عنب بلدي – خاص
أسبوع واحد يفصل عن بدء المفاوضات بين النظام والمعارضة السورية في جولة رابعة من مؤتمر جنيف، المتوقع عقدها في العشرين من شباط الجاري.
وسبق بدء المفاوضات دعوات من قبل المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، للمعارضة لتشكيل وفد موحد يضم جميع أطيافها دون إقصاء أحد، رافقها تهديدٌ بقيام المبعوث بتحديد وفد شامل قدر الإمكان في حال فشل المعارضة، ما دفع المنسق العام للهيئة العليا المفاوضات، رياض حجاب، بالرد عليه بأن “تشكيل الوفد ليس من اختصاصه”.
ثلاثة اجتماعات تمهّد لمفاوضات جنيف، اثنان منها في أستانة، الأول عقد في 6 شباط، بين الأطراف الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، والآخر سيعقد الأربعاء المقبل، بحضور وفدي النظام وفصائل المعارضة السورية.
المعارضة تشكل وفدها
الاجتماع الأخير كان لوفد “الهيئة العليا” للمفاوضات، ووفد الفصائل المقاتلة إلى أستانة، في العاصمة السعودية (الرياض)، يومي الجمعة والسبت، لتشكيل الوفد الذي سيشارك في مفاوضات جنيف.
وسبقه إشاعات، بحسب وسائل إعلام ووكالات عربية، عن خلافات و”توتر” بين الوفدين، ويتمثل بالاختلاف حول نسب التمثيل لكل منهما ضمن الوفد.
لكن العقيد أحمد عثمان، قائد “فرقة السلطان مراد”، والممثل ضمن وفد أستانة، ورئيس المكتب السياسي في تجمع “فاستقم كما أمرت”، زكريا ملاحفجي، نفيا لعنب بلدي وجود خلافات.
إلا أن ملاحفجي لفت إلى أن فصائل أستانة “ذكرت أنها تريد تمثيلًا أكبر ضمن وفد المعارضة إلى جنيف، ولكن النقاش كان طبيعيًا”.
وتداولت وسائل إعلامية أسماء الوفد في ظل عدم تأكيد من قبل المعارضة السورية، إلا أن المحامي، محمد صبرا، أكد لعنب بلدي أنه تم اختياره كبيرًا للمفاوضين، ونصر الحريري رئيسًا للوفد، وأليس مفرج نائب رئيس الوفد.
كما نقلت وسائل إعلامية عن الهيئة العليا أن الوفد المشارك في جنيف سيتكون من 45 شخصية تتوزع على ثلاثة فرق، الأول فريق التفاوض وسيتكون من السياسيين وبعض ممثلي فصائل أستانة، أما الفريق الثاني فهو استشاري ويضم بعض من حضر اجتماع أستانة من الفصائل، والفريق الثالث سيكون تقنيًا وفنيًا.
من جهته أكد المتحدث باسم الهيئة العليا، سالم مسلط، في مقابلة مع قناة العربية أن “وفد المعارضة سيمثل مختلف جماعات المعارضة وممثلين من الأكراد والتركمان والمسيحيين”.
منصتا القاهرة وموسكو
وفي ظل مطالب الأمم المتحدة بتشكيل وفد موحد للمعارضة، أرسل ممثلو منصتي موسكو والقاهرة، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حول عدم التوصل إلى اتفاق نهائي لتشكيل الوفد.
وقالت المنصتان في بيان لهما، الجمعة الماضي، إنهما تواصلتا مع الهيئة العليا للتفاوض بهدف “تشكيل الوفد الواحد، على قاعدة تضمن عدم إقصاء أحد، وعدم هيمنة أي طرف من الأطراف على الوفد المشترك، إلا أن اتصالاتنا، مع الأسف، لم تفض حتى الآن إلى نتائج ملموسة”.
واقترحت المنصتان على الأمم المتحدة أن يكون تشكيل الوفد على الشكل التالي “ثلاثة ممثلين عن كل منصة (الرياض وموسكو والقاهرة) أي يصبح مجموعهم تسعة أشخاص، بالإضافة إلى ثلاثة ممثلين عن الفصائل العسكرية التي شاركت في مؤتمر أستانة، يضاف إليهم ممثل واحد عن منصة أستانة التي مثلت في جنيف، وتترك مقاعد للمنصات الأخرى مثل وفد النساء في جنيف، وبذلك يصبح عدد أعضاء الوفد بين 15 و16 شخصًا”.
واعتبر البيان أن التوزيع “يضمن العدالة في التمثيل ولا يستثني أحدًا، ما سيعزز شرعية العملية التفاوضية، بما تمتلكه من تمثيل يعكس حقيقة واقع المعارضة السورية”.
“لوبي” من بيروت إلى “جنيف”
وفي سياق التحضيرات قبل جنيف، أعلنت 40 شخصية سورية معارضة ومؤيدة للنظام السوري، عن كتلة حزبية سورية، تحت شعار “جميعًا لنبني سوريا”، من العاصمة اللبنانية بيروت.
