ينحدر لاعبون ونجومٌ في كرة القدم من بلاد المنتخبات الإفريقية المشاركة في كأس أمم إفريقيا، المقامة حاليًا في الغابون، لكنهم لا يبدعون في البطولة القارية ولا يرفعون اسم بلادهم، وربما لم يسبق لهم أن لعبوا في بلادهم الأصلية، أو لم يعيشوا فيها.
بحسب قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، يسمح للاعبين مزدوجي الجنسية المشاركة مع أي منتخب يحملون جنسيته، ولا يلزم الفيفا اللاعب بالمشاركة مع منتخب بلده الأساسي، ولكن في حال مشاركته بمباراة دولية مع أي منتخب، يحظر مشاركته مع أي منتخب آخر يحمل جنسيته.
هذا القانون سمح للعديد من اللاعبين أن يفضلوا البقاء في عالم الشهرة والأضواء والمال، على العودة إلى منتخبات بلادهم التي تقتصر مشاركتها على نطاق محدود، لا تتعدى الأدوار الأولى ربما.
في كأس أمم إفريقيا نرى خليطًا من الفرق الأوروبية الكبيرة ولكن بأسماء أخرى، فمثلًا منتخبات غانا والكاميرون يشكلون خليطًا مميزًا من أفضل نوادي الدوري الإسباني والإيطالي والإنكليزي والفرنسي، حيث تختلط ثقافة كرة القدم الأوروبية بصلابة وقوة اللاعبين الأفارقة، ما يجعل منتخبات بلادهم الثانية التي يحملون جنسيتها يسعون غالبًا وراء إغرائهم للعب فيها، وهذا ما كان جليًا في المنتخب الفرنسي والبرتغالي في يورو فرنسا، حين شاهدنا منتخبًا فرنسيًا قوامه من اللاعبين ذوي البشرة السمراء الذي أصبحوا الأفضل في العالم بعد ظهورهم في اليورو، كأمثال بول بوغبا.
ويفضل العديد من النجوم ذوي البشرة السمراء والذين ينحدرون من أصولٍ إفريقية البقاء في نعيم الكرة الأوروبية، سواء كانوا قد ولدوا في بلدان إفريقية، وقدموا مع عائلاتهم إلى أوروبا، أو في الأساس ولدوا في بلدانهم الأوروبية، وفي هذا التقرير نسلّط الضوء على عدد من اللاعبين ذوي الأصول الإفريقية، الذين لولا مشاركتهم مع منتخباتهم الأوروبية، لكان من الممكن أن نراهم في أمم إفريقيا 2017.
إيدر (البرتغال – غينيا بيساو)
إيدر هو المهاجم البرتغالي، الذي سجل اسمه بالذهب في تاريخ المنتخب البرتغالي، وبطولات أمم أوروبا، بتسجيله هدف الحسم الذي حقق به منتخب البرتغال لقب يورو 2016، على حساب منتخب فرنسا، في المباراة النهائية، في البطولة الأولى أوروبيًا في تاريخ البرتغال.
إيدرزيتو أنتونيو، المولود في دولة غينيا بيساو الإفريقية، يبلغ من العمر 29 عامًا، انتقل مع عائلته في سن صغير إلى البرتغال، والتحق في مراحل الناشئين بنادي أداميا، ثم انتقل لعدة أندية من بينها براغا البرتغالي، وسوانزي في الدوري الإنكليزي، إلى أن استقر حاليًا مع نادي ليل الفرنسي.
شارك مع المنتخب البرتغالي لأول مرة عام 2012، ويعد هدفه الرسمي الوحيد هو الذي سجله في نهائي يورو 2017، البطولة التي شهدت تسجيل اسم النجم ذي الأصول الإفريقية، في سجلاتها، رغم عدم مشاركته سوى في 13 دقيقة فقط خلال مباراتين في دور المجموعات، وكانت مشاركته الأكبر في المباراة النهائية بـ 41 دقيقة فقط.
لولا مشاركة إيدر مع منتخب البرتغال الأول، لكان من الممكن أن يشارك في بطولة الأمم الإفريقية 2017 بالغابون، مع منتخب غينيا بيساو، الذي تأهل للمرة الأولى في تاريخه للبطولة.
ستيفان الشعراوي (إيطاليا – مصر)
ستيفان الشعراوي، الفرعون المصري في الملاعب الإيطالية، كما يلقبه البعض، ولد في إيطاليا، لأب مصري وأم إيطالية، ويرجع لقبه “الفرعون” نظرًا لأصوله المصرية.
صاحب الـ24 عامًا، يلعب حاليًا في صفوف نادي روما الإيطالي، بعدما لعب لعدة أندية، إذ كانت بدايته مع جنوى، ثم انتقل إلى ميلان، ثم موناكو الفرنسي، وأخيرًا في روما.
اختار شعراوي تمثيل المنتخبات الإيطالية منذ بداية مسيرته الكروية، إذ لعب لجميع المنتخبات الإيطالية بمختلف المراحل العمرية، بداية من منتخب الناشئين تحت 16 عامًا، إلى أن وصل إلى المنتخب الأول، وسجل مشاركته الأولى أمام إنكلترا في آب 2012.
