"الجيش الحر" يندثر شمال سوريا
“هيئة تحرير الشام” هل تغيّر المعادلة؟
عنب بلدي – خاص
جلب الهجوم الأخير الذي شنته جبهة “فتح الشام“، على فصائل مختلفة شمال سوريا، جملةً من التساؤلات حول مآلات الوضع في المنطقة، في حال استمرار الاقتتال، تزامنًا مع مبايعات وانضمامات بالجملة إلى حركة “أحرار الشام الإسلامية“، ما جعلها قطبًا آخر لمواجهات محتملة مع “الجبهة“، التي حلت نفسها وشكّلت مع فصائل أخرى ما يُسمى بـ“هيئة تحرير الشام“.
وضمّت الهيئة التي أعلن عنها مساء السبت 28 كانون الثاني، كلًا من “فتح الشام، ونور الدين زنكي، وجيش السنة، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين“، بقيادة القيادي في “أحرار الشام” هاشم الشيخ (أبو جابر)، الأمر الذي جاء صادمًا لكثيرين ممن يراقبون الوضع على الساحة السورية.
استمرت المواجهات في مناطق مختلفة من ريف إدلب، وجبل الزاوية خصوصًا، حتى عصر السبت، بينما أعلن “أبو عيسى الشيخ”، قائد ألوية “صقور الشام”، المنضوية حديثًا تحت راية “أحرار الشام”، في تسجيلٍ صوتي اختطاف ولده محمد أحمد من قبل عناصر “الجبهة”.
وجاءت التطورات عقب هجوم لـ”فتح الشام”، مساء الجمعة، وجرى من أربعة محاور، على مقرات “الصقور”، في كل من آثار رويحة، غرب خان السبل، واحسم ودير سنبل، وفركيا، وفق مصادر عنب بلدي في المنطقة.
“أحرار الشام” تطرح رؤية “أخيرة“
حربُ بياناتٍ جرت بين “فتح الشام” والحركة، إذ ذكرت الأخيرة في بيانٍ نشرته مساء الجمعة 27 كانون الثاني، أنها شاركت من خلال قوات فصل في محاولات وقف الاقتتال “إلا أن فتح الشام استمرت بعدوانها ضد عناصر الحركة، دون أي مبرر شرعي وعقلي”، طارحةً رؤية أخيرة “قبل أن يغرق موكب الثورة في قتال لا طاقة لأحد به”.
مبادرة “الأحرار” دعت إلى وقف جميع أشكال الحشد العسكري والاقتتال، واحتواء جميع عناصر الفصائل المنضمة للحركة حديثًا، ودمجهم داخل مكوناتها بشكل كامل “لحفظ المخزون البشري”، إضافة إلى القبول بمبادرة “أهل العلم”، وتنص على دعوة قادة الفصائل في الشمال السوري، لاجتماع عاجل خلال 48 ساعة، ثم تشكيل قيادة موحدة، تضم مجلس شورى أعلى، ولها تمثيل سياسي وعسكري موحد ومرجعية شرعية وقضاء واحد.
الاندماج الكامل يأتي خلال فترة “وجيزة” يحددها مجلس الشورى المُشكّل، بعد أن يعمل على إزالة العقبات التي أحدثتها الأحداث الأخيرة، وفق البيان، على أن يُتّفق مع “فتح الشام” على تشكيل محكمة شرعية تبدأ جلساتها بعد الاتفاق عليها.
وحذّرت الحركة في بيانها من “استمرار الجبهة بالحشد العسكري وتسيير الأرتال نحو مقرات الحركة في جبل الزاوية وغيرها، ورفضها للمبادرة المطروحة”، مؤكدة أنها ستبدأ في “رد الصيال على دماء عناصرها ومقراتها، ويكون وزر وتبعات ذلك على الجبهة التي تسببت بهذا الحال”.
“فتح الشام” ترد
للوقوف على رؤية “فتح الشام” حول الأحداث الجارية، تحدثت عنب بلدي إلى مسؤول التنسيق فيها، موسى الشامي، والذي اعتبر أن نقاط البيان الذي نُشر ظهر السبت “ستحل الأمر بإذن الله تعالى”.
حمل بيان “الجبهة” أوصافًا لما يجري في رؤيتها، وذكر بأن “الساحة الشامية تمر في ترهل عسكري وتشتت سياسي، لعدم تحمل مسؤولية المعركة، وبيع وتضييع ثمرة التضحيات في الخارج بصورة مهينة”، في إشارة إلى محادثات أستانة التي جرت بين النظام والفصائل، برعاية تركيا وروسيا وإيران، وتمخضت عن قتال “فتح الشام” في سوريا.
وبرّرت الجبهة هجومها بأنها “حريصة على تجنب إراقة الدماء من خلال توصياتنا الشديدة لأفرادنا وجنودنا”، نافيةً أن يكون الحل باحتواء الفصائل، “فالحل غير واقعي وفق الأحداث، كما أن الساحة جرّبت تجمعات فصائلية ثبت فشلها أكثر من مرة”.
وفق رؤية “فتح الشام” فإن الحل يكمن في “توحيد قرار السلم والحرب، ووضع المقدرات المادية والبشرية تحت قيادة عسكرية موحدة، تذوب فيها أغلب الفصائل والتجمعات في كيان حقيقي وتحت قيادة أمير واحد، ضمن جدول زمني يتناسب ووضع الساحة، وضوابط وآليات لتحقيقه على الأرض، بمتابعة أهل العلم”.
ووفق ما تحدثت مصادر مطلعة لعنب بلدي، فإن “أبو محمد الجولاني”، المسؤول العام عن “فتح الشام”، اقترح خلال اجتماعات دراسة الاندماج قبل شهرين، أن يكون قائدًا عسكريًا لكيان واحد مع باقي الفصائل، على أن يتسلم العتاد العسكري الذي تملكه، وهذا أحد الأسباب الرئيسية لرفض الاندماج مع “الجبهة”.
وأكدت المصادر أن اعتراض “الأحرار” على الطرح، جاء من مبدأ أنها اعتبرت ما طلبه الجولاني يأتي من “ثقافة التغلب”، أي بمعى الهيمنة العسكرية على الشمال السوري.
“فتح الشام” لا تعمل وحدها
بعد تشكيل هيئة “تحرير الشام”، بقيادة “أبو جابر”، لن تعمل “الجبهة” وحدها، ووفق مصادر عنب بلدي، فإن جزءًا واسعًا من “أحرار الشام”، سيكون داخل التشكيل الجديد، وإن قيادة الشيخ له “يأتي بمثابة انشقاق جيش الأحرار عن الحركة”.
مواجهات “فتح الشام” قبل الاندماج ضد فصائل الشمال، جرت بمشاركة عناصر من “الحزب التركستاني”، و”جند الأقصى”، رغم أنها ألغت اعترافها بمبايعته.
ففي السادس والعشرين من كانون الثاني الجاري، شارك عناصر من “الحزب التركستاني” مع عناصر “الجبهة” في الهجوم على مقرات “جيش الإسلام” في بلدة سرمدا، ووفق مصادر عنب بلدي، فإن عناصر من “جند الأقصى”، ومقرهم الرئيسي بلدة معرزيتا في ريف إدلب الجنوبي، حملوا أعلام ورايات فتح الشام وساندوها في قتالها ضد الفصائل.
مشاركة “جند الأقصى” أكدها عشرات الناشطين و”الجهاديين”، ومنهم صالح الحموي، القيادي السابق في “فتح الشام”، صاحب حساب “أس الصراع في الشام” في “تويتر”، وقال إن “الجند شاركوا في الهجوم على سجن إدلب المركزي، بهدف إخراج الأسرى الدواعش منه وكله بغطاء فتح الشام”.
وتدير “الجبهة” السجن بعد أن شنّت هجومًا عليه الأربعاء 25 كانون الثاني، والذي توقّف بعد الاتفاق على أن تتسلم إدارة “جيش الفتح” أمور السجن، إلا أنها رفضت الاتفاق بعد خروج إدارته، وفق تصريحات نقلها عضو الإدارة، أكرم عاصي، لعنب بلدي.
تتضاءل فرص استمرار فصائل “الجيش الحر”، التي أصبحت مهددة بالاندثار، وخاصة بعد انحلال فصائل كبرى ضمن “الأحرار”، وأبرزها: “جيش الإسلام (قطاع إدلب)، وألوية صقور الشام، وكتائب ثوار الشام، والجبهة الشامية (قطاع حلب الغربي)، وجيش المجاهدين، وتجمع فاستقم كما أمرت”، وكتائب وسرايا مختلفة أخرى.
ويتحدث مراقبون عن أن انضمام الفصائل للحركة، و”انشقاق” جزء منها ليعمل إلى جانب “فتح الشام” ضمن “الهيئة”، سيجعل من المنطقة ساحة لحرب واسعة ربما تشهدها المنطقة، رغم إعلان قائد التشكيل الجديد، وقف إطلاق النار ضد الفصائل الأخرى، وسط غموض يكتنف المجريات التي ستشهدها الأيام المقبلة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :