مشروع لـ
محادثات أستانة انتهت وسيناريوهات ما قبل جنيف بدأت
عنب بلدي – خاص
انتهت محادثات أستانة في 24 من كانون الثاني الجاري، والتي مهدت لها الأطراف الدولية الفاعلة على الساحة السورية طوال الشهرين الماضيين، في مسعى لإيجاد “حل سياسي” بدلًا عن الحل العسكري للوضع السوري.
وفي نهاية الاجتماع، الذي ضم وفدي المعاضة والنظام، خرج البيان الختامي بالتأكيد على “وحدة أراضي سوريا كدولة متعددة الأديان”، إضافة إلى عدم وجود أي حل عسكري لإنهاء الأزمة السورية، كما أعلن عن إقرار تأسيس آلية مشتركة تركية- روسية- إيرانية لمراقبة وقف إطلاق النار، و لـ “مفاوضات سورية -سورية” تتضمن ملفات أمنية.
وبعد ساعات من اللقاء عرضت موسكو نسخةً من مشروع دستور لسوريا، لاقى ردود فعل متباينة، فبينما لم تعترف المعارضة بالمشروع، الذي سلمته إياها موسكو “للاطلاع لا أكثر”، وفق المتحدث باسم وفدها، أسامة أبو زيد، عدّل النظام السوري عليه وأرسله خطيًا إلى روسيا.
أبرز نقاط مشروع “دستور روسيا”
نصت بنود الدستور، الذي حصلت عنب بلدي على النسخة الكاملة منه، على نقل صلاحيات الأسد إلى مجلس الشعب، ورئيس مجلس الوزراء و”جمعية المناطق”، التي تضم ممثلي الإدارات المحلية، و”الحكم الذاتي الكردي”، ومنحها صلاحيات واسعة بتشريع القوانين، بحيث يلعب الرئيس دور “الوسيط” بين السلطات.
في المادة الأولى “تكون الجمهورية السورية دولة مستقلة ذات سيادة وديمقراطية”، وهنا حُذفت كلمة “العربية”، الأمر الذي لاقى استهجانًا من شريحة واسعة من السوريين.
وتكون سوريا وفق المادة نفسها “وطنًا عامًا غير قابل للتجزئة بين مواطنيها”، بينما تضمنت المادة الثانية تحديدًا لشكل طرح الدستور، عبر الاستفتاء العام والتصويت الشعبي، كما لا يجوز شغل أكثر من منصب في الوقت ذاته، على أن تنقل السلطة بطريقة سلمية وديمقراطية وبما يحدده الدستور والقانون.
وأكد المشروع على ضرورة احترام الأديان، وأن تكون اللغة العربية رسمية للدولة، كما تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي اللغتين العربية والكردية، وبالتالي اللغتان العربية والكردية “متساويتان”.
ويعتمد النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، كما يتضمن استنكار سوريا للإرهاب بكافة ظواهره، ويكون قوة قانونية عليا، بينما يضمن أن تكون أراضي سوريا موحدة غير قابلة للتجزئة، ولا يجوز تغيير حدود الدولة إلا بالاستفتاء العام.
ويضم “الدستور الروسي”، ألا تُستخدم الوحدات المسلحة كوسيلة لاضطهاد السوريين، ولا في عملية انتقال السلطة، كما حدد علم النظام السوري الحالي علمًا للبلاد.
لا يمكن لـ”جمعية المناطق” تنحية الرئيس، إلا على أساس اتهامه بالخيانة العظمى، أو تنفيذه جريمة “قاسية”، بناء على قرار المحكمة الدستورية العليا، على أن يتولى رئيس مجلس الوزراء مكانه في حال خلعه، لمدة لا تزيد عن 90 يومًا، ليتولى مهامه بعدها رئيس “الجمعية”.
ونصت المادة 82 على أن “تنتهي مدة ولاية رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء سبع سنوات ميلادية من تاريخ أدائه القسم الدستوري، وله الحق في الترشح مجددًا للمنصب، على أن تسري عليه أحكام الدستور الخاصة بمدة ولايته”.
كما طرح بنودًا حول الاقتصاد والحياة الثقافية والنشاطات الحزبية وقطاعات الدولة، إضافة إلى العقوبات وفق القانون، وتفصيلات أخرى وجاءت جميعها في 85 مادة شملت كامل المشروع.
تعديلات النظام على مشروع “الدستور”
ونشرت صحيفة “الحياة” في 27 كانون الثاني، تعديلات النظام على المشروع، وأبرزها “إعادة سلطة التشريع إلى السيد الرئيس، وإلغاء جمعية المناطق، ومناطق الحكم الذاتي الكردي، إضافة إلى السماح بانتخاب رئيس الجمهورية الحالي (بشار الأسد)، بالترشح لولايتين على التوالي”.
وجاءت تعديلات النظام بعد نفيه وجوده، واقترح سريان مفعول الدستور الحالي للعام 2012، حتى ثلاث سنوات أخرى بدلًا من سنة واحدة وفق “الدستور الروسي”، كما رفض ترتيب جمعية المناطق خلال فترة لا تزيد عن عام واحد من تبني الدستور.
وبينما تناولت المادة 77 المحكمة الدستورية العليا، على أن تضم سبعة أعضاء، اقترح النظام رفع العدد إلى 11 عضوًا مع حذف صلاحية تعيينهم لـ”جمعية المناطق” وإحالتها إلى رئيس الجمهورية لتعيينهم بـ”مرسوم”.
كما طلب النظام حذف كلمات من المادة 78 وجاء في الفقرة الخامسة منها “محاكمة رئيس الجمهورية المعزول في حالة خيانة عظمى أو جريمة قاسية أخرى”، وهنا اقترح حذف آخر ثلاث كلمات، وإعطاء صلاحيات واسعة للرئيس في اقتراح “تعديل الدستور” في المادة 80.
وفي حين نصت المسودة على توسيع صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، حذف النظام الفقرة الثالثة ونصت على أن يكون التعيين لمناصب رئيس مجلس الوزراء وكافة الوزراء تمسكًا بالتمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية لسوريا.
وعدّل النظام على المادة 60 التي نصت على “إخضاع القوات المسلحة لرئيس الجمهورية، ويتولى مهمة القائد الأعلى للقوات والتنظيمات المسلحة”، وحذف فقرة منها والتي تشير إلى أنه “في حالات استثنائية يحيل قرار رئيس الجمهورية إلى جمعية المناطق، للموافقة خلال مدة لا تزيد على يوم واحد، وخلال عمل الطوارئ يتولى مجلس النواب وجمعية المناطق ورئيس الجمهورية مهماتها ولا يجوز حجب الثقة عن مجلس الوزراء”.
وحذف فقرة تتعلق بصلاحيات الرئيس في المادة 55، ونصت على أن “يتولى رئيس الجمهورية مهمة الوساطة بين سلطات الدولة وبين الدولة والمجتمع ويحق له لغرض تسوية الخلافات بين مؤسسات الدولة استخدام الإجراءات التوافقية”، مضيفًا صلاحية “تعيين كبار الموظفين”.
“الدستور الروسي” اشترط أن يكون المرشح إلى منصب رئيس الجمهورية متمًا الأربعين من عمره، وهنا حذف النظام عبارة “متمتعًا بالجنسية السورية”، واقترح “أن يكون سوريًا بالولادة من أبوين سوريين بالولادة”.
وحذف النظام كامل المادة 40، وتضمنت “أن تؤسس جمعية المناطق لتكفل مشاركة ممثلي الوحدات الإدارية في العمل التشريعي وإدارة البلد، وتتكون من ممثلين عنهم، على أن يحدد بالقانون عددهم ووضعهم ومدتهم”.
المادة التاسعة نصت على أن “أراضي سوريا غير قابلة للتفريط”، إلا أن النظام رفض الأمر حاذفًا المادة، واقترح استبدال فقرات من المادة العاشرة، والتي تسمح بإنشاء وحدات مسلحة غير القوات المسلحة الحكومية.
واستبدل النظام كلمة “انتقال” السلطة بكلمة “تداول”، كما حذف الفقرة الثانية من المادة الرابعة، ونصت على أن “تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين”.
ولم تقتصر التعديلات على ما سبق، إلا أن عنب بلدي ذكرت النقاط الأبرز في التعديلات.
“منصة موسكو” في لقاء لافروف: سنشكل فِرقًا لصياغة الدستور
مع تزاحم الأحاديث المتعلقة بالدستور الروسي المقترح لـ”سوريا المقبلة”، اجتمعت “مجموعة موسكو” للمعارضة السورية في 27 كانون الثاني الجاري مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وعبروا عن نيتهم تشكيل فرق معنية لإطلاق العمل على صياغة دستور سوري جديد.
الاجتماع جاء بمشاركة كل من عضو “مجموعة موسكو” للمعارضة السورية، القيادي في “الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير”، قدري جميل، وعضو “مجموعة أستانة” للمعارضة السورية، رئيس “حركة المجتمع التعددي”، رندة قسيس، والعضوين في “مجموعة القاهرة” للمعارضة، جهاد مقدسي وجمال سليمان، والمنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية السورية” والعضو في “الهيئة العليا للمفاوضات”، حسن عبد العظيم، إضافةً إلى رئيس مجموعة “حميميم” للمعارضة إليان مسعد، والعضوين في “حزب التحالف الديمقراطي الكردي السوري” خالد عيسى، وعلي عبد السلام، وزعيم تيار “بناء الدولة” لؤي حسين، وزعيم حزب “الإرادة الشعبية” علاء عرفات.
وفي سياق التصريحات السياسية أعلن وزير الخارجية الروسي، أنه تم تأجيل المفاوضات السورية التي كان من المقرر عقدها في جنيف في الثامن من شباط المقبل، لتجري في نهاية الشهر، ودعا جميع السوريين للاطلاع على مشروع الدستور الروسي لسوريا، قبل انطلاق الجولة الجديدة من المفاوضات في جنيف.
إلا أن بيانًا للأمم المتحدة جاء فور الإعلان الروسي، أوضح أن إرجاء مفاوضات جنيف حول سوريا، الذي أعلنته موسكو، غير مؤكد، مشيرةً إلى أن موفدها الخاص إلى سوريا ستيفان ديميستورا سيزور نيويورك الأسبوع المقبل لبحث هذا الأمر.
بيان الخارجية الروسية الذي تبع اللقاء بين “منصة موسكو” ولافروف أكد على أن”المشاركين في الاجتماع اطلعوا على مشروع الدستور السوري الجديد الذي أعده خبراء روس وعرب، وتم توزيعه من قبل الوفد الروسي في أستانة، وأعربوا عن نيتهم تشكيل فريق عمل لدراسة القضايا المتعلقة بصياغة الدستور(السوري) وتكوين وفد موحد للمعارضة إلى الجولة المقبلة من المفاوضات بين الأطراف السورية في جنيف برعاية الأمم المتحدة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :