.

وقبل ساعات من دخول قوات الأسد إلى بلدة تادف تحدثت عنب بلدي مع أربع شخصيات من قادة فصائل “الجيش الحر”، للوقوف على الموقف العسكري المتخذ حاليًا في ظل تقدم النظام باتجاه الباب، والسيناريوهات المتوقعة في حال دخول المدينة من قبل النظام في الأيام القليلة المقبلة.

العقيد أحمد عثمان، قائد فرقة “السلطان مراد”، اعتبر أن “المعارك التي يخوضها النظام مع داعش هي معارك شبه محسومة لصالح النظام… بينما نراهم يدافعون بكل ما يملكون من قوة في الجبهات المفتوحة مع فصائل درع الفرات”.

وأكد الضابط لعنب بلدي أن “الجاهزية كاملة لإنهاء وضع الباب قريبًا”، مردفًا “الوضع الحالي لن يستمر طويلًا”.

رئيس المكتب السياسي في “لواء المعتصم”، مصطفى سيجري، قال “ذكرنا سابقًا أنه لا يوجد ما يمنع قوات الجيش السوري الحر، من مواجهة أي قوى سواء النظام أو الانفصاليين، في حال حاولوا عرقلة تقدم عناصر الجيش الحر والسيطرة على الباب واستكمال عملية درع الفرات”.

كما أكد سيجري أن “الجيش الحر معني حاليًا باستكمال عملية درع الفرات، ومن ثم تسليم هذه المنطقة إلى إدارة مدنية، والعودة إلى العمليات العسكرية إلى النظام وداعش”.

في حين اعتبر قائد “اللواء 52” في “الجيش الحر”، هيثم العفيسي، في حديث إلى عنب بلدي أن “موقف الجيش الحر واضح وصريح بخصوص العملية العسكرية في ريف حلب الشرقي، وهو الدخول إلى مدينة الباب سواء ظهر النظام أو داعش في وجه قواتنا”.

وأوضح العفيسي أن “الفصائل تحاول أن تقطع طرق التقدم أمام النظام من أكثر من جهة ومحور محيطة بمدينة الباب”.

وكانت فصائل “الجيش الحر” سيطرت على مدار خمسة أيام متتالية على عدة مواقع عسكرية من أيدي التنظيم، من بينها مشفى الحكمة الاستراتيجي، والمطاحن والنادي الرياضي، وطريق زمزم لتصل إلى دوار مدينة تادف ثغرة مدينة الباب الجنوبية، قبل وصول قوات الأسد إليه.

ماهيّة وحدود “الخط الفاصل” الذي تتحدث عنه وزارة الدفاع الروسية لم توضحها بشكل مفصل، وبالتالي مدى احتمالية توقف محاولات التقدّم التي تشنها قوات الأسد في منطقة الباب، مقابل إتاحة الفرصة لفصائل “الجيش الحر” من أجل إحراز مزيد من التقدم على حساب التنظيم.

مقالات متعلقة

في العمق

المزيد من في العمق