قبل أن تصدأ بنادق الجنوب.. ما الحل لإشعال الجبهات؟

  • 2017/02/05
  • 3:20 ص
مقاتلون في المعارضة السورية يقودون دبابة في مدينة درعا 3 كانون الأول 2016 (محمد أبازيد- AFP)

مقاتلون في المعارضة السورية يقودون دبابة في مدينة درعا 3 كانون الأول 2016 (محمد أبازيد- AFP)

 درعا – عنب بلدي

دخلت الجبهة الجنوبية للمعارضة المسلحة في حالة تخبط وجمود عسكري، بعد فشلها في معركةعاصفة الجنوب، التي أطلقتها في حزيران وتموز من عام 2015، لتعيش حالة من الهدوء وصلت إلى درجة تشبيهها بالهدنة والاستسلام للنظام السوري.

ورغم إطلاقها لعدد من المعارك، إلا أن النكسات والهزائم أصابتها جميعها، فما إن تبدأ المعركة حتى تنتهي خلال ساعات قليلة دون أي نتائج، ما بات يطرح السؤال عن الواقع الذي تعيشه الجبهة الجنوبية عسكريًا، وهل من حلول لإعادة عجلتها للدوران من جديد؟

معارك دون أهداف

“صد البغاة”، و”قادسية الجنوب”، و”مجاهدون حتى النصر”، هي أسماء لبضع معارك شنتها “الجبهة الجنوبية”، المنضوية في “الجيش الحر”، خلال الفترات الماضية، وتوزعت في مناطق مختلفة على جبهات درعا والقنيطرة، لكنها انتهت دون تحقيق أي أهداف، وبفاتورة عالية من القتلى والجرحى، فباتت الجبهة الجنوبية تترنح بين الهدوء والهزيمة.

عنب بلدي توجّهت بالسؤال إلى طارق أبو الزين، الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات إزرع التابعة للجبهة الجنوبية، عن الحالة التي تلازم جبهات الجنوب اليوم، فعلّل أن المعارك الأخيرة اصطدمت بأهداف حساسة لم تعتد فصائل الجبهة الجنوبية على مواجهتها.

وقال الناطق “شهدت درعا في بدايات عملياتها العسكرية معارك تحرير واسعة، لكن المتابع للوضع بدقة يعلم أن الثكنات التي تم تحريرها كانت هشة وضعيفة، بحكم استهدافها وقطع طرق الإمداد عنها، كما حدث في اللواء 138 مثلًا”.

أما الأهداف الجديدة التي توقفت المعارك على أبوابها، فهي بحاجة لفكر عسكري على مستوى الإدارة، بحسب أبو الزين، الذي أضاف “معظم المعارك اعتمدت على قادة اكتسبوا خبراتهم من الثورة، وليس أصحاب اختصاص عسكري، وهو ما يعتبر من أهم أسباب هذه الهزائم”.

“المعارك الأخيرة حملت نتائج كارثية في أعداد الشهداء”، بحسب الناطق، ضاربًا مثالًا بما حصل في عاصفة الجنوب وفتح طريق بيت جن، “فكانت معارك عديمة التخطيط والإدارة وشكلت نوعًا من الرهاب العسكري والخوف من الفشل مرة أخرى، وهو ما وضع الجبهة الجنوبية أمام حالة لوم من الإعلام والشارع الثوري في درعا”.

خطوط الدول الحمراء

ويرى أبو الزين أن الجيل الحالي من القادة استنفد خياراته في المعارك السابقة، وبات يرضخ أمام “الخطوط الحمراء” التي تُمنع عنها المعارك، وقال “درعا تكاد تكون أولى المحافظات في الخطوط الحمراء من الخارج، فمُنعت من معارك تستهدف تحرير إزرع أو قطع الأوتوستراد الدولي مثلًا”.

وتنسّق الجبهة الجنوبية مع غرفة “الموك” لتنسيق الدعم في الأردن، وهي المنبثقة عن مجموعة دول أصدقاء سوريا، وأبرزها الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، والسعودية، وتركيا.

واعتبر الناطق أن “معيار اختيار القادة اليوم، بات يعتمد على مدى رضا الدول الخارجية عنهم، دون أي اعتبار للتخصصات العسكرية أو الخبرات القتالية”.

ولم يغفل “الأثر السلبي” الذي سببه ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” في الجنوب، “فكان له دور في تصفية عدد من القيادات العسكرية، ممن كان لهم باع طويل في المعارك، كما تسبب بحربي استنزاف للفصائل في حوش حماد، وحوض اليرموك”.