وتم توجيه الدعوات للشخصيات عبر البريد الإلكتروني، فعقدت مؤتمرًا تأسيسيًا لـ “الكتلة الوطنية”، والتي كان أبرز المتحدثين باسمها مؤسس “تيار بناء الدولة”، لؤي حسين.
وحضر المؤتمر ممثلون عن 15 هيئة دبلوماسية، من بينهم السفير الروسي في لبنان، ألكسندر زاسبكين، إضافةً إلى دبلوماسيين معنيين بالملف السوري في سفارات إيران، والصين، واليابان، والدنمارك، وألمانيا، والسويد، وكازاخستان، والاتحاد الأوروبي وإسبانيا، مع غياب تام لأي تمثيل دبلوماسي عربي وأمريكي وتركي.
وتوصل المجتمعون إلى 18 مبدأ للعمل عليها، ذكرت بشكل أساسي أن “مقام رئاسة الجمهورية السورية لا يجوز البت فيه في المحافل الدولية، سواء حاليًا أو في أي وقت لاحق، بل يبقى محكومًا دومًا بإرادة السوريين المتجسدة بانتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دوليًا”.
كما أكدت المبادئ على “وحدة سوريا وصون حرية الرأي بالدستور الذي تصوغه هيئة تأسيسية من ذوي الاختصاصات والخبرة والكفاءة، منتخبة أو منبثقة من هيئة منتخبة، ولا يتم إقراره إلا بعد عملية استفتاء شعبي حرة ونزيهة”.
وخلال الاجتماع قال مؤسس “تيار بناء الدولة”، لؤي حسين، إن الخطوة جاءت في ضوء “المتغيرات الجديدة في بلدنا.. الحرب على السلطة انتهت، وهناك حرب على الإرهاب فقط”.
وأضاف المعارض السوري “اجتماع أستانة أثبت أنه قادر على إيقاف إطلاق النار، ومحادثات جنيف في 20 الجاري قد تؤسس لانتهاء الأزمة السورية، ونحن ندعمها لتنفيذ القرار 2254 للدخول في عملية انتقالية تشارك فيها شخصيات الموالاة والمعارضة، وتكون مهمتها تهيئة البلاد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة”.
وأشار حسين إلى أن “الكتلة لم تدع إلى جنيف لكننا سنحضر ونشكل لوبي هناك، ونحن بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي للخروج من الدمار”.
اجتماع الأطراف الضامنة
وبهدف نجاح المفاوضات، اجتمعت الأطراف الضامنة (روسيا، تركيا، إيران) لـ “التسوية السورية” في أستانة، الاثنين الماضي، واستمر الاجتماع ست ساعات لبحث وقف إطلاق نار في سوريا، وتثبيت آلية للمراقبة.
ونقل موقع “روسيا اليوم” الاثنين 6 شباط، عن مصدر دبلوماسي في الاجتماع أن روسيا وتركيا وإيران تمكنوا من “تنسيق آلية الرقابة على وقف إطلاق النار في سوريا بنسبة 90%”.
وأضاف أن “الجانبين التركي والإيراني طلبا مزيدًا من الوقت لتنسيق تفاصيل الاتفاقات مع القيادة في أنقرة وطهران عبر القنوات الدبلوماسية”، موضحًا “الحديث يدور ليس عن خلافات جوهرية، بل عن التلاعب بالكلام”.
وخلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف أن “اجتماع أستانة على مستوى الخبراء خطوة تمهيدية تهدف إلى تفعيل الحوار بين السوريين، بما في ذلك وضع دستور سوري جديد”.
الملفت في الاجتماع هو مشاركة الأردن لأول مرة، بهدف ضمان دخول فصائل الجبهة الجنوبية في سوريا إلى التهدئة، ومحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” وجبهة “فتح الشام”.
“أستانة 2″ هذا الأسبوع
اجتماع الأطراف الضامنة مهّد لإعادة وفدي النظام وفصائل المعارضة إلى طاولة المحادثات في “أستانة 2″، يومي الأربعاء والخميس المقبلين لخوض جولة جديدة.
ودعت كازاخستان مندوب الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، ووفدي النظام وفصائل المعارضة السورية لحضور المحادثات إلى جانب الأردن وأمريكا كصفة مراقب.
وذكرت وزارة الخارجية الكازاخستانية، بحسب وكالة “رويترز” السبت، أنه “سيبحث خلال الاجتماعات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، واتخاذ إجراءات لفرض الاستقرار في مناطق معينة، وإقرار قواعد لمجموعة عمل مشتركة، والاتفاق على تدابير أخرى لتثبيت وقف إطلاق النار”.
وفي ضوء انعقاد “أستانة 2″ و”جنيف 4″، يقلّل السوريون على الأرض من إمكانية إحداث خرق سياسي كبير، في مسار التسوية السورية، خاصةً مع الخروقات المستمرة لوقف إطلاق النار، في عدة مناطق أبرزها حي الوعر المحاصر في حمص.