عنب بلدي – العدد 86– الأحد 13-10-2013
تعرض الرواية تفاصيل التعذيب الذي كان يتعرض له المعتقلون السياسيون والمعاملة التي كانوا يتلقونها في سجون النظام السوري آنذاك، وتنقل مشاهدات وأحاسيس بطلها الذي أمضى سنين «يتلصص» على سجانيه من خلال ثقب صغير في جدار الزنزانة، إلى أن عُيّن أحد أخواله وزيرًا وأخرجه من السجن «رغمًا عنه»، إذ رفض تقبيل اليد التي سلبت سني شبابه بتوقيع شكر لـ «السيد الرئيس حفظه الله». وتنتهي القصة ببطلها متقوقعًا على نفسه، وسجين ذاته، عاجزًا عن تجاوز «هوة لا يمكن ردمها» بينه وبين الآخرين، وعن التأقلم في قوقعة ثانية «تزاد سماكة وقتامة» عن السجن.
تميل الرواية في أسلوبها إلى السرد وتدوين الذكريات أكثر منها إلى العمل الأدبي؛ فكاتبها يفتتح بالبطل يعرف بنفسه بإيجاز، وبعدها تبدأ الرواية «يوميات متلصص» بالشاب يسرد قصته بتسلسل زمني، لم يعمد خلاله إلى التشويق أو المفاجأة فلم يحاول تأجيل كشف أن المعتقل المتهم بانتمائه لتنظيم الإخوان المسلمين مسيحي، كما لم يتكلف بناء أسلوب يستجدي عطف القارئ، ربما لأن الأحداث وحدها تكفي لتوليد صدمة عنده.
وتختلف الرواية عن غيرها من المؤلفات عن نفس الفترة بأنها تنقل المشاهدات فقط، وليس هدفها إنكار تهمة أو تبرير موقف أو انتماء، ولا تقدم تحليلًا ولا انتقادًا وإنما تقتصر على توصيف متسلسل للأحداث والأشخاص يتخلله تعليقات للمعتقل وافصاح عن مشاعره أحيانًا.
يتشابه بطل الرواية ومؤلفها بأنهما مغتربان في فرنسا من أصل سوري ومن عائلة تدين بالمسيحية، لكليهما توجهات فنية، وكلاهما قضا سنين طويلة في سجون الأسد، كما تتضمن الرواية تقاطعات أخرى كثيرة مع السيرة الذاتية لكاتبها، ما دفعه للتصريح بأنه ليس بطلها، وإنما شخص آخر يعرفه معرفة وثيقة.