ما الحلول؟

جملة هذه الأسباب أوصلت جبهات الجنوب إلى ركودها اليوم، وتستلزم إجراءات جادة لإعادتها للحياة من جديد، تبدأ بإعادة هيكلة الفصائل كخطوة أولى، بحسب أبو الزين، “فيجب أن يُجمع السلاح الثقيل والسلاح النوعي تحت قيادة واحدة تتولى إدارة المعارك”.

ويطمح القيادي أن تحظى الهيكلة الجديدة بإشراف من قبل ضباط مختصين، ويجب عليها امتلاك الوعي الكامل بمخاطر هدوء الجبهات، التي تتزامن مع تقدم المشروع الروسي- الإيراني على الأرض، وأن تتخلص من القرار الخارجي، منطلقة بقرارها العسكري من معاناة الشعب في الداخل، وما تفرضه الوقائع العسكرية على الأرض فقط.

هذه الخطوات العسكرية، يجب أن تتزامن مع خطوات إعلامية، حذّر أبو زين من اتباعها أسلوب “الهجمات الإعلامية”، داعيًا إلى اتباع أسلوب “الحملات التوعوية”، التي يجب أن تركز على “أهمية العمليات العسكرية في الجنوب السوري، بما تمثله من ثقل للنظام، وتوجيه الأنظار نحو العمليات العسكرية النوعية، التي من شأنها قصم ظهر النظام، كإعادة تحرير خربة غزالة”.

كما طالب من الإعلام “الحض على إعطاء المهام إلى أصحابها”، عبر منح الثقة للضباط المنشقين ذوي الخبرة والاختصاص.

وتتجاوز الخطوات الواجب اتخاذها، الجبهة الجنوبية بحد ذاتها، فيرى أبو الزين أن “ضعف التنسيق العسكري بين الجبهة الجنوبية وبقية جبهات سوريا، جعلها بعيدة عن التطورات العسكرية في باقي المحافظات، وحتى إنها باتت بعيدة عن تداعيات المعاناة والتهجير التي عاشها أهلنا في المحافظات الأخرى”.

كيف ينظر المدنيون لواقع العسكر؟

على الجانب الآخر، لا يبدو أن الأوساط المدنية والأهلية في درعا متفقة على الوضع العسكري الذي تعيشه جبهاتها، فتناقضت الآراء بين الموافق على الهدوء الحالي، وبين المحذر منه.

عنب بلدي استطلعت آراء عدد من المواطنين، فاعتبر أبو إبراهيم المسالمة، أحد أهالي بلدة تل شهاب، أن التهدئة التي تعيشها جبهات الجنوب، أفضل من حالة الحرب العبثية، “ليس حبًا ببقاء الأسد ونظامه في السلطة، ولكن حقنًا للدماء، فقد اتضح منذ معركة تحرير مدينة درعا، أننا غير قادرين على المواجهة العسكرية، ولم نجنِ من كل المعارك السابقة إلا الشهداء والتدمير والتهجير”.

وطالب أبو إبراهيم الفصائل العسكرية التي ترغب بافتتاح أي معركة ضد قوات الأسد بتجاوز أخطاء الماضي أولًا، “إذا لم نتعلم من الهزائم السابقة، ولم نحصل على السلاح النوعي الذي ينقصنا، فالأفضل عدم القيام بأي معركة عبثية، والحفاظ على الهدوء الحالي”.

على الجهة الأخرى، حذّر محمد البركات، من أهالي بلدة صيدا، أن المعارك قادمة إلى درعا بكل تأكيد، وقال إن “المشهد العام في كل سوريا يؤكد أن الأسد يتفرد بالمناطق المحررة، منطقة تلو الأخرى، وبالتأكيد سيأتي الدور على درعا عاجلًا أم آجلًا”.

وطالب البركات الفصائل العسكرية بالاستعجال بالمواجهة، “علينا أن نبادر في استكمال معارك التحرير، قبل أن تفعل قوات الأسد ذلك وتسلبنا ما تم تحريره”.

إعادة الحياة إلى جبهات الجنوب تحتاج إلى القرار فقط، بحسب البركات، موضحًا “يبدو أن غياب القرار هو العائق الوحيد، فالقوة العسكرية والخبرات موجودة، والحاضنة الشعبية ستقف بجانب الفصائل بكل تأكيد، لذلك ينقصنا القرار لإعادة معارك التحرير من جديد”.

مع قرب انتهاء قوات الأسد، من السيطرة على معظم ريف دمشق، وسيطرتها على مدينة حلب في وقت سابق، ومع محاولاتها المستمرة لتهجير البلدات المحاصرة في ريف درعا الشمالي، بات السؤال الملح الذي يطرح نفسه اليوم، ما الذي تنتظره الفصائل العسكرية في الجنوب السوري؟

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا