عنب بلدي – الغوطة الشرقية
تفرّق الطفلان الأخوان سامر وحمزة اللحام، بعد وفاة والديهما، ليعيش كلٌ منهما في كنف جدةٍ بعيدين عن بعضهما، إلى أن جمعتهما دار “دوحة أمل“، التي افتتحت أبوابها، الثلاثاء 31 كانون الثاني، بدعم من هيئة الإغاثة الإنسانية التركية “IHH“، وتنفيذ مؤسسة “عدالة” في الغوطة الشرقية.
تشرح الجدة هدية الزيبق لعنب بلدي قصة سامر وحمزة (7 و 9 سنوات)، وهما الباقيان من عائلتهما “الفقيرة” التي تعيش في مدينة زملكا، بعد أن توفيت والدتهما بنزيف حاد خلال الولادة، بينما قتل والدهم وأخواهما إثر سقوط قذيفة على المنزل، بعد أشهر من وفاة الأم.
“نجا الطفلان بقدرة الله وقررنا توزيعهما بين والدي الأب والأم”، تضيف الزيبق لافتةً إلى أنهما كان يجتمعان أسبوعيًا وربما تطول المدة أكثر من ذلك، “حتى أنشأ أهل الخير (دوحة أمل) ما سمح بأن يعيش الأخوان معًا إلى أن يشاء الله”.
أبواب “الدوحة” تُفتح
بدأت مؤسسة “عدالة” عملها عام 2012، ولها مكتبان في الغوطة الشرقية وبلدة الريحانية في تركيا، وتُعنى بالمشاريع الإغاثية والتنموية، ومشاريع الدعم النفسي والطبي، ويصفها القائمون عليها، بالمؤسسة الإنسانية التي تعنى بكافة خدمات المجتمع. |
افتتحت دار “دوحة أمل” أبوابها في بلدة مسرابا، بحضور عدد من فعاليات الغوطة المدنية والشخصيات التربوية، وتخلل الافتتاح مداخلات وجهت إلى مهندس المشروع والقائمين على مشاريع المؤسسة، وفق علاء جعفر، مدير مشاريع مؤسسة “عدالة”.
تضم الدار مسكنًا لرعاية الأيتام، ومدرسة داخلية وقاعة ألعاب، ليعيش داخلها الأيتام على مدار أيام الأسبوع، ويوضح جعفر أنها تضم فاقدي الأبوين الذين يعيشون مع أقربائهم، “وهناك حالات خاصة لأطفال تزوجت أمهم وتركتهم”.
وكما المقصد من اسم “دوحة” بأنها الشجرة العظيمة التي لها فروع يستظل بظلها، جاءت فكرة تسمية الدار من هذا المنطلق، وفق مدير المشاريع، ويقول إن اختيار مسرابا جاء لأنها تقع وسط الغوطة بين قطاع دوما والمرج والقطاع الأوسط، وهذا ما يُسهّل على القادمين من المرج وعربين الوصول إليها، كما أنها هادئة نسبيًا عن غيرها من البلدات.
طابقان وقبو بمساحة 300 متر مربع لكل شقة، ونظام تربوي متكامل “وليس ميتمًا”، كما يؤكد جعفر، طابق سكني (خمس غرف وتجهيزات كاملة للنظافة والطبخ) وآخر للدراسة، بينما يضم القبو ألعابًا ترفيهية، جميعها مجهزة بنظامي حريق ومراقبة، مع وجود ست مربيات، خبيرات في التعامل مع الأطفال، ثلاث منهن يناوبن على مدار اليوم، وفق جعفر.
يضم طابق المدرسة ثلاث قاعات دراسية، تشمل الصفوف الأول والثاني والثالث، وقاعة للمعلوماتية، إضافة إلى غرفة شؤون إدارية، ومصلى، وباحة، ومستوصف، وغرفة وسائل تعليمية، وبوفيه، وصالون لاستقبال أهالي الطلاب، الذين يمكنهم زيارة الدار في أي وقت، كما يعود التلميذ اليتيم إلى أقربائه أو أهله يومي الخميس والجمعة.
لا ينام الأيتام يوميًا داخل الدار حاليًا، كما يلفت مدير مشاريع “عدالة”، عازيًا السبب “كي لا يختلف عليهم الجو وينعزلوا عن المجتمع، ولذلك سنتعامل مع الأمر بشكل تدريجي”.
ثلاثون يتيمًا داخل الدار
يتكون كادر “دوحة أمل” من مدير الدار ومدرسين أصحاب شهادات وخبرات، بينما تتراوح أعمار الأيتام الذين تستقبلهم بين سبع و تسع سنوات، ويقول جعفر إنها ستؤوي حاليًا 30 يتيمًا جميعهم ذكور، من ضمن 45 تلميذًا تستقبلهم المدرسة الداخلية، ينام بعضهم في منازلهم، في حين تتسع المدرسة لمئة تلميذ.
“لن يخرج اليتيم من الدار إلى أن يكبر ويستطيع أن يعتمد على نفسه”، وفق جعفر، الذي يرى أن الدار تختلف عن بقية دور الأيتام بتجهيزاتها التي اعتمدت على معايير دولية، إضافة إلى أنها مستمرة في تقديم خدماتها لسنوات طويلة مقبلة.
يدرس التلاميذ منهاج مديرية التريبة في الغوطة، وفق نظام تربوي ضمن المدرسة الداخلية، وصفه جعفر بـ”المتكامل”، وتضم الأيتام من كافة بلدات ومدن الغوطة، ولا تقتصر على منطقة واحدة، كما تتعاون مع المديرية ومدرسة “علم” ومؤسسة “أمجاد التعليمية”، التي تدير بعض المدارس.
بدأ الدوام في المدرسة السبت 4 شباط، وتضم حاليًا 15 يتيمًا كبداية، وتتمنى جدة سامر وحمزة أن تكون ملاذًا آمنًا لحفيديها يعوضهما عما مرّا به خلال العام الماضي، ومنهلًا علميًا جيدًا يقوي مهاراتهما ليكونا فاعلين في مجتمع الغوطة حين يكبران.