إدلب – طارق أبو زياد
منذ بدايتها، اعتادت هدنة البلدات الأربع، كفريا والفوعة مقابل الزبداني ومضايا، على الخروقات المتواصلة، والقصف المتبادل، الذي لا يكاد يتوقف لفترات وجيزة حتى يُستأنف ليتبعه الردّ من الطرف المقابل.
وتخضع البلدات لاتفاق بين النظام السوري و”حزب الله” اللذين يحاصران مضايا والزبداني في دمشق، وبين “جيش الفتح” الذي يحيط ببلدتي كفريا والفوعة في إدلب، لتحييد هذه البلدات عن الأعمال العسكرية، منذ نهاية عام 2015.
ولا يمكن الجزم أن قوات الأسد تخرق الهدنة فقط، رغم أن أغلب الخروقات من طرفه، إلا أن “جيش الفتح” يخرقها أيضًا، ما يجعل الاتهامات متبادلة بشكل دائم.
متى تقصف الفوعة؟
عبد الرحمن الإدلبي أحد المقاتلين في صفوف “جيش الفتح”، والمتمركز على خطوط تماس بلدتي كفريا والفوعة، تحدث لعنب بلدي عن السيناريوهات التي يتم فيها قصف ثكنات قوات الأسد والميليشيات الشيعية في البلدتين.
هناك حالتان رئيسيتان للقصف من قبل “جيش الفتح”، بحسب الإدلبي، ولكل حالة أهدافها وأسبابها.
الأولى والأكثر شيوعًا هي عندما تقصف طائرات الأسد وروسيا المدن المحيطة في البلدتين، ينسق جيش الفتح بين الفصائل المرابطة للرد على هذا الخرق لعدة أسباب، من بينها “ألا تمرّ عمليات قوات الأسد دون أي رد، ولتخفيف معاناة الأهالي والاحتقان الموجود لديهم أثناء تعرضهم للقصف… فعدم الردّ وقعه كبير عند المدنيين”.
وأضاف المقاتل “يكون هدف القصف نقاط التماس التي تتمركز فيها قوات الأسد وميليشياته، وتتناسب الكمية التي يتم قصفها مع شدة القصف الجوي.
أما الحالة الثانية، فهي قصف البلدتين من قبل فصيل في المعارضة، دون تنسيق مع “جيش الفتح”، وبشكل عشوائي لأهداف متعددة، منها لإسكات الاتهامات الموجهة من قبل الأهالي حول أن الفصائل المتمركزة هي لحماية الفوعة، وأحيانًا لتجربة قذائف جديدة، وربما في بعض الأحيان دون سبب أو هدف واضح، بحسب الإدلبي، الذي يقول إن “جيش الفتح يسعى لضبط العملية بشتى الوسائل”.
وأوضح المقاتل أن القذائف التي يتم استخدامها للقصف غالبًا ما تكون محلية الصنع كقذائف الهاون، ومدفع جهنم، وصواريخ الفيل، مشيرًا في بعض الحالات أنه يتم استخدام راجمات صواريخ الغراد ومدفع “130” الميداني.
استياء في مضايا
أسامة عبد الرحمن ناشط مدني من بلدة مضايا المحاصرة بريف دمشق تحدث لعنب بلدي عن “المعاناة الكبيرة والاستياء الذي يشكو منه أهالي البلدة المحاصرة، بسبب قصف قريتي كفريا والفوعة”.
يقول الشاب “المساحة الجغرافية المحاصرة في مضايا صغيرة جدًا، مقارنة بالمساحات الكبيرة التي تمتلكها بلدتا كفريا والفوعة، ما يجعل الحصار خانقًا بشكل أكبر، وبسهولة يمكن أن تفرض القناصة وحدها حظرًا للتجول داخل البلدة، كما يسيطر النظام على كافة الجبال المرتفعة جدًا والمطلة بشكل مباشر على البلدة”.
وأوضح أن “قوات الأسد وميليشياته تمتلك سلاحًا ثقيلًا وغير مصنع محليًا، فالقذائف مؤثرة جدًا وتؤدي إلى دمار كبير في منازل المدنيين، على عكس ما يملكه جيش الفتح من قذائف مصنعة محليًا وغير مؤثرة كما هي عند الأسد، إضافةً إلى الحقد الكبير في حال قصف المدينة، ففي حال نزول قذيفة محلية على الفوعة، يقابلها عدد من القذائف الصاروخية من المدافع 122 و130 على بلدة مضايا”.
رسالة من مضايا لـ “جيش الفتح“
وخلال حديثنا مع الشاب أسامة، وجه رسالة من أهالي مضايا إلى كل من يستطيع المساعدة، أن تضبط العمليات العسكرية في محيط الفوعة، معتبرًا أن “اللهو العبثي والتصرفات غير المحسوبة تعني الكثير في مناطقنا ولها عواقب كبيرة”.
وأضاف عبد الرحمن “المحاصر لديه القليل من الممتلكات الثمينة، فالقصف يتلف ما لا نملك بديله، الشمس هي مصدر طاقتنا الوحيد، نتدفأ بها ونطبخ عليها، وعند التوتر نحرم منها ونجلس في ملاجىء باردة… إذا خزق نايلو الشباك في منزلي لا يمكنني إصلاحه لأننا لا نملك لاصقًا أو بديلًا، وإن وضعت بطانية في مكانه فسأحرم من الضوء وأشعة الشمس في ظل غياب الكهرباء”.
وتابع الشاب “أهالي مضايا لا يطالبون بشيء من الرفاهية، حلمهم الوحيد طعام ودفء وأمن… لم نصلِ الجمعة في المساجد منذ حوالي شهرين، وأطفالنا بدون مدارس، والوضع مأساوي جدًا”.
أثناء إعداد هذا التقرير، أفادنا ماجد الحموي، الناشط الإعلامي في إدلب، أنه “كحلّ مستعجل تم إنشاء قنوات تواصل بين الناشطين في مضايا وإدلب، كي يتم إعلام أهالي مضايا بالمستجدات بشكل مستعجل كي يأخذوا حذرهم عند قصف الفوعة وكفريا”.