لاقت نسخة مشروع دستور روسي لسوريا ردود فعل متباينة، واعتبر محللون أن بنوده أعطت بشار الأسد فرصة الحكم لأكثر من عشر سنوات في سوريا.
ونصّت مسودة الدستور الروسي على إلغاء صفة “العربية” عن الدولة السورية، لتصبح “الجمهورية السورية” بدلًا من “الجمهورية العربية السورية”، إضافةً إلى إسقاط بند ديانة رئيس الجمهورية، وكذلك إلغاء بند الإسلام كمصدر رئيسي للتشريع.
كما شملت تغييرات أساسية بمرافق الدولة، فيصبح البنك المركزي “بنكًا وطنيًا” ويستبدل “مجلس الشعب” بـ “جمعية الشعب”، و”جمعية المناطق” بدلًا من الإدارة المحلية.
وتعرض عنب بلدي الدساتير التي مرت على الدولة، منذ عام 1920 حتى عام 2012 الذي شهد آخر دستور، ويعمل بمواده حتى اليوم.
مشروع دستور 1920
جاء بعد إعلان “المملكة السورية العربية” الذي تبع انتخاب المؤتمر السوري العام، بعد انسحاب العثمانيين من سوريا، وكُلّف حينها هاشم الأتاسي على رأس لجنة بصياغته.
ونصت مواده على أن سوريا “ملكية مدنية نيابيّة، عاصمتها دمشق ودين ملكها الإسلام”.
وتركت صلاحيات هذا الدستور لـ “الملك” تشكيل الوزارة من غير أشخاص “الأسرة المالكة”، وجعلها مسؤولة أمام المؤتمر الذي يحقّ له استجوابها، وسحب الثقة منها.
كما حدّ من صلاحيات “الملك” بإلزام أي قرار يتخذه بتوقيع رئيس الوزراء والوزير المختص.
لم يطبق هذا المشروع، إذ اقتصر تطبيقه على 15 يومًا، ولم يحدد كدستور أساسي لسوريا.
دستور 1930
وضع هذا الدستور بعد انتخاب الجمعية التأسيسية في 1928، والتي دعا لانتخابها تاج الدين الحسيني المكلف برئاسة الدولة آنذاك، وانتخب هاشم الأتاسي رئيسًا لها.
وتكونت الجمعية من أعضاء من دولتي دمشق وحلب، دون إشراك دولتي “الدروز” و”العلوية”.
واعتبر سوريا “جمهورية نيابية عاصمتها دمشق ودين رئيسها الإسلام”، وأن “البلاد السوريّة المنفصلة عن الدولة العثمانية هي وحدة سياسيّة لا تتجزأ، ولا عبرة بكل تجزئة طرأت عليها بعد الحرب العالمية”.
ينتخب بموجبه رئيس الجمهورية في مجلس النواب غير أنه ليس مسؤولاً أمامه، وله صلاحية تعيين رئيس الحكومة التي يختار أعضاءها رئيس الحكومة بالتعاون مع الكتل البرلمانية.
حددت ولاية الرئيس بخمس سنوات، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور خمس سنوات على انقضاء رئاسته الأولى.
عدّل هذا الدستور في عام 1947، وأيضًا في 1930 من قبل المفوض الفرنسي هنري بونسو، إذ أضاف إليه المادة 116 التي تنص على “طي المواد التي تتعارض مع صك الانتداب حتى زواله”، وإدخال دولة الدروز والعلوية بالدولة السورية.
كما أعيد تعديله في عام 1948، للسماح لشكري القوتلي بالانتخاب مرة ثانية بعد ولايته الأولى.
دستور 1950
أقر رسميًا في أيلول 1950، وعرف باسم “دستور الاستقلال”، واحتوى بصيغته النهائية على 166 مادة.
من أكثر المواضيع التي احتدم عليها النقاش في هذا الدستور عند طرحه، موضوع إعلان الإسلام دين الدولة أو دين رئيس الدولة.
