جريدة عنب بلدي – العدد 15 – الأحد – 13-6-2012
بعد دخول خطة عنان حيز التنفيذ ووصول بعثة المراقبين إلى سوريا، التي استقبلها النظام السوري بالحفاوة «والتفجير»، لم يتغير شيء على أرض الواقع، العنف ازداد من طرف القوات الأسدية حيث تزداد إحصائيات خرق قوات الأسد للمبادرة، وجل الخروقات تحصل تحت أنظار لجنة المراقبين الدوليين وبذلك يناور النظام السوري لزيادة وتيرة القتل بغطاء دولي اسمه «مبادرة عنان».
وتتناقض ردود الفعل الدولية إزاء موجة العنف التي تشتد يومًا بعد يوم، فأحمد فوزي، المتحدث باسم كوفي عنان صرح بأن خطة السلام لا تزال على «المسار» رغم تقارير انتهاك وقف إطلاق النار، فعن أي مسار يتحدث؟؟!! أمسار «قتل المزيد من السوريين»؟؟ وصرح بأن «أزمةً استمرت أكثر من عام لن تحل في أسبوع!! وهناك مؤشرات للالتزام ولكن ببطء» إذًا فلينتظر الشعب السوري سنوات أخرى. فأحمد فوزي يحاول ترقيع فشل عنان بتصريحاته تلك، ويريد حفظ ماء وجهه من فشل ذريع للمرة الثالثة بعد فشله في البوسنة ورواندا وسيبذل قصارى جهده لتلميع صورته دوليًا وسيسعى «حسب قوله» إلى عدم تكرار المآسي السابقة.
وتبقى مبادرة عنان التي ولدت ميتة مجرد حبر على ورق، فوقف إطلاق النار لم ينفّذ والإفراج عن المعتقلين لم يبصر النور بل يتم اعتقال المئات يوميًا وحرية التظاهر والصحافة غير موجودة أبدًا في قاموس الأسد وشبيحته. يتزامن ذلك مع ازدياد الضغوط الدولية على نظام الأسد حيث فرض الاتحاد الأوروبي المزيد من العقوبات عليه، أما واشنطن فهي مستعدة للعودة إلى مجلس الأمن في حال فشل خطة عنان وصرح البيت الأبيض بأن هناك حاجة ماسة لانتقال سياسي للسلطة في سوريا ولازال يأمل بنجاح خطة عنان ودعا المجتمع الدولي للتحرك لاستصدار قرارات «أخرى» في حال لم تلتزم دمشق، وأحمد فوزي يرد بأن هناك التزامًا جزئيًا ومحدودًا للهدنة!! أما الدول العربية، فلا صوت يسمع لها ولا خبر!! ويبدو أن العقار المخدر الذي حقنته كلينتون للمسؤولين السعوديين في زيارتها الأخيرة كان له بالغ الأثر في إسكات صوت الدول العربية لتكمل هي بدورها الشجب والاستنكار في المحافل الدولية ومنح المزيد من الفرص للأسد ليكمل مسيرة الإجرام.
روبرت مود، رئيس البعثة، التي بلغ عدد أفرادها 156 مراقبًا ويعمل حثيثاً على إكمال نشر 300 مراقب في نهاية الشهر الجاري، أكد وجود حالات خرق للهدنة واستمرار وجود المظاهر العسكرية وبأن وقف إطلاق النار «هش» للغاية وبأن وجود المراقبين له تأثير «مهدئ» في بعض الأماكن المضطربة وطلب من القوات السورية المبادرة لإنهاء العنف إذ يمتلك النظام السوري زمام الأمور لوقف إطلاق النار وبالتالي وقف النزيف السوري فاعتماده على «الحكومة» التي لا تتوانى عن قتل أي شيء حتى تبقى على عرش السلطة. وأقر بأن الحكومة السورية رفضت منح تأشيرات لعدد من المراقبين، فأي اعتماد وأية آمال يعلقها المجتمع الدولي على حكومة غرقت في دماء شعبها وارتكبت مجازر بحق الإنسانية بحسب هيومنرايتسووتش.
ويبقى رهان المجتمع الدولي على نجاح «خطة عنان» على أنها الحل الأخير في سوريا، خطة جعلها العالم بأسره ذريعة لحكومة الأسد للاستمرار بعملية القتل الممنهج والإبادة الجماعية بغطاء دولي في الوقت الذي يراهن فيه الشعب السوري على استمرار التظاهر ويبرهن ذلك بازدياد نقاط التظاهر وزخم المظاهرات كل يوم وتأجج الحراك الثوري في العاصمة دمشق وحلب فالشعب ماضٍ حتى تحقيق كافة أهدافه ويعلم أن خلاصه الوحيد يكمن بإرادته وعزيمته لا بخطابات وتصريحات وإدانات الدول الأخرى.