شارك مع الآزوري في اليورو، واقتصرت مشاركته على مباراة واحدة والتي خسرت فيها إيطاليا أمام إيرلندا، حيث لم يطل مشوار الطليان في البطولة بسبب خروجهم من الدور الأول.
لولا مشاركة ستيفان شعراوي مع منتخب إيطاليا الأول، لكان من الممكن أن نراه في بطولة الأمم الإفريقية في الغابون، بقميص منتخب مصر، الذي يشارك للمرة الـ 23 في البطولة، ويطمح بحصد اللقب الثامن في تاريخه، والذي سيواجه المغرب في مباراة ربع النهائي.
روميلو لوكاكو (بلجيكا – الكونغو الديمقراطية)
ينحدر المهاجم البلجيكي من دولة الكونغو الديمقراطية، ورغم صغر سنه، إلا أنه شارك في عدد كبير من المباريات الدولية مع المنتخب البلجيكي، إذ يبلغ من العمر 23 عامًا، وشارك في 56 مباراة دولية مع المنتخب الأول، وسجل خلالها 22 هدفًا.
لعب لوكاكو لأندية ليرس، وأندرلخت في بلجيكا، ثم انتقل للدوري الإنكليزي، ولعب لأندية تشيلسي، ووست بروميتش، ثم استقر في إيفرتون، وشارك مع منتخب بلجيكا في يورو 2016، في خمس مباريات، وسجل هدفين خلال البطولة.
شقيق روميلو لوكاكو الأصغر، جوردان حذا حذو أخيه أيضًا ويلعب حاليًا في صفوف المنتخب البلجيكي.
وكان لدى الشقيقين فرصة تمثيل بلدهما الأصلي الكونغو الديمقراطية في بطولة الأمم الإفريقية 2017، ولكنهما شاركا بالفعل مع المنتخب البلجيكي.
كانتي (فرنسا – مالي)
رغم حداثة عهده بالانضمام للمنتخب الفرنسي، إلا أن نجولو كانتي، حجز مكانًا أساسيًا في تشكيلة الديوك الفرنسية، فاللاعب الإفريقي ذو الأصول المالية، انضم للمنتخب الفرنسي في أيار الماضي، بعد تألقه مع فريقه السابق ليستر سيتي، في موسم شهد تتويج الأخير بلقب الدوري الإنكليزي في سابقة تاريخية.
كانتي صاحب الـ24 عامًا، خاض 13 مباراة دولية مع منتخب فرنسا، أبرزها أربع مباريات خلال بطولة يورو 2016، وساهم مع زملائه، في وصول المنتخب الفرنسي للمباراة النهائية، التي خسروها أمام البرتغال.
يلعب النجم المالي الفرنسي حاليًا في صفوف تشيلسي الإنكليزي، وبدأ مسيرته مع نادي بولتون الفرنسي، ثم انتقل إلى نادي كان، ومنه إلى ليستر سيتي، قبل أن ينضم لصفوف تشيلسي مطلع هذا الموسم، ويعد من أصحاب أعلى نسبة تمريرات قصيرة في العالم.
وكان من الممكن أيضًا أن يشارك النجم الفرنسي، مع منتخب مالي في أمم إفريقيا 2017، ليسجل مشاركته الأولى مع بلده الأصلي، في عاشر مشاركاته في البطولة الإفريقية.
عادل رامي (فرنسا – المغرب)
كما يعدّ عادل رامي من أبرز النجوم الأفارقة في أوروبا، والذي انتقل قبل فترة غير بعيدة إلى المنتخب الفرنسي لكرة القدم، ويلعب المغربي الفرنسي في نادي إشبيلية الفائز عدة مرات بالدوري الأوروبي، ويعتبر رامي بالنسبة لمنتخب فرنسا بمثابة موهبة دفاعية متعدِّدة.
وتطول القائمة لتصل إلى 11 لاعبًا إفريقيًا، وصلوا مع فرنسا إلى المباراة النهائية في اليورو، ما يعني أنه كان من الممكن تمثيل المنتخب الفرنسي بمنتخب إفريقي مزيج آخر، يشمل لاعبين في جميع مراكز كرة القدم، من حراسة المرمى إلى خط الهجوم ممثل بول بوغبا وكانتي وسوسوكو، إضافة إلى حارس المرمى الكونغولي ستيف ماندادا، في مقابل ثلاثة لاعبين من أصول إفريقية لعبوا في صفوف البرتغال في النهائي الأوروبي.
وفي كلمة معبرة عن سبب ابتعاد اللاعبين عن منتخباتهم الأصلية وتمثيلهم لبلدان بديلة، يقول المدرب مارك فيلموتس عن مروان فيلاني اللاعب البلجيكي الذي ينحدر من أصول مغربية، إن رسالة فيلاني أكبر من تمثيل بلجيكا وأكبر من أمم أوروبا، ولكن “جميع اللاعبين الذين يعيشون في الخارج لا يجتمعون هنا بسبب المال، بل لأنَّهم يعيشون القِيَم التالية، التضامن والصدق والاحترام”.