وانتهى الأمر بالحفاظ على صيغة دستور 1930 بكونه دين رئيس الدولة.
إضافةً إلى وقوف الجيش على الحياد دون التدخل في الحياة السياسية السوريّة.
دستور 1952
جاء بعد الانقلاب الثاني لأديب الشيشكلي عام 1952، إذ عطّل العمل بالدستور السابق، ليصدر دستورًا جديدًا تميّز بأنه شبيه بالنظام الذي يجري العمل عليه في الولايات المتحدة.
ونصّ على إلغاء منصب رئيس الوزراء، إضافةً إلى اعتبار الوزراء مسؤولين أمام رئيس الجمهورية.
وينتخب الرئيس من الشعب بموجب هذا الدستور، ويعتبر رئيسًا للوزراء ويعين الوزراء بدلًا من البرلمان، مع سحب صلاحيتي انتخاب الرئيس ومنح الثقة للحكومة من البرلمان.
دساتير البعث المؤقتة.. أربعة
أصدرت عدة دساتير من قبل “مجلس قيادة الثورة”، مابين ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وأصدر المجلس دستورًا مؤقتًا للبلاد في 1964، ثم عاد وأصدر دستورًا آخر في 1 أيار 1969.
وكان آخر دستور مؤقت أصدره المجلس بعد وصول حافظ الأسد إلى السلطة، في 1971 واستمرّ العمل به حتى 1973.
دستور 1973 الذي وضعه حافظ الأسد أكد على أن أهداف المجتمع السوري هي “الوحدة والحرية والاشتراكية”، وأن البلاد جزء من “اتحاد الجمهوريات العربية”، وأن “الشعب في القطر السوري جزء من الأمة العربية”.
ونصّ على وجوب كون الرئيس “عربيًا سوريًا” باستبعادٍ لبقية مكونات الشعب.
وفيما يخص حزب البعث فيعتبر “محتكرًا” للحياة السياسية، من خلال كونه القائد للدولة والمجتمع، بحسب الدستور.
وأوضح الدستور أن ترشح رئيس الجمهورية للقيادة القطرية لحزب البعث، عن طريق مجلس الشعب، للاستفتاء دون وجود أي مرشح آخر.
صلاحيات رئيس الجمهورية واسعة وشبه مطلقة، فهو رئيس السلطة التنفيذيّة وله سلطة إصدار التشريع منفردًا، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، والمعيّن للمحكمة الدستورية العليا، والقائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة.
عدل هذا الدستور مرتين، المرة الأولى عام 1981 لتغيير شكل علم البلاد.
والمرة الثانية في عام 2000 لتخفيض عمر المرشح للرئاسة من أربعين عامًا إلى 34 عامًا، لتمكين بشار الأسد من الترشح للمنصب خلفًا لوالده.
دستور 2012 الحالي
أعلنه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بعد عام من اندلاع الثورة، معتبرًا أنها “جملة من الإصلاحات” التي طالب بها الشعب.
ونصّ الدستور على اعتبار سوريا “دولة ديمقراطية، ذات سيادة لا يجوز التنازل عن أي جزء من أراضيها”، وأن النظام جمهوري الحكم فيه للشعب.
كما حدد دين رئيس الجمهورية بالإسلام، والفقه الإسلامي كمصدر رئيسي للتشريع.
رئيس الجمهورية بحسب الدستور الحالي هو رئيس السلطة التنفيذيّة، وينتخب لمدة سبع سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة.
واشترط الدستور أن يكون الرئيس سوريًا بالولادة، ومن أبوين سوريين بالولادة، وغير متمتع بأي جنسية أخرى وغير متزوج بغير سورية، وألا يكون قد صدر بحقه حكم قضائي “شائن”.
وأوجب أن يكون المرشح حاصلًا على توقيع 35 نائبًا من مجلس الشعب للترشح.
–