أبو عبدو شبيح في مخفر ركن الدين ..

  • 2013/10/06
  • 2:57 ص

جودي سلام – عنب بلدي

«الشرطة في خدمة الشعب» مقولة تشربناها منذ الصغر، عبر شاشات التلفزيون الرسمي، وقرأناها على جدران مراكز الشرطة.

تحقيقنا الصحفي عن أحد عناصر الشرطة في مخفر ركن الدين وسط دمشق أظهر حقائق قد تزعزع ثقة من صدق تلك المقولة بجهاز الشرطة.

تُحول المعتقلات (النساء) بعد مشقة الاعتقال في أي من الأفرع الأمنية إلى القضاء العسكري حيث يمضين ساعات، ثم يودَعن في مخفر ركن الدين إلى حين تحويلهن إلى محكمة الإرهاب في اليوم التالي ومنها إلى سجن عدرا للنساء.

لكن هذه الرحلة إلى مخفر ركن الدين، الذي بات يعرف بمخفر أبو عبدو، ليست نقاهة كما قد يتبادر للبعض، فـ «يوم في مخفر ركن الدين عند أبو عبدو أسوأ من شهر في فرع الجوية» حسب ما تقول سمر، إحدى المعتقلات.

أبو عبدو شرطي من حماه، أسود الشعر، متوسط الطول والسمنة، وذو نظرات «حقيرة». ومعظم المعتقلات اللواتي قابلناهن أكدن أن معاملته كانت أسوأ من معاملة الشبيحة أنفسهم في أفرع الأمن، فهو يمشي على خطاهم في سرقة نقود المعتقلات، واشباع شهواته بهن.

الإقامة في مخفر أبو عبدو تتجاوز كلفتها كلفة الإقامة في الشيراتون أو المريديان، فتسعيرة سندويشة الفلافل عنده تبلغ 1500 ليرة، وأجرة المكالمة الخليوية 2000 ليرة. سهام التي أمضت عشرين ساعة هناك تكلفت 8500 ليرة لقاء مكالمة خليوية وسندويشتين وعلبة كولا.

يبقي أبو عبدو باب النظارة المجاورة لمكتبه مفتوحًا، وينادي المعتقلات واحدة تلو الأخرى، ويبدأ الحديث معهن «بوساخة» وقلة حياء.

تخبرنا المعتقلة مي أنه ناداها لغرفته، وكانت خائفة جدًا، فما من أحد في المخفر سوى أبو عبدو وهؤلاء المعتقلات، حيث سألها عن اعتقالها وعن حياتها، وحين عرف أنها متزوجة ومعتقلة منذ أربعة أشهر، حاول ضمها قائلًا أنها بحاجة للحنان والعطف بعد كل هذه المدة، وهو مستعد لغمرها بكل ذلك.

حاولت مي أن تفلت منه دون أن تصدر صوتًا، كي لا تسمعها باقي المعتقلات، وبعد أن ترجته كثيرًا تركها وكان قد مد مرر يده على جسدها كله، ثم نادى لمعتقلة أخرى، صديقتها عبير.

عندما دخلت عبير غرفته فتح حقيبتها التي تحوي 500 دولار، وسألها عن سبب حملها هذا المبلغ متهمًا إياها بدعم الارهابيين. لم تجب عبير فحاول تقبيلها، فعرضت عليه أن يأخذ كل ما تملك مقابل تركها، فأخد أبو عبدو الدولارات وأفلتها.

أما فاطمة، فقصة أخرى، فهي شابة قوية الشخصية، نادها أبو عبدو ليلًا وحاول أن يضع يده على وجهها، فردت بقوة «دخلت إلى هنا بتهمة تمويل الإرهابيين ولا مانع لدي من أن أبقى بتهمة القتل»، وحين رأى من جرأتها ما رأى أعادها فورًا إلى النظارة.

ونقلت لنا معتقلات أخريات أن بعض الموقوفات في المخفر من «قليلات التربية» كن يقضين الليل بأكمله في غرفة أبو عبدو، وأصوات ضحكاتهن تملأ المكان.

أصبح أبو عبدو المحطة الثانية من الخطة الممنهجة بعد فرع الأمن؛ يسرق الفرع بعضًا من ممتلكات المعتقلات، ويكمل أبو عبدو المهمة ، فيما يبدو كأنه اتفاق مسبق، لتصل المعتقلة صفر اليدين إلى سجن عدرا.

حاولت بعض المعتقلات نقل ما يحصل في مخفر ركن الدين للجيش الحر، الذي قام بتفجير في محيط المخفر صبيحة يوم الأحد 23 من حزيران الماضي. يوم التفجير كان في الزنزانة سبع معتقلات، روت لنا إحداهن ما حصل، «تكسرت أبواب المخفر ونوافذه كلها، وتأهب أبو عبدو خوفًا من اقتحامهم للمخفر، فارتدى حزامًا ناسفًا على خاصرته وصرخ قائلًا بصوت عالٍ «إن حاولوا الاقتراب مني، سأفجر نفسي». مضى التفجير ولم يتأثر أبو عبدو ولا يزال حيًا، ولم يتغير شيء سوى أنه تم إيداع المعتقلات لمدة أسبوع في مخفر باب مصلى ريثما تم إصلاح مخفر ركن الدين وتجهيزه من جديد بعد التفجير.

لطالما توقعنا المعاملة السيئة من رجال الأمن والشبيحة فقط، ورمينا بلوى هذا الوطن على أكتافهم، لكن تبين أن بعض عناصر الشرطة لا يقلون سوءًا عنهم، وأنهم شرطة لنهب الشعب وإهانته لا لحمايته.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع